[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
يبدو أن مباحثات وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان التي أجراها في القاهرة مؤخرا ستسفر عن نتائج هامة فيما يتعلق بالتعاون العسكري العربي المشترك خاصة بعد اتفاق كل من مصر والسعودية على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لبحث تنفيذ مناورة استراتيجية كبرى على أراضي المملكة العربية السعودية وبمشاركة قوة عربية مشتركة تضم قوات من مصر والسعودية ودول الخليج .. إلا أن هذه المباحثات تطرح في نفس الوقت تساؤلات أيضا هامة في حاجة إلى أجوبة شافية من الخبراء الاستراتيجيين والسياسين والعسكريين!!
أول هذه التساؤلات: هل الاتفاق المصري ـ السعودي تم بالتشاور بين كافة الدول العربية أم كان مقصورا على دول مجلس التعاون الخليجي أم هو في الأصل اتفاق ثنائي بين القاهرة والرياض؟! ثانيا: هل القوة العربية المشتركة التي ستشارك في هذه المناورات غير القوة العربية المشتركة التي اعتمدتها قمة شرم الشيخ العربية نهاية مارس الماضي والتي يتم الإعداد لها من خلال اجتماعات شبه دورية لرؤساء أركان الجيوش العربية أم أن القوة العربية المشتركة أصبحت مقتصرة فقط على مصر ودول مجلس التعاون الخليجي، وأن المشاركة في المناورة الكبرى التي ستجرى على الأراضي السعودية هو باكورة أعمال هذه القوة العربية المشتركة؟!
السؤال الأهم الذي يفرض نفسه هو: هل القوات المشاركة في المناورة المزمع إجراؤها في السعودية والتي لم يتحدد موعدها حتى الآن ستتمركز في الأراضي السعودية بشكل دائم استعدادا لأية مواجهات عسكرية ضد المملكة .. وبمعنى آخر: هل هذه القوات ستكون مجرد تعزيز لـ"عاصفة الحزم" تلك العملية العسكرية التي تستهدف الحوثيين وتقف بجانب الشرعية في اليمن؟! أم أن هذه القوات ستعود مجددا إلى بلادها بمجرد الانتهاء من هذه المناورة؟!
إن مصر مسئولة مسئولية قومية ووطنية لحماية الأشقاء في الخليج .. هذا ما أكده مرارا الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي كثيرا ما قال إن أمن الخليج جزء من الأمن القومي المصري، وإن مصر ستظل تدافع عن أشقائها في الخليج، وإن أمن باب المندب جزء من الأمن القومي المصري والعربي .. وهو ما يعني أن مصر مستعدة للدفاع عن باب المندب في مواجهة أية تهديدات حيث إن الدفاع عن باب المندب ليس سوى الدفاع عن أمن مصر وعن أمن وسلامة الملاحة في قناة السويس، وهو ما يعني أن مصر قادرة بل وجاهزة للدخول في مواجهة عسكرية مع أي طرف لحماية باب المندب، وأن ظروف الستينيات التي خلقت هاجس اليمن في نفوس المصريين قد اختلفت بما يجعل تكرار خطأ قواتنا المسلحة في اليمن أمرا شبه مستحيل خاصة وأن مصر والسعودية تقفان هذه المرة في خندق واحد دفاعا عن شرعية اليمن.
في المقابل هناك أصوات مصرية تحذر من أي تدخل بري في اليمن مستندين إلى أن التدخل المصري في اليمن خلال فترة الستينيات كان من أكثر التجارب سلبية في السياسة الناصرية من حيث أسلوب اتخاذ القرار وتكاليفه ونتائجه .. فالقرار لم يقم على تجميع معلومات محددة، بل كان مرتجلا وتدخلت فيه عدة أهداف دون التنسيق بينها مثل تأييد المد الثوري في المنطقة العربية, محاصرة السعودية في عقر دارها دون التأكد من سيطرة الجيش اليمني على مقاليد الأمور ودون دراسة المدة المطلوبة لبقاء القوات المصرية، بل كانت المهمة تقتصر في البداية على إرسال مستشارين عسكريين لليمن وليس جيشا كاملا .. فضلا عن أنه لم تكن هناك دراسة عن رد فعل القوى الدولية والإقليمية .. ولذلك أصبح التدخل المصري في اليمن من أهم سلبيات التجربة الناصرية وتسببت في حالة استنزاف خطيرة للجيش المصري أدت في النهاية إلى الهزيمة الساحقة في العام 1967.
نعم الآن .. الموقفان الإقليمي والدولي مختلفان .. حاليا مصر والسعودية ومعظم دول الخليج ليسوا فقط شركاء بل حلفاء .. كما أن هناك تأييدا أميركيا وغربيا يتعدى الدبلوماسية ويقدم الدعم اللوجيستي على الأرض، كما أن التهديد الإسرائيلي الذي كان موجودا في الستينيات واستغل الفرصة لكي يحتل سيناء ليس موجودا الآن .. يبقى السؤال الأهم: هل الطبيعة الطبوغرافية والسياسية تغيرت على الأرض اليمنية؟ .. وما هي القوة السياسية الحقيقية للحكومة اليمنية التي ينبغي التدخل لتدعيمها ومساندتها؟! .. وهل التدخل العسكري على الأرض هو الوسيلة الناجحة لحل الأزمة اليمنية؟!
في الواقع .. الصراع في اليمن سياسي قبلي في الأساس وأن العامل العسكري بما فيه التدخل الإيراني أو وجود عناصر من تنظيم القاعدة هو مضاعفات أكثر منه أسباب .. وبالتالي أي إنزال بري قد يصبح جزءا من هذه المضاعفات دون أن يعالج الأسباب ويصبح الإنزال البري في هذه الحالة استنزافا آخر للجيش المصري وفخا ينهك قواه ويشتته بعيدا عن مهامه الأساسية في مواجهة التنظيمات المسلحة في شمال سيناء .. كل ذلك يجعل مصير القوة العربية المشتركة على المحك .. فإما تكون أو لا تكون!!