في جلسة أشبه ما تكون عائلية دافئة اجتمع الأب بأبنائه حول مائدة المناقشات في مبنى مجلس الوزراء ببيت البركة العامر للوقوف على أهم المجريات على الساحة المحلية والإقليمية والدولية فأضاء جنبات الوطن من جديد بنور طلته الوقورة التي اشتاق لها العمانيون الذين تابعوا بشغف واهتمام الاجتماع ليس لمتابعة الأخبار وما سيسفر عنه من قرارات حاسمة تصب في صالح الوطن فحسب وإنما الهدف الأساسي لمتابعته هو الاطمئنان على صحة القائد المفدى والاستمتاع بالإحساس بالأمان والفرحة والسرور لعودته سالما غانما بين أبنائه يباشرهم ويوجههم ويدفع بعجلة التنمية والتطور نحو الأمام.
لا شك أن ترؤس حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه وأمد في عمره ـ لاجتماع مجلس الوزراء أعطى للشعب الوفي شحنة من الحماس والاندفاع بإخلاص لإكمال مسيرة التنمية بهمة واجتهاد .. فهو الشعلة التي تضيء حياتنا وتهدينا للطريق الصحيح.
لقد استهل مولانا حضرة صاحب الجلالة ـ أيده الله ـ الاجتماع الموقر بالتوجه لله عز وجل حمدا وثناء لعودته سالما معافى وإنعامه عليه بنعمة الصحة والعافية الغالية وهذا الشكر والحمد نشاركه جميعا فيه فقد توجهت قلوبنا قبل ألسنتنا للمولى بأن يعيد قائدنا المفدى ويسبغ عليه الشفاء الكامل .. ثم أعرب جلالته ـ أبقاه الله ـ عن شكره البالغ لجميع المواطنين لما أبدوه من مشاعر صادقة مخلصة للتعبير عن فرحتهم بعودته الميمونة رغم أن المسيرات العفوية ومظاهر التعبير عن السعادة والامتنان التي أظهرها المواطنون هي أقل ما يمكن تقديمه لتجسيد الولاء والعرفان لباني نهضتنا الشامخة وما يكنه الشعب الوفي من حب ومودة ووفاء للقائد المفدى الذي تنم كلماته الحكيمة عن تواضع شديد ونبل أخلاق وطيبة قلب ليس لها حدود.
ثم أعرب ـ أبقاه الله ـ عن ارتياحه لما قامت به الحكومة الموقرة من جهود مقدرة وما وصلت إليه مسيرة التنمية الشاملة في البلاد إلا أن مما لا شك فيه أنه لولا توجيهات جلالته السديدة وآراؤه الثاقبة في وضع خطط التنمية المتتابعة التي أثبتت جميعها نجاحها بجدارة ما وصلنا لهذه الإنجازات التي نشهدها في كل ركن بالبلاد بل في كل بيت.
الشيء المطمئن أن جلالته ـ أيده الله ـ طالب بتسريع الخطط التي تهدف إلى تحقيق التنويع الاقتصادي المنشود واستكمال المشاريع الكبرى وجذب المزيد من الاستثمارات وتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها من القضايا التي صارت تهم كل مواطن يعيش على الأرض الطيبة فكل منا يحلم بتحقيق قفزات واسعة للاقتصاد العماني بما يحقق استقراره ومتانته وقوته ورسوخه بحيث لا يهتز لأي طارئ كالأزمات المالية العالمية المختلفة أو تغير أسعار النفط وغير ذلك مما قد يؤثر عليه بالسلب.
