[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedabdel.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]محمد عبد الصادق[/author]

”لم يخطر ببال أنديرا غاندي أن تقوم بعزل حراسها من السيخ لشعورها بمحبتهم لها، وفي صبيحة يوم 31 أكتوبر 1984، وبينما كانت أنديرا متجهة من منزلها إلى مقر عملها سيراً على الأقدام ويسير خلفها عدد من رجال الحرس؛ وفي نهاية الممر المؤدي لمكتبها كان يقف اثنان من الحراس السيخ، وما إن وصلت قريباً منهما حتى أطلق أحدهما النار من مسدسه فأصابها بثلاث رصاصات في بطنها،”
ـــــــــــــــــــــــــــ
في صيف 1984م قرر زعيم السيخ الروحي في الهند سانت بيندرا الاعتصام داخل المعبد الذهبي بأميرتسار عاصمة ولاية البنجاب احتجاجاً على رفض أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند وزعيمة حزب المؤتمر الحاكم آنذاك ـ إعطاء السيخ الحكم الذاتي على إقليم البنجاب واعتقال الآلاف من السيخ المطالبين بالانفصال وإعلان الحكومة الهندية حالة الطوارئ لمواجهة الحالة الأمنية المتردية الناتجة عن أعمال العنف والمظاهرات العنيفة لطائفة السيخ ـ انضم للاعتصام بيندرا بهندرانوالة زعيم حركة خالصستان الانفصالية المسلحة ومجموعة كبيرة من أتباعه وحملوا معهم كميات وأنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة حتى الصواريخ المضادة للطائرات وأضرب المعتصمون في المعبد المقدس ورمز هوية السيخ عن الطعام ورفضوا جميع محاولات الوساطة لفض اعتصامهم سلميًّا وصمموا على طلبهم بحصول السيخ على حكم البنجاب، واحتجزوا آلاف الزائرين للمعبد من السيخ وغير السيخ وتحدوا الحكومة الهندية أن تقترب من المعبد المحصن، وقررت أنديرا غاندي فض الاعتصام بالقوة لإخماد فكرة انفصال السيخ عن الهند للأبد .
وفي 15يونيو 1984 انطلقت عملية النجم الأزرق بقيادة الجنرال السيخي بالجيش الهندي (برار) مدعومة بمئات الدبابات والمروحيات الحربية وآلاف من القوات البرية والخاصة وطلب برار من السيخ مغادرة الاعتصام ولكن المسلحين السيخ بادروا بإطلاق النار وقرر الجيش اقتحام المعبد المقدس وحدثت معركة رهيبة راح ضحيتها حسب المصادر الهندية الحكومية 400 قتيل بما فيهم 87 من أفراد الجيش الهندي وحوالي ألف جريح من الطرفين. ظلت الجماعات السيخية في أوروبا وأميركا تطعن في الأرقام الحكومية وتصر أنه سقط أكثر من ألفي قتيل وجرح الآلاف، ونشرت مشاهد وصور للمعبد الذهبي أقدس بقعة لدى السيخ بعد تحوله إلى ركام ورماد ونددت بحرق المكتبة التي تضم آلاف المخطوطات التي تعود للآباء المؤسسين لطائفة السيخ، وقتل الزعيم السيخي سانت بيندرا واعتقال أكثر من ألفي سيخي من المشاركين في الاعتصام.
أجج فض الاعتصام بهذه الطريقة مشاعر الحقد والضغينة لدى ملايين السيخ في الهند وخارجها ـ حيث توجد جاليات سيخية منتشرة في جميع أنحاء العالم ـ تجاه أنديرا غاندي وقرروا تصعيد المظاهرات المحرضة على قتلها مما دفع الحكومة لاعتقال المزيد من السيخ والزج بهم في السجون، وهو ما تسبب في النهاية بتقويض حكم أنديرا غاندي رغم كل ما قدمته للهند.
