[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
كانت أمامنا أربعة خيارات للسفر للإمارات جوا الاسبوع الماضي، هي الطيران العماني وطيران العربية وطيران فلاي دبي وطيران روتانا، وهذا تحول كان له عدة نتائج ايجابية لصالح المجتمع، ويحمل متغيرات كبرى في الرؤى والمفاهيم الرسمية ـ أو ينبغي أن يكون كذلك - وقد جاء أي التحول ليذكي المطالب الاجتماعية بضرورة الاعتداد بثقل جغرافية بلادنا الجنوبية على كاهل المواطن المالية، وفتحها لتسهيل مصالح المواطنين، وللأسف، لم يأت هذا الاعتداد والتسهيل من الداخل وإنما من الخارج بعد أن دخل منافسون اقليميون أقوياء على خط صلالة دبي صلالة،، المباشر،، لن يتمكن الطيران العماني ومهما ضخينا من أموال عامة لكي يبعدهم عن المنافسة هذه المرة كما نجح سابقا، وهذه المسألة كانت تدعو للاستغراب والغرابة في آن واحد ومعا، وهي تكمن أنه كان من خلال اموال المواطن العامة نحارب كل منافسة شريفة يمكن أن تخدم المواطن نفسه.
وتتجلى لنا حقيقة تلك المفارقة، فيما يحمله ذلك التحول من مسائل لافتة لكل مراقب، فاللافت فيها على وجه الخصوص، تحطيم الأسعار الخيالية، من (120) ريالا عمانيا وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك إبان الاحتكار الكلي إلى ما بين (50-30) ريالا وقد تزيد ريالا أو ريالين في عهد التحرر النسبي من عصر الاحتكار الكلي، واللافت فيها كذلك تحطيم الفترة الزمنية الطويلة للسفر للإمارات بأن الاحتكار الكلي التي قد تستغرق اربع ساعات بما فيها،، الترانزيت،، إذ لم يكن الخط مباشرا الا مؤخرا، بينما الآن، هناك ساعة واربعون دقيقة فقط، فبعدها يمكن أن تصل إلى دبي أو العكس إلى صلالة دون عناء ودون جهد وبأقل الأسعار، ولا يمكن للمرء ان يدرك قيمة هذا التحول نفسيًّا وماديًّا الا اذا سافر الآن في عصر هذا التحول الجزئي، وهذا ما حدث لنا، فمن سعر تذكرة واحدة (سابقا) تمكنا من سفر ثلاثة اشخاص (حاليًّا) وبعد غمضة عين وجدنا انفسنا في مسقط رأسنا، أحسسنا كم كان الفارق شاسعا وكبيرا بين الماضي والحاضر، فكيف لو انتقلنا إلى المنافسة الكاملة،، داخليًّا وخارجيًّا،،؟ وهذا سيكون من أهم دفاعاتنا خلال المرحلة المقبلة، فقد ذقنا قليلا من طعم المنافسة الحقيقية، ولن نرضى بديلا عنها، لأن هذه المنافسة قد اصبحت حقا من أهم حقوق المواطن التي يترتب عليها مجموعة مصالح له، ولأنها على وجه الخصوص قد فتحت جغرافية بلادنا الجنوبية على المحيط الإماراتي، وأوجدت الإمكانية المالية المتاحة لأولياء الأمور لتحقيق حلم ابنائهم في السفر إلى دبي تحديدا، ولماذا هذه الإمارة الاماراتية ؟ وذلك لما فيها من جذب ترفيهي وسياحي وتجاري، فدبي قد نجحت في صناعة سياحية بمقومات اصطناعية في وقت عجزنا فيه من تحويل مقوماتها السياحية الطبيعية إلى صناعة، وعجزنا من إضافة مقومات اصطناعية لدعم الصناعة الطبيعية على غرار دبي، وعجزت كذلك عن تحويل بلادنا إلى مركز تجاري إقليمي وحتى داخلي، وماذا كانت نتيجة هذا العجز؟ مصادر مطلعة تحدثت لنا عن (نصف) مليار ريال عماني عوائد السياحة والتجارة الفردية العمانية للإمارات سنويًّا، وهذا مبلغ كبير، وهو كذلك مؤشر يدفع بالأشقاء إلى التفكير في تقديم المزيد من التسهيلات لانسيابية الحركة التجارية والسياحية الفردية مع بلادنا، وربما يكون وراء تسيير تلك الرحلات التي تصل إلى ثلاث رحلات في الأسبوع للطيران الواحد كنتيجة لانفتاح فكرهم الاقتصادي الخلاق بعد اكتشافهم ذاك الرقم المهم، وربما لن نبالغ إذا ما قلنا إن تفكيرهم قد يهتدي مستقبلا إلى مجانية تلك الرحلات وفق ضوابط معينة، وقد يصادر البعض علينا مثل هذه الرؤية الاستشرافية التي تبدو غريبة، لكنها قد تصبح من المسلمات، فما يبدو غريبا الآن على العقل، سوف يبدو مقبولا لاحقا بحكم التطورات التي هي الآن بين امرين لا ثالث لهما، إما نسعى لها من الداخل أو سوف تأتي لنا من الخارج شئنا أم أبينا، كقضية فتح محافظة ظفار أمام المحيط الإماراتي،، تحديدا،، وبرحلات مكثفة ومتعددة وشبه يومية، عموما هذا الفتح ورغم محدوديته قد جاء ليدعم ويؤكد صحة المطالب الاجتماعية التي كانت تنادي منذ عقود بالاعتداد بالجغرافيا الظفارية المقعدة والثقيلة جدا على كاهل المواطنين المالية، والتأكيد يبرز هنا في أن قيمة التذكرة الواحدة سابقا تساوي الآن قيمة ثلاثة تذاكر على نفس الخط، أليس ذلك غريبا؟ وأليس ذلك يعد تحولا لصالح المجتمع؟
ومن ميزة كسر الاحتكار، اكتشافنا أثناء تواجدنا في دبي أن هناك المئات من الأسر قد تحقق لها حلم السفر إلى دبي، نعم هو حلم للأطفال والشباب والاسر كذلك بعد ما كان حكرا على المقتدرين فقط، مما ينجم عن ذلك حسرات لمعظم الأسر، وتداعيات نفسية على الأبناء، والأصح هو مجموعة أحلام قد تحققت بسبب هذه المنافسة الحقيقية .. حلم ركوب الطائرة للأسر متوسطة الدخل فكيف بضعيفة الدخل، فروتانا تطرح (30) ريالا لسعر التذكرة الواحدة في وقت يطرح طيراننا العماني أكثر من (80) ريالا للتذكرة، فماذا ستختار الأسر؟ ومن يزور المنطقة التي فيها سوق نايف سوف يخيل أن ظفار قد فرغت من أهلها، ونظن الكثير من محافظاتنا كذلك، انتقلت إلى دبي رغم غلاء السكن والمعيشة والتجارة، كل هذه الهجرة قد فجرها تحطيم الأسعار أخيرا، فمتى سيحدث ذلك على خطنا الداخلي؟ وهنا ندعو للمقارنة بين سعر هذا الخط الداخلي وبين سعر ذلك الخط الذي يعد دوليًّا، فأيهما ينبغي أن يصبح دوليًّا والآخر محليًّا؟ وكيف تحطمت الأسعار على خط دبي، وتحول المواطن بنفسياته وماله إلى دبي بدلا من أن يكون مساره نحو مسقط؟ تحطيم الأسعار على خط دبي يبدد المزاعم بالخسارة على خطنا الداخلي، ويفتح لنا الأفق بأن يكون سعره (50) ريالا وربما أقل من ذلك إذا كانت هناك كانت هناك إرادة سياسية، وكان هناك ادارة وطنية لديها هاجس احتواء الجغرافيا بما فيها من بشر وحجر وهواء وماء، عندها لن نجد الخسارة في الخط مهما كان حجم سعره وإنما (...).