فيما تقام ندوة " الرواية العربية ـ بلاغة الرواية وتخييل الخطاب"

سعيد يقطين ومعجب العدواني يناقشون "الرواية ووعي الكتابة التجريبية"
افتتاح معرض تاريخ الرواية العربية وخريطة عملاقة للوطن العربي تزينها أولى الروايات

الدوحة ـ من فيصل بن سعيد العلوي:
يشهد مسرح الاوبرا في الحي الثقافي "كتارا" بالعاصمة القطرية الدوحة مساء اليوم حفل توزيع جائزة كتارا للرواية العربية والتي تختتم دورتها الأولى مساء غد الخميس ، حيث يشمل الحفل توزيع جوائز فئة الروايات المنشورة وعددها خمس جوائز، كما يشمل فئة الروايات غير المنشورة وعددها خمس جوائز للروايات التي لم تنشر، وسيتم كذلك توزيع جائزة أفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي من بين الروايات الفائزة مقابل شراء حقوق تحويل الرواية إلى عمل درامي، إضافة إلى طباعة وتسويق الأعمال الفائزة التي لم تنشر وترجمة الروايات إلى خمس لغات هي الإنجليزية والإسبانية والفرنسية والصينية والهندية.
وكانت قد اقيمت مساء أمس الاول أولى ندوات الرواية العربية المصاحبة للمهرجان كتارا للرواية العربية بعنوان: "الرواية ووعي الكتابة التجريبية" شارك فيها الناقد المغربي الدكتور سعيد يقطين، والكاتب والناقد السعودي معجب العدواني، فيما أدار الندوة الكاتب والروائي القطري الدكتور أحمد عبدالملك.حيث أوضح بداية الدكتور أحمد عبدالملك أن التجريب هو محاولة بناء واقع جديد في المخيلة، وهو تضمين النص تقنيات جديدة مع اتساع رقعة الخيال واكتشاف مناطق جديدة في اللغة لم تكن معروفة في القوالب التقليدية.بعدها تحدث الناقد الدكتور سعيد يقطين الذي قارب علاقة الأدب بالتكنولوجيا من منظورين مختلفين اولها عوامل التكنولوجيا باعتبارها موضوعا للسرد، إذ تصبح المنتجات التكنولوجيا جزءا من المادة السردية التي يشتغل بها الروائي، مشيرا إلى أن هذه المسألة قديمة قدم الإنسان، على اعتبار أن التكنولوجيا ماهي إلا تطوير لأدوات الإنسان وحواسه ومدركاته من أجل التفاعل مع العالم الخارجي.
وأضاف "يقطين" : أنه في العصر الحديث، مع التطور التكنولوجي منذ الثورة الصناعية إلى الآن، نجد أن استخدام التقنيات الحديثة في السرد تطغى في الإنتاجات الروائية الأوروبية، خصوصا روايات الخيال العلمي. أما المنظور الثاني فهو اعتماد العوالم السردية مستثمرة التكنولوجيا لتقديم العوالم السردية التكنولوجيا باعتبارها وسيطا من الوسائط التي تضمن التفاعل بين المبدع والمتلقي حول موضوع معين. وفي هذا النطاق، عرج المتحدث على مراحل تاريخ البشرية بدءا من "الشفاهة" ومرورا بالكتابة ثم الطباعة والرقانة. ونوه يقطين إلى أن هذا التجريب دائم ومتواصل، معتبرا أن السرد هو تجريب لأدوات وتقنيات الكتابة لتتواءم مع العصر المعرفي الذي توجد فيه من أجل تطوير أساليب المتلقي وتجاوز إكراهات الوسائط والتأثير في المتلقي والارتقاء به لمستوى أعلى، حيث تم الاستعانة بالصور وكتابة النص من خلال شطرين أو استخدام الأشكال والتعابير المختلفة (رسومات) وتقسيم فصول الروايات، حيث ظل الكاتب يحس أنه أمام إكراهات متواصلة، وتجاوز هذه الإكراهات لن يكون إلا باستخدام التكنولوجيا.
بعدها قدم الناقد والأديب معجب العدواني ورقته بعنوان "الرواية وآفاق التجريب السردي"، منوها أنه يميل أن يكون عريضا، محاولا معالجته من ثلاثة أبعاد الجانب الكوني للرواية باعتبارها جزءا من المنظومة الكونية، هذا الجنس الروائي والبيئة التي يمكن أن يقدم فيها الروائي ما يريد يتصل بالسؤال: ملامح التجريب السردي في الجنس الروائي العربي.وذكر العدواني أن هناك سؤالين عجز عن الإجابة عنهما، معتبرا إياهما مشروعين: هل استجابت الرواية العربية لمبادئ التجريب فعلا؟ أما السؤال الثاني فاعتبره المتحدث أكثر جرأة ومفاده: "هل ترفض ثقافتنا مبدأ التجريب في الرواية، ليحاول بعد ذلك، تلمس خيوط بعض الإجابات. وقال الناقد معجب العدواني، إن لكل رواية شكلها وسمتها الخاصة بها التي تميزها عن غيرها من الروايات، حيث أن الرواية تعد جنسا أدبيا مفتوحا على حوار دائم ولا سيما مع الأجناس الأدبية الأخرى. وأن هناك روايات وليس رواية، حيث أن الرواية بعيدة عن باقي الأجناس الأدبية وأن باختين وصفها بـ"الجنس الأدبي الذي لم يكتمل بعد"، وهي بذلك في منطقة الحقل الفارغ.
وأشار المتحدث، أن أهمية التجريب تتعلق بمسألة أن الرواية تسهم ليس في إنتاج ذاتها فحسب، بل في خلق النظريات النقدية المعاصرة، وهو ما حدث في الرواية الغربية، التي كان لها إسهام في خلق التنظير للتيارات النقدية المعاصرة، وما يزال لها هذا الدور إلى وقتنا الحاضر. وفي القسم الثاني، خصصه لدواعي التجريب في الرواية، وهل كانت هذه الدواعي في خلق الموانع أيضا. وقال إن الرواية الغربية هي المهيمنة بمشاهيرها، وكان لها عامل ضاغط على الرواية العربية، فضلا على أن الميراث الكلاسيكي والموروثات السردية في ثقافتنا العربية، كان عاملا في تشكيل الرواية العربية، والعامل الثالث، ويرتبط بالتقلبات السياسية والاقتصادية، وآخر يرتبط بوجود تيارات مناهضة للرواية، ووجود بيئات تشجيعية للرواية، ومن ذلك، وجود عدد من الجوائز المخصصة للرواية.