إن توجيهات جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ الثاقبة دائما تتسم بأنها توجه الدفة نحو تحقيق مستقبل مشرق مستقر للبلاد وحياة مرفهة وعيش كريم للمواطنين فاستطاع خلال بضعة وأربعين عاما أن يذلل الصعوبات ويحطم العقبات ويحقق نهضة شاملة وإنجازات سجلها التاريخ على صفحات المجد والتحضر بأحرف من ذهب ونور وحفرت بصماتها واضحة في كل ربوع السلطنة وعلى كافة الأصعدة والمجالات وفي زمن قياسي.
مما يحسب للخطط التنموية التي وضعها حضرة صاحب الجلالة أبقاه الله أنها تتسم بالمرونة والتطور لتلائم المراحل المختلفة لمسيرة التنمية وتواكب المستجدات المذهلة التي يشهدها العصر الحديث وهو ما يساهم بشكل كبير في تحقيق الاستقرار والنمو .. إلا أنها كما تبني الحاضر والمستقبل لم تنس الماضي أو تتجاهله بل حرصت على الحفاظ على الهوية الأصيلة للدولة والشعب فصار لها مذاق خاص يجمع الأصالة بالمعاصرة ويدل على ذلك جميع المشروعات التنموية التي تحققت على أرض الواقع فجميعها يربط الماضي التليد بالحاضر الزاهر والمستقبل المشرق.
إن ما تحقق مما يمكن أن نسميه "معجزات" أكثر من أن نطلق عليه "منجزات" على يدي قائدنا المحنك الكريمتين هو حصاد جهد وتعب وصبر وعمل جاد ومخلص استهلك من عمر وصحة جلالته ـ أبقاه الله ـ الكثير وهو ما يقدره المواطنون الأوفياء فهو القائد والأب والملهم لأبنائه وهو المنارة التي يهتدون بها والهواء الذي يعيشون عليه والنبض الذي يسري في عروقهم.
إن اجتماع جلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ بكافة الوزراء يعتبر بداية مرحلة جديدة من عمر الوطن ندعو الله أن نعبر خلالها إلى بر الاستقرار والأمان والتطور والنمو وتحقيق المزيد من طموحات الشعب الوفي ورضا القائد .. فما تمر به البلاد من تحديات يحتاج جهدا كبيرا من كافة فئات المجتمع حاكمين ومحكومين لتحقيق ديمومة المسيرة التنموية والحفاظ على مكتسبات النهضة المباركة .. حيث وضع جلالته أبقاه الله الأسس ورسم الخطوط التي يجب أن يسير المواطنون عليها ليؤدي كل منهم دوره المنوط به .. لذلك ينبغي على كل منا أن يبذل قصارى جهده للحفاظ على وطننا الحبيب وتنفيذ ما أمره به القائد المفدى.
كل العرفان والثناء لمولانا جلالة السلطان المعظم ونتضرع إلى الله العلي القدير أن يسبغ عليه من نعمائه ويمد في عمره ويمنحه موفور الصحة والعافية ويسدد على طريق الخير خطاه ويهديه لما فيه خير البلاد والعباد .. إنه نعم المولى ونعم النصير.