لم يخطر ببال أنديرا غاندي أن تقوم بعزل حراسها من السيخ لشعورها بمحبتهم لها، وفي صبيحة يوم 31 أكتوبر 1984، وبينما كانت أنديرا متجهة من منزلها إلى مقر عملها سيراً على الأقدام ويسير خلفها عدد من رجال الحرس؛ وفي نهاية الممر المؤدي لمكتبها كان يقف اثنان من الحراس السيخ، وما إن وصلت قريباً منهما حتى أطلق أحدهما النار من مسدسه فأصابها بثلاث رصاصات في بطنها، ثم قام الثاني بإطلاق النار من بندقيته الأوتوماتيكية، فأفرغ 30 طلقة أجهزت على أنديرا غاندي (الزعيمة الهندية التي هزمت باكستان وجعلت الهند نووية، وأدخلتها نادي الفضاء) .. اندفع رجال الحرس لإمساك القاتلين، فقال أحدهما: "لقد فعلت ما أردت فعله .. افعلوا بي ما تريدون الآن .." وحاول الآخر انتزاع سلاح أحد الحراس فأطلقوا عليه الرصاص فقتل وأصيب الآخر.
اشتعلت الهند، وانتقم الهندوس أصحاب الأغلبية هذه المرة من السيخ وكانوا يقتلون النساء والأطفال ويسوقون الرجال لمحارق جماعية، وتم توقيف الحافلات والقطارات وانتزاع السيخ منها للقتل والتنكيل وتعرضت متاجر الأقلية السيخية الثرية في العاصمة نيوديلهي للنهب والتخريب.
هدأت الأمور قليلا بعد مجيء حكومة جديدة استطاعت فرض الأمن وحماية الأقلية السيخية ووعدت بإعادة بناء المعبد الذهبي وعوضت المضارين وأهالي الضحايا، واستطاع العقلاء إقناع المتطرفين من الجانبين بعدم جدوى العنف وضرورة التعايش السلمي، وإن ظل الشرخ متسعاً بين السيخ والهندوس وإن خبت الرغبة في الانفصال وأيقن السيخ أن الانتماء للدولة أبقى من الانتماء للطائفة ورضوا بالحلول الوسط بعد أن أعطت الحكومة الهندية السيخ صلاحيات كبيرة إدارية واقتصادية في إقليم البنجاب ضمن البناء الفيدرالي للدولة وتكفل الزمن بتهدئة ما تبقى في النفوس.
وبعد مرور 30عاما أماطت الحكومة البريطانية مؤخراً اللثام عن الوثائق السرية المتعلقة بفض اعتصام المعبد الذهبي، بعدما وجهت اتهامات للمستشار العسكري البريطاني لدى الهند ـ تحت ضغط من الجالية السيخية واسعة النفوذ في لندن ـ بأنه شارك في وضع خطة الاقتحام، ورد وزير الخارجية البريطاني وليام هيج على تلك الاتهامات بتأكيده الدور المحدود لبريطانيا في هذه العملية.
بعد 30 عاما على فض اعتصام المعبد الذهبي في الهند بقليل كرر الإخوان المسلمون في مصر المشهد مع الاختلاف في التفاصيل.
ففي 28 يونيو 2013م ؛ عندما شعر الإخوان بالخطر الذي يتهدد حكم رئيسهم محمد مرسي جراء المظاهرات المستمرة في ميادين مصر المختلفة للمطالبة برحيله ونجاح شباب تمرد في جمع 22 مليون استمارة تحمل توقيعات شعبية تطالب بخلع محمد مرسي وبدلا من المواجهة تعاطفت الشرطة وتحالف الجيش مع المتظاهرين ضد مرسي فسارع الإخوان لدعوة مناصريهم للاعتصام في ميدان رابعة العدوية بوسط العاصمة أمام المسجد الذي يحمل نفس الاسم ونصبوا منصة ضخمة وأقاموا مئات الخيام وأمدوا الاعتصام بالتيار الكهربي ومياه الشرب وأقاموا دورات مياه متنقلة وأمدوا المعتصمين بكل ما يلزمهم من غذاء ومياه ومراوح وحتى أجهزة التكييف والمولدات الكهربية، فضلاً عن تشكيل لجان للأمن ومستشفى ميداني ومقر إعلامي، ومركز للمؤتمرات الصحفية، بعدما نجحوا في اختطاف سيارتي بث تليفزيوني تابعتين للتليفزيون المصري بمساعدة وزير الإعلام الإخواني صلاح عبدالمقصود وأعطبوا الإطارات واستخدماها كمحطة بث مباشر لقناة الجزيرة الإخبارية وغيرها من القنوات الراغبة في نقل فعاليات الاعتصام.