لا يملك المرء إلا أن يشعر بالأسى والحزن في بعض الاحيان؛ لما يسمع عن انقطاع المياه عن مناطق ولمدة ايام، وليس ساعات، وعن انقطاع للكهرباء كذلك وفي عز الصيف، وعن عدم كفاءة التخطيط احيانا في بعض المشاريع، وعن تأخر المشاريع لسنوات، وعن سوء الشوارع بعد الصرف الصحي، وعن التعليم وما ادراك ما التعليم وعن وعن، مقالات كثيرة لزملاء يكتبون عن اوضاع مختلفة، وما زلنا نعاني من تجارب غير جيدة في بعض من الامور..!
لم تكن هذه الحال حتمية بأي حال من الأحوال. فنحن ربما في حاجة للتغيير في بعض الوزارات والهيئات، البعض منها من القمة، والبعض منها من القاع، لسنا في حاجة لحلول مؤقته، مع انه من الممكن التوصل إلى حلول سريعة تدعم النمو الاقتصادي والسياحي وجلب الاستثمار للبلاد بدلا من البيروقراطية وتداخل الصلاحيات وغيرها.
فالشراكة الحقيقية بين القطاعين العام والخاص تتطلب في المقام الاول تعديل بعض القوانين والتشريعات ـ كما اكدها رئيس الغرفة ـ كما ان توفير الماء والكهرباء لم يعد ترفا للمواطن، بل ضرورة حتمية مثل الصحة والتعليم ، والطرق ذو المواصفات العالية، فالمشاكل تعددت ، في الاونة الاخيرة ، رغم ماتم من انجازات خلال السنوات الماضية، فما بالك بالعواقب السلبية التي لا يمكن إنكارها مستقبلا نتيجة مشروع الصرف الصحي اذا لم يتم العمل على تلافي ذلك كله.!
الواقع أن الحكومة، مع بعض التبرير، ربما كان بوسعها أن تقدم الكثير من الحلول والتحديثات بعد احداث جونو، والاسراع في تنفيذ برنامج بعيد المدى لتطوير وانتشال البلاد من الاخطاء التي وقعت فيها نتيجة عدم كفاءه التخطيط في بعض الفترات، وليس قلة المال او ضعف الكوادر البشرية.
وللاسف الشديد، رغم كل ذلك، مثل ما دخلت بعض الاقتراحات والمشاريع في (غيبوبة) مثل مشاريع التعليم وتجاربه المتعددة، وسند وسجل القوى العاملة وغيره، لان البعض كانوا غير قادرين على الرؤية خارج أفق امكانياتهم وقدراتهم المحدودة.
في الواقع، يبدو أننا في حاجة للتغيير، وليس التغيير من اجل التغيير، فمن غير المرجح أن تستمر الاوضاع على ماهي عليه الان في بعض الوزارات والهيئات والمؤسسات التي بدات تنتشر بكثرة.
ولكن يتعين على آخرين في بعض الجهات ان يتخلوا عن المحسوبية والبيروقراطية والصداقات وعن وعن، ويعملوا فقط من اجل الوطن ورفاهية الشعب، فمن غير الممكن استخدام الأزمة الاقتصادية وهبوط اسعار النفط، كمبرر لعدم تنفيذ التوجيهات السامية لمولانا جلالة السلطان قابوس ـ حفظه الله ـ التي تتعلق بالمواطن في المقام الاول.
إن ازمة النفط وغيرها، لو كانت لدينا بدائل وتخطيط سليم من سنوات، لما وصلنا لهذا المستوى، فمن الواضح اننا في حاجة للعودة سريعا لعلاج (النقرس) حتى نتمكن من الوقوف على قدمينا، وإبقائها في الوضع الصحيح، من خلال استغلال الثروات، الطاقة الشمسية، والثروة المائية في حوض المسرات ونجد ظفار ورمال الشرقية ـ كما سمعنا وقراءنا ـ من الدكتور فاروق الباز ومن وزراء سابقين. كل ذلك سيحل جزء من مشاكلنا المائية والزراعية والاقتصادية والكهربائية، ولتحقيق هذه الغاية يتطلب وجود مستثمرين ومفاوضين على اعلى المستويات لجذب الاستثمار للبلاد.
ملفات تحتاج للتحريك ، ووزارات تحتاج لدمج واخرى لتحويلها لهيئات، واخرى للانشاء للاشراف على التخطيط والبناء، فالفاعلية والجودة في الانتاج والانجاز، وليس الحصول على شهادة الايزو، فالمشاريع العالقة تحتاج للاسراع، وفتح الحدود للشركات العالمية لدخول السوق المحلي اصبح ملح وضروري خاصة العملاقة.. وحقيقة فان تكليف وزير او رئيس لعدة جهات وانشغالات أخرى، اثبتت فشلها في الكثير من الامور داخليا وخارجيا.
فهل نسمع قريباً او بعد حين ، قرارات جذرية تطوي هذه الملفات نهائياً، وحينها لن يتعرف المواطن على نتائج الوزارت من خلال بياناتها الصحافية ووعودها المعلقة، بل سيرى إجراءات جديدة وسريعة باذن الله تعالى وهذا ما يتطلب منا مواجهة التحديات حتى نعبر هذه المرحلة الهامة من الاحداث سواء الاقتصادية او السياسية التي تعصف بالمنطقة والبحث عن حلول بديلة وجذرية لمشكلة انقطاع المياه او عطل المضخة والتيار الكهربائي وغيرها.. وايضا صدور قانون القطاع المدني الموحد.. والله من وراء القصد.

د. احمد بن سالم باتميرة
[email protected]