تلك التفاصيل التي غابت ما زالت تستكين هنا في دهاليز الروح حيث امتداد الحبر تستفيق الأحلام ..
الأحلام زاد اليتامى وبوح الغارقين في نزفهم ولربما أساور لامعة للذين يطرحون واقعها قبل حتى أن تولد حلما في أخلادهم..
هو طريق لا يعيد لليل لباسه كان كذلك ولد بحلم يوم تدفق الغدير في بئر معطلة زغللها سلطان الجفاف غاب غيثه وبقيت سحابة تحمل للأرض فسادا وفي حلمها اخضرار بعد موت فرقتهم رياح الزمان كل في درب هو.. هي.. و...!
ثلاث درجات أمامه عدها وعيناه تبرقان فرحا يوم تخرجه نجاح بعد نجاح أفردت له الحياة ما عرف أحدا في الدنيا غير أمه الإنسانة وأبوه الوطن أمه التي ما افتتن بحب أنثى إلا حبها الواقع والحلم الحياة والميلاد الإبتسامة والفرح كل الجمال هي الحضن الحامي أمام صدامات الغضب واعتصارات الحزن علمته أن الحياة جميلة وأن الوطن أجمل أن الرحمة إنسان وأن الوطن روح الراحمين الوطن اخضرار الرمال إلى الجنة وشطآن الظامئين ونشيد الحالمين.
هو الوطن وهي الإنسانة.. اليوم وبعد عقدين ونيف تراه وعيناها تغرورقان فرحا في يوم تخرجه اليوم المنتظر الذي أكرمهما به الله والوطن الأب الذي علمه من بعد علمها وكفله من بعد كفالتها وهيأه رجلا آمن أن الحلم نصير النجاحات وأن الفرح نغرسه نبتة في مسارات دروبنا تورق زهرا ورطبا جنيا.
كل حياته كانت فرحا حنكته به أمه الإنسانة ورباه عليه أبوه الوطن .. لكن ثمة مضغة في عميق كينونته مغلفة بنطفة من سؤال ما عرف له إجابة حتى اليوم .. انزواؤه وأمه في ركن سحيق في تلك القرية كان سندان عجب يطرق طارقه ولكن لا جواب لا الأم تجيب ولا الوطن.. منذ خطوه الأول وهو باحث عن الإجابة ولا مجيب سألها كثيرا وصمتها كان خانقا كل الأسئلة حتى اعتاده فأخرس عقله ولسانه عن سؤالها فحرمه عليه، إلا انه ارجف قلبه الآن .. كل من حوله فرح مع الأم والأب والعائلة إلاه هو فرح مع أمه الإنسانة فجأة انتصب آدمي أمامها فأحس بزلزال قلب أمه وهي تراه ابتسم الإنسان لكن أمه ما ابتسمت اطرقت رأسها أرضا جعل قلبه ينصدع نصفين لماذا يا أمي من هو من هو سؤال كان يصرخ في أحشائه تائه في فضاءات الفرح الذي غلفته غيوم سواد!!
أحس أن ابتسامة هذا الإنسان كذبة مغلفة بخسه لكن لماذاااااا ... بلا سلام جابه الإنسان أمه الإنسانة بمقصلة لفظية خرت لها كل حقيقته الكاذبة
- أقول كاذيوه فرحانه يوم علمتيه هذا........
- هذا!!!! أنا ابنها يا أنت يا انسان أنا ابنها أنا لست هذا لست هذا أنا ابنها .. قلبه كاد أن ينفجر صارخا ليرد عليه إلا أنه انتظرها لترد...
هي صامته... صامته... صامته
ضحكاته الملعونة وهو ينسحب عنهم شلت كل شيء فيه بشريته انسانيته فرحه أمه الإنسانة أباه الوطن كلهم
ينظر إليها لا حياة سوى ذرات دمع تسقط على رصيف تخرجه . أمسكت يده ومشت.. مشت.. مشت!!!
لا شيء وراءهم سوى فرح بشر هم ليسوا منهم!!!!

ادريس بن خميس النبهاني