[author image="http://alwatan.com/template/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
ربما هناك من يسأل عن أهداف اليهود المتداخلة ومدى أهميتها بالنسبة لهم وخطورتها على الآخرين وتحديدا في فلسطين، وللإجابة على ذلك فإن الباحث يكتشف أن الزعامات اليهودية تحاول باستمرار تصوير اليهود على أنهم في حال الضياع والشتات وأن الظلم يقع عليهم في كل زمان ومكان، وقد نجد في قصة الهولوكوست ما يؤكد ذلك، ويسعون من ورائه تحقيق عدة اهداف، يمكن اجمالها بالآتي:
اولها: الابقاء على حالة التعاطف مع اليهود، كونهم يعيشون حالة التشرذم والشتات والتمزق وأن مستقبلهم سيكون دائماً اسوأ من حاضرهم، لذلك يحتاجون إلى من يتعاطف معهم، ويساعدهم في الكثير من الأمور التي تستدعي المساعدة.
ثانيها: استخدام تلك الصورة لرص صفوف اليهود وتماسكهم والعمل على تحقيق أهداف محددة، من خلال دفع الأجيال الجديدة من اليهود للتمسك بواحدة من أقوى قنوات السلطة على مر العصور وهي سلطة المال. وهذا الجانب مكن اليهود من الوصول إلى اخطر وأهم المفاصل لدى صانعي القرار في البلدان التي يتواجدون فيها، ومن بينها الدولة العثمانية وبعد ذلك الدولة التركية الحديثة.
ثالثها: الإبقاء على حالة الغموض التي تهيمن على تحركات اليهود، والتي تمنحهم القدرة على المناورة والخداع واستخدام مختلف الأساليب للوصول إلى ما يبغون، ويضيفون إلى ذلك التأكيد بصورة غير مباشرة أن اعداد اليهود قليلة جداً، ويعيشون في شتات وهذا يعطي انطباعاً اخر على ضعف اليهود وعدم قدرتهم على فعل شيء ذي بال.
وحصل ذلك مع السلطة العثمانية التي كانت تنظر إلى اليهود على أنهم مجاميع مشتتة وضئيلة، ولا يمكن أن تؤثر حقيقة في السلطنة العثمانية ذات القوة والاتساع والجيش والتي تضم الكثير من القادة والمفكرين. ومن هذا المنطلق ومن الأجواء التي يرسمها اليهود حول أنفسهم، كان البعض يساعد اليهود والبعض يتغاضى عن سلوكياتهم لأنها لا يمكن أن تكون مؤثرة وليست ذات أهمية تذكر.
وظلت سفينتهم تمخر عباب بحار الدولة العثمانية ابتداء من دخولهم القصر السلطاني وانتشارهم في ما حوله، ودخول جماعات كبيرة منهم إلى الإسلام لاتخاذه غطاء لوصولهم إلى مراكز القرار والسلطة وهم (يهود الدونمه) وسيطرتهم على التجارة ومفاصل الاقتصاد المهمة، وهيمنتهم على وسائل الإعلام منـذ وقت مبكر فـي تركيا.
ومع استمرار حركة سفينتهم التي تتحرك وسط حالة مـن الغموض والسرية والتنظيم، فوجئ اليهود بظهور شخصية السلطان عبد الحميد الثاني، الذي تنبه مبكراً إلى الاخطار التي يحملها اليهود والأهداف التي يبغون الوصول إليها.
وبينما كانت تعمل الصهيونية العالمية بكل ثقلها على دفع اليهود للهجرة إلى فلسطين واقامة علاقات صداقة وطيدة مع اركان السلطة العثمانية. بدأ هرتزل حملته للوصول إلى السلطان عبدالحميد الثاني، ومن الواضح أن نيات هرتزل ومخططاته كانت تنصب على كسب السلطان إلى جانبه، وإذا فشل في ذلك فإن وضعه على الحياد، يعني الكثير بالنسبة له على طريق افساح المجال أمام اليهود بالهجرة إلى فلسطين، وسبق أن ذكرنا بأن اليهود قد عملوا بصورة غير مباشرة على اضعاف الدولة العثمانية اقتصاديًّا، وكان على هرتزل أن يستغل هذه الثغرة، حيث يقول في يومياته (علينا أن ننفق عشرين مليون ليرة تركية لإصلاح الأوضاع المالية، مليون منها ثمن لفلسطين والباقي لتحرير تركيا العثمانية بتسديد ديونها تمهيداً للتخلص من البعثة الأوروبية..ومن ثم نقوم بتمويل السلطان بأي قروض جديدة يطلبها).. وكانت هذه العروض ليست سهلة، لكن الصهيوني هرتزل أعد لها اعداداً دقيقاً إذ اجرى اتصالات مكثفة مع المسؤولين فـي المانيا وانجلترا والنمسا وروسيا وايطاليا.