* * *

السياسة العمانية ناجحة دائما
منذ أن تولت قيادتنا الحكيمة مقاليد الحكم في البلاد اتخذت خطا ثابتا ومنهجا معتدلا في التعامل مع القضايا الخارجية المختلفة وكانت لها قرارات مستقلة منبثقة من رؤية خاصة قائمة على ما يحقق مصلحة الشعوب .. ولو قلبنا صفحات التاريخ لوجدناها تمتلئ بالكثير من الأمثلة الدالة على ذلك.
ومع مرور الأيام تتكشف الحقائق وتثبت السلطنة للعالم أجمع صواب فكرها وسداد رؤيتها وحكمة قراراتها وريادة سياستها لذلك حظيت بعلاقات طيبة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون والسلام مع كافة الدول ونالت تقدير المجتمع الدولي بشهادة العشرات من التقارير الدولية التي وضعت السلطنة في إطار نموذجي فريد.
لقد اشتهرت السلطنة على مدار تاريخها بدعمها اللا محدود لكافة القضايا العربية في إطار من السلمية والحوار البناء والعدل وبما يحقق الخير والسلام للشعوب فطالبت بإقرار السلم في كل مكان ودافعت عن العدالة وحقوق الإنسان وحاربت الإرهاب والعدوان بكافة أشكاله وصوره وأكدت دائما على أن السلام هو الخيار الوحيد للتعايش بين البشر.
وموقف السلطنة الأخير من الأزمة في الشقيقة اليمن يجسد ثبات السياسة الحكيمة التي تتبعها السلطنة فعدم رغبتها في المشاركة بعاصفة الحزم لم يأت من ضعف أو خوف حاشا لله ولكن إنما إيمانا من القيادة والشعب بأن السلام والحوار هو الأسلوب الأمثل لحل المشاكل بين أبناء الوطن الواحد وهو ما تدعو إليه السلطنة دائما .. بل إنها اتخذت دورا يعتبر الأهم في هذه الأزمة لمساعدة الأشقاء اليمنيين وهو المساهمة في أعمال الإغاثة الإنسانية وهذا ما يحتاجه الشعب اليمني في الوقت الراهن لما يعانيه من نقص في الأدوية والمأكل والمشرب خاصة أن الأزمة أثرت بشكل كبير على الاقتصاد الذي يعاني من انهيار كامل نتيجة الصراعات الداخلية التي صرفت كل مواطن عن تنمية بلاده والنهوض بها.
إن كل عماني يفخر بالبصيرة النافذة والفكر المستنير لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه وأبقاه ـ وبالسياسة الحكيمة التي يتبعها دائما فهو يعلم أن الشعب اليمني الشقيق بينه وبين العمانيين صلات قرابة ونسب ومشاعر جياشة لذلك فإن اشتراكه في الحرب قد يؤثر بالسلب على علاقة الشعبين من هنا آثر السلام ومد يد المساعدة لكل محتاج.
إن ما يثبت نجاح السياسة الحكيمة لقيادتنا الفذة هو اعتراف بعض الدول العربية بصواب موقفنا من الأزمة اليمنية وإبداء رغبتها في إيجاد حل دبلوماسي سريع ينهي الأزمة بأقل الخسائر وهو ما تقوم عليه السلطنة حاليا حيث إنها كعادتها تعمل في صمت ودون ضجيج لتقديم المبادرات والمشاورات لحل المشكلة والخروج من المأزق اليمني بحل يرضي جميع الأطراف ولكن سيعلن عنه في حينه كما صرح بذلك معالي يوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسئول عن الشئون الخارجية مؤخرا في حديث إذاعي .. فالسلطنة دائما حاضرة في كل أزمة لتهدئة الأوضاع وإيجاد الحلول الناجعة لها وبما يحفظ مصلحة شعوبها ولعل الاتفاق النووي بين إيران والدول العظمى الست خير شاهد على ذلك فلولا جهود السلطنة الملموسة في هذا الملف ما تم التوصل لهذا الاتفاق وفي النهاية أثبتت السياسة العمانية السلمية صوابها في معالجة الأمور.
إن جميع العمانيين يثقون في قيادتهم الحكيمة ثقة عمياء وبقدرتها الخارقة على استشراف ما فيه صالح البلاد والعباد .. حفظ الله هذا الوطن وأسبغ عليه نعمة الأمان والاستقرار وأرشد قائدنا المفدى لجادة الصواب .. آمين.

* * *
حروف جريئة
* 36 مليون دولار قيمة الأموال التي جنتها الجماعات الإرهابية حتى الآن من الآثار المنهوبة في العراق وسوريا وهذا يوضح أنها تعرف قيمة هذه الآثار ولم تقم بتدميرها كما تظهر فيديوهاتهم المزيفة بل اتخذت من الاعتداء عليها ذريعة للتمكن من السيطرة عليها وبيعها في الخفاء وجني الأموال الباهظة .. ألا يدل ذلك على أنها عصابة هدفها القضاء على الحضارة العربية الإسلامية وأن الدين منها براء ؟.

* هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية السابقة أعلنت رسميا ترشحها لانتخابات الرئاسة ودخول البيت الأبيض .. السؤال الذي يفرض نفسه ما الذي يمكن أن تقدمه لحل الأزمات التي تعصف بالكثير من دول العالم .. وهل ستتبع نفس سياسة زوجها بيل كلينتون أم أن عندها فكرا مختلفا ؟.. هذا ما ستسفر عنه الأيام في حال فوزها بالانتخابات.

* * *
مسك الختام
قال تعالى : "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون".

ناصر اليحمدي