مسقط ـ العمانية:
كتاب "نزوى تاريخ وحضارة"، يأتي ليضم 160 صورة ضوئية، بين أرشيفية نادرة التقطت في الستينيات والسبعينيات الماضية، وصور حديثة التقطها معد المادة التحريرية للكتاب الكاتب الصحفي محمد بن سليمان الحضرمي هذا الكتاب الصادر عن مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، ممثلة في مركز الدراسات والبحوث بالمؤسسة. ويعد الإصدار إسهاما من مؤسسة عمان في الاحتفاء بنزوى عاصمة للثقافة الإسلامية 2015م، وفي المقدمة التي كتبها الدكتور ابراهيم بن أحمد الكندي الرئيس التنفيذي للمؤسسة يقول: إن المؤسسة تدشن كتاب (نزوى .. تاريخ وحضارة)، مساهمة منها في هذه الاحتفائية الرائعة بمدينة نزوى العريقة، ليكون مرجعا فكريا للدارسين والمفكرين، ومختصرا تاريخيا يساير تطور الزمن، وسياحة عبر الصورة، ينهل منه كل باحث عن المعرفة، ويغترف منه كل عاشق للتاريخ، ويرتوي منه كل نهم، وقد تم رفد الكلمة والمعلومة التاريخية في الكتاب بصور نادرة من مكنونات مؤسسة عمان للصحافة والنشر والإعلان، وأرشيفها الذي يمثل تاريخ الوطن، ومسيرة شعب وقائد، ونظرا لأهمية الصورة لشرح أبعاد الكلمة، وتعزيزا للمعلومة وتوثيقا للحظة التاريخية قبل أن تهرب من ذاكرة الأيام. وفي ثنايا الكتاب الذي يقع في 168 صفحة نقرأ تفاصيل الاسم والجغرافيا لمدينة نزوى وشهادات كبار المؤرخين الذين زاروا نزوى في القرون الماضية وذكروها في مؤلفاتهم، ويتناول الفقهاء وحركة التأليف، إذ من المعروف أن مدينة نزوى خرجت كبار الفقهاء على مر العصور، ويسلط الكتاب الضوء على النتاج الأدبي والشعري لمدينة نزوى، من خلال فصل حمل عنوان "أمة تقول الشعر"، وتتلاحق مادة الكتاب بعد ذلك لتتناول "التاريخ والسياسة"، وخزائن العلم، ومعالم حضارية، ومحاريب مزخرفة، ومقبرة الائمة ومساجد العباد، كما يسلط الضوء على المدافع القديمة التي تضمها قلعة نزوى وتعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، ثم عن الحارات الأثرية حيث يبلغ عددها مائة حارة، ثم حديث عن سور حارة العقر، وهو سور ضارب في القدم يعود تاريخ بنائه إلى ألف عام، وفي الفصلين اللذين يتناولان "سوق نزوى العريق"، و"المهن والصناعات الحرفية" يسلط الكتاب الضوء على الاقتصاد المحلي لمدينة نزوى والحركة التجارية التي شهدتها خلال القرون الماضية، ولا تزال نزوى تعد من أهم الحواضر التي تعج بحركة تجارية. كما يسلط الضوء على فلجي "دارس والخطمين"، وهما من بين الأفلاج العمانية الخمسة التي دخلت مؤخرا قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونسكو. كما يسلط الكتاب الضوء على الطبيعة الجغرافية للجبل الأخضر ومدرجاته التي تعد من روائع ابداع المعمار الزراعي في نزوى، واصفا الكاتب إياه بفردوس عُمان، معرجاً على مهنة تقطير ماء الورد التي يشتهر بها بعض أهالي الجبل الأخضر. واستكمالا لصورة الأبَّهة الحضارية التي عليها نزوى، يتحدث الكتاب عن المدينة في عصر النهضة، وعن جامع السلطان قابوس وزيارة الملكة اليزابيث الثانية وذكرى مصنع التمور، مستكملا رؤيته بالحدث عن عبقرية الإنسان والمكان، وأحاديث الضوء والصورة. وتكتمل بانوراما الجمال التي قدمها كتاب "نزوى تاريخ وحضارة" في الإخراج الجميل لصفحات الكتاب، حيث يظهر اللون التركوازي في الصفحات الأولى والأخيرة من الكتاب، فيما يظهر اللون الذهبي الفاتح في صفحات الكتاب الداخلية، وهو لون يتناسب مع اللمسات الجمالية التي توحي بها الصور النادرة بالأبيض والأسود، مع الصور الملونة الحديثة.
جدير بالذكر أن مدينة نزوى تقع في عمق محافظة الداخلية، على سفح الجبل الأخضر، وتعد من أكبر مدن المحافظة، حيث تبلغ مساحتها الإجمالية 7175 كم مربع، وتتبعها نيابتا بركة الموز والجبل الأخضر، و163 قرية تتناثر في الساحات المترامية بأنحاء المدينة من كل الاتجاهات، ومن بين قراها فرق، وهي بمثابة الثغر الباسم لنزوى، يطل عليها جبل الحوراء الشاهق الذي يمتد إلى رؤوس الجبل الأخضر.
وعبر الحقب التاريخية التي شهدتها نزوى، وظهور المدارس الفكرية، والمكتبات، وحركة التأليف في الفقه والأدب وسائر علوم المعرفة، وما تتميز به نزوى من حارات أثرية ومعالم حضارية وأسواق قديمة وأسوار، ومساجد قديمة بمحاريب مزخرفة، تأتي إشراقات شمس النهضة العمانية المباركة التي يقودها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه ـ لتعيش نزوى عهدا حضاريا جديدا، حيث نزوى اليوم ليست هي نزوى الأمس، حيث الأمكنة تغيرت، والمدينة تطورت، والمعالم الأثرية عاد لها بهاؤها وحسنها بفضل مشاريع الترميم، والسوق القديم كبر وأصبح مزاراً سياحياً، حيث أعيد بناؤه من جديد، فجاء التصميم منسجما ومتناسقا مع المباني الأثرية المجاورة له، ولهذه الأسباب المتعلقة بمكانة نزوى الثقافية وتأثير إشعاعها الثقافي إلى مساحات أوسع، اختارتها المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم (ايسيسكو)، عاصمة للثقافة الإسلامية 2015م، ويتم حاليا إنشاء مركز ثقافي في "حي التراث" بمدينة نزوى.