[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
بعض الحروب يبدأ بالكلام، وبعض المصافحة ينتهي إلى سلام أو ينهي قطيعة وحصارا، فهل يصدق ذلك على المصافحة التاريخية بين الرئيسين الأميركي باراك أوباما والكوبي راوول كاسترو في بنما اثناء قمة الاميركتين.
لاشك ان المصافحة لم تحدث بدون خطة، او ان الرجلين تفاجآ فوضع كل يده بيد الآخر. هي رسالة يراد لها ان تصل حرارتها الى الزعيم الأكبر فيدل الذي يحكم كوبا بمصداقية التسيير الذاتي والاعتماد على النفس في تحقيق كل الوسائل من اجل بلاده التي ضربها الحصار الاميركي منذ 53 عاما، فاذا باليأس الذي يضرب البعض، حوله فيدل الى " كوبنة " كوبا، خلق من تلك الجزيرة الساحرة نموذجا للحق والعدالة والقيم والوطنية، دفع كل كوبي ليفوز بسحر الانتماء الى بلد معلنة عليه الحرب الاقتصادية وسياسة التجويع، الى نموذج ايضا ولكن لبلدان عرفت الحصار فصادرته بقدراتها، مثما فعل الرئيس السوري حافظ الاسد، وبعده ايران.
الاعتقاد السائد ان المصافحة بين الزعيم الكوبي والرئيس الاميركي تحمل سرورا الى الثاني الذي لديه كل التقارير في كيفية استغناء كوبا عن قمح الولايات المتحدة وعن معداتها وعن اشكال طعامها، عن اعلامها وعواطف شعبها الذي بهر دائما بتلك الجزيرة التي لاتفصلها سوى كيلومترات عن اليابسة الاميركية واذا بها الاولى في العالم طبيا، قهرت سرطان فيدل كاسترو، وقهرت امراضا لاتوصف .. بدأت بقصب السكر يوم نزل فيدل شخصيا والى جانبه جيفارا والقيادة الثورية في بلاده الى الحقول ليشتغلوا بالزرع وبالحصاد، ليأخذوا طلاب الجامعات الكوبية في اختصاص جديد اسمه العمل في الارض من اجل وطن حر وسعيد.
ويوم شعر جيفارا بأمان كوبا رحل الى من يندهه من فقراء العالم، لم ترض الثورة الكوبية ان تظل حبيسة جزيرة، ارادتها ثورة دائمة متحركة تصل الى كل مكان، تحمل لكل فقير حلا، اسمه " الكوبنة " ( من كوبا ) .. لكن الاستعمار الاميركي القديم في الدفاع عن رأسماليته لاحقه في كل مكان ودفع الاثمان من اجل القضاء عليه. في تلك المصافحة بالأمس، لاشك ان الرجلين اللذين ابتسما اظهر كل منهما احساسه تجاه الآخر، فاوباما اعتذر دون كلام هكذا فهم الكوبي، وراوول كاسترو تلألأت في وجهه بسمة النصر ودون ان يقول للاميركي أفهمه ان حكمة الثورة الكوبية هي المنتصرة.
لن يتغير العالم بعد المصافحة، لكن كما قلنا فان خير المصافحات بعد عداوة تأخذ الى العشرة الجديدة، ويبدو ان اوباما الذي يرحل عن البيت الابيض بعد شهور يريد اغلاق ملفات اميركية بدأت بالانسحاب من العراق، ثم بعدها من افغانستان، ثم مسألة النووي الايراني، ولابد ان كوبا على الطريق والمصافحة أول الغيث .. لكنه لن يتمكن من حل كل ملفاته، ستظل مخابراته المركزية تمد اذرعتها على اميركا اللاتينية وهي حديقتها الخلفية التي لن تتركها ابدا، وستظل فلسطين تدوي في الكون.
ربما من باب التخمين اراد اوباما ان يقول لكاسترو انه ليس مسؤولا عما حل بين بلاده وكوبا، واراد ان يعتذر، لكن فضاء الوقت لم يسمح له ، فيما الرسالة تفهم من عنوان المصافحة.