[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
الأوضاع التي يعيشها العراق كانت نتيجة حتمية لنتائج غزوه واحتلاله التي كرست نظام المحاصصة الطائفية، وجاءت بطبقة سياسية كان هدفها الانتقام والإقصاء من دون أن تعي أن هذا المنحى بالعمل السياسي يكشف منهاجها التدميري، ويضعها في دائرة المساءلة القانونية من فرط ما أحدثته من أضرار بشريحة واسعة من العراقيين الذين مازالوا يعانون من تداعيات هذه السياسة، ومايجري بالعراق بعد 12عاما الدليل على أنه مازال يعاني من ارتدادات غزوه واحتلاله.
من هنا تحاول قوى وفعاليات سياسية وبرلمانية بعد رحيل المالكي وقف مسلسل هذه السياسة،إلا أن المتحقق على الأرض يشير إلى أن الساعين لتكريس هذا المنهج بالحياة السياسية لم يستجيبوا لدعوات الإصلاح السياسي الذي وضع العراق على حافة الهاوية وفي خانق مازال يئن تحت وطأته، وتسببوا في إشاعة روح الانتقام والكراهية بين المكونات العراقية.
هؤلاء لم يكتفوا بما أحدثته قوانينهم بقطاعات كبيرة من المجتمع العراقي بفعل قوانين مسيسة واتهامات جاهزة أودت بحياة الكثير منهم، فضلا عن إبعادهم عن المشهد السياسي في محاولة لترهيب الآخرين وإخضاعهم لمشيئة سلطاتهم.
ظاهرة الاستهداف السياسي التي كرست في المجتمع العراقي لاسيما في ولايتي المالكي طالت شخصيات سياسية وبرلمانية شغلت مواقع في الحكومة والبرلمان تحصنهم من تداعيات الاستهداف،إلا أنها لم تحصنهم من الاستهداف، الأمر الذي عمق الانقسام السياسي، وهو ما يتطلب فتح هذا الملف ومعالجة أوضاع من أصابهم الاستهداف السياسي.
إن ملف الاستهداف السياسي ينبغي أن يكون في صدارة انشغال السياسيين، وقد آن الأوان لإغلاقه؛ لأنه كان سببا في تعميق الخلاف السياسي بين المكونات العراقية وعائقا أيضا أمام تحقيق المصالحة الوطنية.
وعلى الرغم من انشغال الحكومة والبرلمان بتداعيات الحرب على "داعش" فإن الإحساس بأهمية إغلاق ملف الاستهداف السياسي وتصفيته، ينبغي أن بكون في صدارة مهام حكومة العبادي لرد الاعتبار لمن تضرروا بهذا الاستهداف وغلق صفحاته التي وضعت العراق في صدارة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان، وتخضع معارضيها في دائرة المساءلة القانونية.
إن ماجرى لعدد من الشخصيات العراقية من استهداف ومساءلة وصلت إلى حد العزل السياسي وأحكام بالإعدام لعدد منهم في ولايتي المالكي على قضايا انطلقت من دوافع سياسية كانت محاولة لتكميم الأفواه وإرهابهم وتخويف الآخرين على الرغم من أنهم كانوا يحملون صفات رسمية وبرمانية لم تعِنهم على تفادي الاتهامات التي وضعتهم في دائرة المساءلة والجرم بعد أن انتزعت اعترافات مقربين منهم بالقوة والإكراه.
إن تسييس القضاء واستخدامه لتصفيه الخصوم كما جرى خلال ولايتي المالكي، ينبغي أن ينتهي بعد ان طويت صفحة المالكي من أجل بقاء القضاء عادلا وخارج ميدان الخلافات السياسية وبعيدا عن مناوراتها.
من هنا ينبغي إعادة الاعتبار لمن شملتهم قرارات الاستهداف لتصحيح أوضاعهم بإعادة حقوقهم أو بإعادة محاكمتهم بطريقة نزيهة وعادلة.
أن ينزع العبادي للتغيير والإصلاح السياسي وطي صفحة الماضي ينبغي أن يقف موقفا واضحا من عملية الاستهداف السياسي لرفع الظلم والغبن عن الذين تضرروا بقوانين الاستهداف من أجل تصحيح المسار، ووأد أي محاولة لإبقائه سيفا مسلطا على رقاب الرافضين لسياسة التهميش والإقصاء.
ومن شأن غلق ملف الاستهداف السياسي أن يعزز أجواء الثقة بين المكونات العراقية، ويعيد الأمل بمرحلة يكون القانون هو الحكم والفيصل؛ لأنه يحصن المجتمع من الانزلاق إلى الهاوية التي لم يسلم منها أحد.
والسؤال: هل يستطيع العبادي معالجة هذا الملف وطي صفحةالماضي، وإنجاز مشروع المصالحة الوطنية التي كانت أحد بنود الاتفاق السياسي التي أخرج حكومته إلى النور.