بإقرار اللجنة اليمنية لتحديد الأقاليم برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي تقسيم اليمن رسميًّا إلى ستة أقاليم في ظل دولة اتحادية، يمكن القول إن قاعدة "لا غالب ولا مغلوب" التي تمخض عنها الحوار الوطني، بدأت تعطي نتائجها المرجوة.
وما من شك أن الرغبة تحدو جميع محبي اليمن من المواطن اليمني البسيط مرورًا بالمسؤول في السلطة والمسؤول الحزبي وصولًا إلى المواطن العربي في الجوار وما بعد الجوار بأن يعبر اليمن إلى مرافئ السعادة والأمان والاستقرار السياسي والاقتصادي، وأن يعود اليمن كما كان الحضن الدافئ لكافة أبنائه تسودهم المحبة والمودة والتآخي والتآلف، وما يتفاوتون فيه فيما بينهم من انتماءات حزبية وطائفية ومذهبية ومناطقية هي ركائز قوة وتماسك تسهم في إضفاء مزيد من الاستقرار والانتماء والولاء لليمن وتفتح مجالات التنافس فيما بينهم لخدمة اليمن والشعب اليمني بعيدًا عن المصالح الفئوية أو الشخصية الضيقة، سواء كانت مصالح حزبية أو طائفية.
إن اليمن لما لعبه من دور حضاري، سواء في تاريخ العرب أو تاريخ الإسلام وإسهاماته في ذلك يستحق الكثير من الاهتمام والوقوف إلى جانبه ودعمه سياسيًّا واقتصاديًّا وأمنيًّا، وبالتالي فإن اختيار الشعب اليمني للنظام الإداري لدولته يجب أن يكون محل احترام، وإذا كان محتاجًا إلى دعم ما لتحقيقه فينبغي عدم التأخر عن ذلك، ما دام يرى أن هذا التقسيم الإداري أساس للاستقرار السياسي لليمن ومقدمة إلى استقراره الاقتصادي.
ليس مبالغة أن اليمن يمر بمرحلة مفصلية في تاريخه لا سيما تاريخ وحدته بين أن يكون يمنًا موحدًا أو لا يكون، وهنا تطل التجربة اليمنية بنجاحها لتكون ضامنًا ليمن موحد، ولتكون تجربة صنوًا للتجربة التونسية بتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الذاتية والحزبية، حيث عماد التجربتين كان هو التوافق الذي على صخرته تتحطم التدخلات الخارجية وتذوب التحزبات والعرقيات والمذهبيات وتختفي النبرة الطائفية.
إن من شأن نجاح التجربة اليمنية كحل ارتضاه اليمنيون ليحافظوا على وطنهم، تفويت الفرصة على الصائدين في المياه العكرة والباحثين عن موطئ قدم لهم، ويقطع اليد التي تحاول أن تعبث بأمن اليمن واستقراره، ومن شأنه أيضًا أن يعيد صياغة النظام الديمقراطي القائم بما يؤدي إلى التخلص من التنظيمات الإرهابية التي تحاول أن تجعل من اليمن بيئة حاضنة وموطنًا دائمًا لها.
ولا ريب ونحن نتابع الحالة اليمنية الراهنة وما تمخض عنه الحوار الوطني والنتيجة التي توصلت إليها اللجنة المنبثقة عن هذا الحوار من تقسيم إداري للدولة تغمرنا الفرحة وتلفنا السعادة بأن نرى جارًا شقيقًا عزيزًا يخطو خطواته نحو الاستقرار، كيف لا؟ وما يجمعنا الكثير ليس فقط حق الجوار، فتاريخ عُمان واليمن تاريخ عريق وممتد ضارب بجذوره في الأعماق وحافل بالمحطات اللافتة في تاريخ العلاقة المتميزة والطيبة بين البلدين.