[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
من الأمور التي حصلت في بداية الاحتلال الأميركي للعراق التي لا يلمسها أو يعرف بها الكثيرون حملة الاستنفار الإعلامي في العراق، فبالاضافة لهجمة الصحفيين والإعلاميين، الذين سارعوا في الوصول للعاصمة العراقية بعد انتهاء المعارك لينضموا إلى الاعداد الكبيرة من الإعلاميين الذين شاركوا بتغطية الحرب على العراق، فهناك من توافد لاسباب صحفية ولاهداف اخرى، من بينها الفضول والبحث عن قصص جديدة وهناك من وصل من الإعلاميين والصحفيين والادباء العراقيين، الذين كانوا في الخارج، من بينهم من كان يعمل مع القوى المعارضة وهناك من المستقلين الذين غادروا العراق لاسباب عديدة قد يكون الحصار خلال عقد التسعينيات في مقدمتها، وغيرهم من اعتقد أن تنسم الحرية لا يتم إلا خارج البلاد.
لكن الذي اتفق عليه غالبية هؤلاء هو التركيز على مسألتين اساسيتين، هما:
الاولى: تتعلق بحقبة الوجود الأميركي في العراق، التي لم تكن لبناء المدارس والمستشفيات وتعبيد الطرق واعادة حقوق العراقيين الذين طحنهم وقتلهم الحصار الذي فرضته الادارة الأميركية باسم المجتمع الدولي، واصرت على استمراره وبقاء اسواطه تعذب وتضرب بالعراقيين في اهم مفاصل حياتهم اليومية، كما أن هذا الوجود الأميركي في العراق لم يكن بمثابة مجاميع من دعاة السلام، وإنما كان على شكل عساكر جرارة ودبابات ابرامز العملاقة واسلحة خفيفة ومتوسطة وفتاكة، ولم يسير هؤلاء بهدوء ليصلوا إلى بغداد وإنما زمجرت مدرعاتهم وزحفت دباباتهم تسبقها نيران المدافع والصواريخ، ومثلها فعلت الطائرات المقاتلة والقاصفات المدمرة، وفي كل ساعة كان حصاد زحفها الكثير من ارواح العراقيين وممتلكاتهم، فقد كان القصف يطول كل شيء وبدون استثناء.
هذه الصورة المختصرة لكل ما حصل، وعلى الطرف الاخر فأن غالبية تجمعات ولقاءات الصحفيين والإعلاميين والمثقفين الذين وصلوا بغداد اجمعوا على مسألة خطيرة، فقد تعاطى غالبية هؤلاء مع "حالة الاحتلال الأميركي للبلد" باعتبارها حالة ايجابية، أما وصف ما حصل ب" التحرير" من قبل هؤلاء فحدث ولا حرج.
واستنادا إلى تجارب الاحتلال عبر التاريخ فأن الجميع ينظر إليها من زاوية محددة وواضحة، فالاحتلال له تعريفه الدقيق والصريح.
الثانية: ترتب على المسألة الاولى امر في غاية الخطورة ايضا، فالمسألة لم تتوقف عند وصف ما حصل من احتلال بغير حقيقته وجوهره، بل كان الاخطر منه هو بدء مرحلة الترويج لثقافة قبول الاحتلال والتعامل معه بسلاسة وايجابية، وهذا الترويج اخذ اشكالا متعددة واستعملت فيه ادوات متنوعة ومختلفة.
ما لم يطرحه المثقفون والإعلاميون الذين وقفوا في الواجهة بعد الغزو والاحتلال الأميركي للعراق وبدأ البعض منهم بالظهور في وسائل الإعلام التي تخاطب الرأي العام العراقي والعربي والدولي، هو سؤال بسيط، يقول: لماذا تخسر الولايات المتحدة جنودها واموالها الطائلة في العراق؟