"مستقبل اللغة العربية وأدب الطفل" في مهرجان "الشارقة القرائي"

الشارقة ـ إيهاب مباشر:
تعتبر الأعمال الأدبية بمثابة الوعاء الكبير الحاوي لمعظم الموضوعات التي تلبي ـ على اختلافها ـ حاجة الإنسان العربي في كافة مراحله العمرية، لذا فهي تلعب دورا مهما في خلق الصلة بين الطفل ومضامين هذه المواد، التي تساهم في بناء شخصيته وتقوية ثروته اللغوية، وهو ما يحاول أدب الأطفال التركيز عليه، وما أكد عليه مجموعة من الكتاب والأدباء المختصين في أدب الطفل، المشاركين في ندوة "أدب الطفل ومستقبل اللغة العربية" التي نظمتها هيئة الشارقة للكتاب أمس، في ملتقى الأدب بمركز إكسبو الشارقة، على هامش فعاليات مهرجان الشارقة القرائي للطفل.والمشاركون بالندوة هم: الدكتورة فاطمة أنور اللواتية، المتخصصة في أدب الطفل من سلطنة عمان، ومحمود قاسم من مصر، ومحمد محيي الدين مينو. حيث أكد المشاركون أنه لا خوف على اللغة العربية، داعين في الوقت ذاته إلى ضرورة تبسيط قواعدها؛ حتى يتمكن الطفل من استيعابها في مراحله الأولى.تقول الدكتورة فاطمة اللواتية: "عند الحديث عن أدب الأطفال، يجب أن ندرك بأن الآداب تشتق مفرداتها من الدراسات العلمية والتاريخية، لتعيد تقديمها للطفل بشكل آخر يتلاقى مع تطلعاته، علماً بأن أدب الأطفال لا يختلف في طريقة تقديمه عن أدب الكبار، ووجه الاختلاف بينهما يكمن في مسألة العرض والأسلوب". وأضافت: "بلا شك أن القراءة تختلف عن الكلام الذي يمكن للطفل التقاطه من البيئة المحيطة به، ولذلك فالقراءة دائماً تحتاج إلى التعلم"، مشيرة إلى أن الأطفال عادة يقرأون للتعلم والمتعة. وقالت: "أوضحت الدراسات أن الانسان يتمسك بما يستمتع به، وأن القراءة مهارة تكتسب بالممارسة، ومن غيرها لن يتمكن الطفل من اكتساب المفاهيم من الأدب الذي يقرأه. وأكدت أن انطباع الكتاب في ذهن الطفل أمر مهم، ويكون من خلال حمله للكتاب الذي يقدم له. ولكي يتحول الأدب لرافد أساسي للثروة اللغوية الموجودة لدى الطفل يجب أن يكون لديه إمكانية القراءة السليمة بأقل قدر من الأخطاء، وأن يتم تعليمه طرق القراءة الصحيحة وأماكن الوقوف أثناء القراءة ومواضع التساؤل أو التعجب بحيث يكون قادرا على استيعاب القصة والاستمتاع بها. كما ذكرت الدكتورة فاطمة اللواتية أن مواصفات الكتاب الذي يقدم رسالة جميلة ومتكاملة للطفل تتركز في مقوماته المتكاملة مع أدب الطفولة المبكرة، وعرضت اللواتية مثالا على ذلك من الأدب اشعبي، موضحة أن الأدب يقدم للطفل الكثير من المحاور، سواء في مجال الأمور الحسية أو تنمية القدرات النقدية والإبداعية، أو حين يقرأ للطفل بأسلوب بناء، محللا النص وعناصره. في حين تطرق محمود قاسم في ورقته إلى قدرة اللغة العربية على مواجهة المصطلحات الشعبية التي تنتشر بين حين وآخر، معتمدا على نماذج من الدراما والسينما العربية، وقال: في عقد الستينيات عندما كانت الاذاعة في مصر والدول العربية هي المصدر الأساسي للدراما، برزت ظاهرة الممثل محمد رضا، الذي دأب على استخدام تعبيرات سرعان ما انتشرت في الشوارع وكنا نعتقد أنها تهدد اللغة العربية وأثارت خوف حراس اللغة وعشاقها، ولكن لم يكد يمر عام حتى بدأت الظاهرة بالانقراض، والأمر كذلك بدأ في 2011، حيث شهدنا بروز ظاهرة الممثل محمد رمضان الذي أثر على شريحة كبيرة من الأطفال، ويبدو أن هذه الظاهرة قد بدأت تأخذ طريقها نحو الانقراض"، مؤكداً أنه لا خوف على اللغة العربية من أي مصطلحات غريبة، فهي الأقدر على البقاء ليس فقط في الدراما وإنما في المجلات الثقافية والكتب ومجلات الأطفال. من جانبه، أكد محمد محيي الدين مينو أن اللغة تظل حقا لكل مواطن وتعليمها للطفل منذ خطواته الأولى واجب على المجتمع، منوهاً إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة ترجمت ذلك عبر مناهجها المعتمدة لتعليم اللغة العربية والهادفة إلى اكساب الطفل مهارات القراءة والكتابة والتحدث والاستماع، وقال: إن هذه المهارات تساهم في بناء شخصية الطفل، وتعمل على تنمية ثروته اللغوية وتمكنه من أساسيات اللغة. وأشار مينو إلى ضرورة خضوع الكاتب المتخصص في أدب الطفل لحاجات الطفل نفسه، وأن يجعل لغته رصينة ملأى بالمعاني الحسية التي يبتعد فيها عن التنميق واللغة الركيكة، ليتمكن الطفل من الاستمتاع بالقراءة والاستفادة منها.ولتشجيع الأطفال على القراءة دعا مينو إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات من بينها إنشاء المعاهد التي تعنى بدراسة اللغة العربية وآدابها وبناء مناهج خاصة بالأطفال، وتبسيط قواعد اللغة العربية ليتمكن الطفل من استيعابها، وتشجيع دور النشر على العناية بكتب الطفل وتقديمها بصورة محببة، وتقديم معاجم لغوية تتلاءم مع المراحل المدرسية المختلفة.