تواصل الإجتماعات
وكانت قد تواصلت امس على هامش فعاليات الجائزة اجتماعات اللجنة الدائمة للثقافة العربية حيث بحث المجتمعون عددا من القضايا والموضوعات الثقافية، إضافة الى استعراض الواقع الراهن للأوضاع الثقافية العربية ،وفي شأن التراث الثقافي يبحث الاجتماع البوابة الالكترونية للتراث الثقافي في الدول العربية، وميثاق حماية التراث الثقافي في البلدان العربية، والدورات التدريبية لفائدة الكوادر العربية المتخصصة في المحافظة على التراث بشقيه المادي وغير المادي. كما يجري بحث سبل الدعم الثقافي لفلسطين ومدينة القدس، اضافة إلى المصادقة على عدد من الاتفاقيات الدولية المرتبطة بالتراث الثقافي.

ملحمة الغدر
وضمن فعاليات المهرجان شهد مسرح الأوبرا العرض المسرحي "ملحمة الغدر"، عن قصة الكاتب القطري الدكتور هاشم السيد والمعالجة الدرامية والتمثيل الفنان فيصل جواد وإخراج إيمان ذياب. وتصنف ملحمة الغدر ضمن مسرحيات المونودراما حيث تعبر ملحمة الغدر عن خواطر وقيم حياتية تلازم النفس البشرية، في دروب الحياة. وما يمكن أن يكتسبه الإنسان من حكم ومواقف من خلالها، كما أن النص ذاته مفعم باستخلاص التجربة من رحلة العمر. ويؤكد على بعض القيم النبيلة التي ينبغي التحلي بها مثل الإخلاص والعطاء وحب الأهل والوطن، وهي ذات الصفات التي رسمها الكاتب للبطل الذي يعاني الغدر من أقرب الناس إليه.

معرض تاريخ الرواية العربية
كما افتتح الدكتور خالد بن إبراهيم السليطي المدير العام للمؤسسة العامة للحي الثقافي "كتارا" بالدوحة معرض "تاريخ الرواية العربية" الذي يستعرض ابرز المحطات التي مرت بها الرواية العربية منذ العصر العباسي مرورا بالتغيرات والتحولات التي شهدتها الرواية العربية على مدى العصور الاخيرة.كما يتناول المعرض الرواية العربية بعد الثورة المصرية في العام 1919 وما شهدته من تحولات مهمة. ويستعرض كذلك مرحلة الواقعية الجديدة بعد نكسة يونيوعام 1967، وتحول الروائيين العرب إلى الكتابة برؤية مختلفة عن رؤية الجيل السابق. ويصل المعرض إلى ما أطلق عليه مرحلة المواجهة، حيث تركت مجموعة من الأحداث الخطيرة والانتكاسات التي مر بها الوطن العربي أثرها في الرواية العربية ، فكان لها أبعد الأثر في الرواية العربية، وموضوعاتها، وأساليب تناولها، وتنوع تقنياتها السردية.كما يستعرض المعرض مرحلة الآفاق الجديدة وتختص بما أطلق عليه "الربيع العربي"، وصولا إلى جائزة كتارا للرواية العربية، ويضم المعرض خريطة عملاقة للوطن العربي تزينها أولى الروايات من كافة الدول العربية.
وقد اثنى محمد سلماوي رئيس اتحاد الأدباء والكتاب العرب على معرض تاريخ الرواية العربية، لما يضمه من لوحات تحكي تاريخ الرواية العربية وما مرت به من مراحل. وأشار إلى أن مثل هذه المعارض تشكل دعما للرواية وتوثيقها وتعريف الاجيال الناشئة بها.

افلام الرواية
ويشهد مهرجان كتارا للرواية العربية عروض افلام لنخبة من الروائيين العرب، حيث تعرض افلام "الأرض" عن رواية عبدالرحمن الشرقاوي، و"بين القصرين" عن رواية نجيب محفوظ، و"دعاء الكروان" عن رواية طه حسين، و"قصر الشوق" عن رواية لنجيب محفوظ، و"الحفيد" عن رواية عبد الحميد السحار، و"المذنبون" عن رواية نجيب محفوظ، و"أم العروسة" عن رواية عبدالحميد السحار، و"القاهرة 30 "عن رواية نجيب محفوظ، و"شيء من الخوف" عن رواية ثروت اباظة.