[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لا شك أنها أخبار حزينة تلك التي حدثت في إدلب وجسر الشغور، لكنها ليست نهاية العالم ولن تكون، هي معركة في حرب طويلة، بل هي وقفة حساب وليس هزيمة.
فور عودة جمال عبدالناصر عن استقالته في يونيو 1967 إثر الهزيمة الكبرى، وجد على طاولته برقية من القائد الفرنسي التاريخي شارل ديجول يطالبه فيها بالعودة عن الاستقالة قائلا له إنك خسرت معركة ولم تخسر الحرب. كان لهذه البرقية أثرها ومعناها .. ففي حسابات الرجال الكبار حتى الهزائم لا تعنيهم، فكيف بالمعارك التي يعرفون سلفا قابلية تغيير واقعها في أقرب الفرص.
نحن الآن في قمة هجوم إعلامي مدروس للغاية يحاول تهبيط عزائم السوريين أولا، والعرب الذي يجدون في سوريا ضالتهم، بأن ما حصل عليه الإرهاب في هاتين المنطقتين غيّر المسار العام إلى هزيمة نكراء، وأنه نهاية العالم وليس بعده من تصحيح، ونحن نعرف أن الحرب على سوريا كر وفر، عاشتها مناطق عديدة، وستبقى جزءا من معادلة الحرب الكبرى على هذا البلد المناضل.
لكن الأمر لن يتعدى الأيام أو الأسابيع القليلة على أبعد تقدير، وبالقسم المدوي بدماء الشهداء، سيتم تغييير الخريطة بإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، بل وربما بأكثر مما هو متوقع. فالشغل الشاغل للقيادة السياسية والعسكرية تأمين لحظة الانتقال تلك، وهذا يحتاج إلى وقت للدرس الاستخباراتي واللوجستي والبشري، وكل شيء مرهون بتوقيت تكون فيه الأمور كافة لمصلحة الجيش العربي السوري الذي يرفض حتى المشهد الجديد ولديه الخطط لقلب الطاولة على رؤوس الإرهابيين وكل من هم وراءهم.
إن خبرتنا بما بعد نتائج أي معركة لصالح العدو، تعني إلحاقها الفوري بحرب إعلامية مجهز لها سلفا، ففي كل الحروب التي عشناها وهي عديدة، لعب فيها الإعلام المضاد دورا مؤثرا على النفوس من أجل إحباط الشعب والتأثير على معنوياته، فتلك هي أهم مبادئ الحرب الناعمة، وليس غريبا أن تقاد الآن بهذه الطريقة التي سيغيرها الجيش العربي السوري قريبا كي تتنفس إدلب وجسر الشغور وغيرهما الحرية كما كانت.
علينا أن لا نسقط في الحرب الأصعب التي يجري تداولها اليوم، ونحن على ثقة بأن الشعب السوري يعرف تماما مدى ثقته بجيشه وقدرات هذا الجيش وبتضحياته، وعدم سكوته على نتائج تلك المعركة التي رأت فيها القيادة العسكرية ما هو الأنسب لها ففعلته، لأنها على دراية بما ستفعله بعدها.
الإيمان بالنصر نصف الطريق إليه كما يقول المثل الكوبي .. ومن خلال مشوار الجيش العربي السوري على عشرات الجبهات التي يخوض فيها قتاله اليومي، ينبغي عدم اليأس بقدراته وهو الذي ما زال ممسكا بالوطن العربي السوري ومحققا أهداف القيادة السياسية والعسكرية، وصانعا لأمل أمته فيه.
ليس أصعب على القائد من أن يرى شعبه مهزوما قبل أية هزيمة ومن جراء خسارة معركة .. فلنثق جميعا بقواتنا المسلحة لأنها قدمت لنا عروضا رائعة من الانتصارات وستقدم بالتالي خلال أيام عرض النصر في إدلب وجسر الشغور وفي مواقع أخرى. فنحن أمام حرب عالمية تشن على سوريا، وعلينا أن نعيش كمجتمع حرب مقاتل على جبهات عدة، لكن مشاعر النصر يجب أن تظل متوقدة، ففي الظروف الصعبة نهايات، ولن يسمح للإرهاب وداعميه ومموليه أن يلعب بتراث سوريا الوطني والنضالي وأن يؤثر عليه.