[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fawzy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]فوزي رمضان
صحفي مصري[/author]
” .. يحكى ان ....... ان مصر الآن تستورد القطن من اسرائيل والهند وجنوب افريقيا، لم اصدمك ياعزيزى بل اتحسرعندما تشعر ان الخيانة ليست فقط على جبهات القتال، بل الخيانة عندما تتحرك اصابع النظام الفاسد منذ العام 1994 في شبهة مؤامرة لتدمر محصول مصر الاستراتيجي، وتبدد عطاؤه الذهبى وتهيل التراب على فخر مصر الزراعى، فتتخلى الدولة عن دعم المزارع وترفع يدها عن شراء المحصول، وتتركه يغرق في دوامة التسويق الذي يجهله،”
ــــــــــــــــــــــــــــــ
يحكى ان.... في سالف الزمان نبات عبارة عن شجيرة صغيرة يطلق عليها الفلاحون (وش الخير)، وينتظرونها كل عام بطقوس من الفرح والبهجة، حيث كانت الملاذ الآمن لهم ومصدر الرخاء لحياتهم، تلك الشجيرة ذات المحصول الناصع البياض كبياض قلوب بسطاء هذا الزمن، شجيرة تعادل القيمة في الاسواق، وتعادل القيم في الاخلاق، وكما النخلة عظيمة النفع هي ايضا عظيمة المنفعة، محصولها الابيض يكسو العباد بلباس لم يصل الى رقيه اي كساء، ومن بذوره تصنع الزيوت وعلف الماشية واعواد اشجاره وقودا لطهى الطعام .. بالتأكيد عرفتموه... انه القطن المصري، الذهب الابيض والمحصول الاستراتيجي الذي يعادل الذهب الاصفر كغطاء اقتصادي عالي القيمة لمدخول الدولة، ويعادل النفط كسلعة استراتيجية فائقة المنفعة ... حيث استخدمته الحكومة المصرية منذ ثورة يوليو1952، كورقة رابحة في صفقات السلاح مع دول الكتلة الشرقية، واعتبر اهم واغلى صادرات مصر على الاطلاق ليس هذا فقط، بل انشأت عليه صناعات عريقة تمثلت في الغزل والنسيج وشيدت له مدنا كاملة (المحلة الكبرى وكفر الدوار) لتكون مجتمعات صناعية كثيفة العمال وفيرة الإنتاج.
ويحكى ان ....... ان مصر الآن تستورد القطن من اسرائيل والهند وجنوب افريقيا، لم اصدمك ياعزيزي بل اتحسرعندما تشعر ان الخيانة ليست فقط على جبهات القتال، بل الخيانة عندما تتحرك اصابع النظام الفاسد منذ العام 1994 في شبهة مؤامرة لتدمر محصول مصر الاستراتيجي، وتبدد عطاءه الذهبي وتهيل التراب على فخر مصر الزراعي، فتتخلى الدولة عن دعم المزارع وترفع يدها عن شراء المحصول، وتتركه يغرق في دوامة التسويق الذي يجهله، ومن الاهمال والعجز والتخبط وسياسات الفشل، اصيب الفلاح بالحسرة عندما يحصد محصوله، ويتركه اكياسا متناثرة في بيته اشهرا طويلة تحت لهيب الشمس وامطار الشتاء، فلا مشتر سوى تاجر جشع يتحكم في السعر كما يشاء، ولا دولة تنقذه من الخراب، ولا سياسة رشيدة تعيد الامجاد لعزيز القطن الذي زل، وما للفلاح مخرج سوى تجريف الارض ليبني عليها، وتنهار زراعة القطن كما انهارت صناعة الغزل والنسيج، وتخيل المؤامرة ان معظم آلات صناعة الغزل والنسيج، مهيئة فقط على التشغيل باقطان قصيرة التيلة
( ولاحظ قصيرة التيلة)، مع ان القطن المصري من اجود انواع الاقطان طويلة التيلة ذات السمعة العريقة في ارجاء المعمورة، لتتوقف معظم المصانع، وتغلق اكثر من الفي منشأة تعمل في تلك الصناعة، ويتبدد استثمار يبلغ 16 مليار جنيه، وفي ذاك الوقت استطاعت الحكومة الاميركية وفي محاولات حثيثة لضرب القطن المصري، قامت بدعم المزارع الاميركي بكل مستلزمات الانتاج ودعم الاقطان قصيرة التيلة لتباع باسعار رخيصة، تنافس القطن المصري وتطرحه ارضا، تماما كما ضربت اسعار النفط، وتسهم في انهيار اقتصاديات دول بذاتها.
ويحكى ان .. اننا الان في عالمنا العربي وبدعم اميركي ايضا نزرع الخيار والبانجو ( نبات مخدر) ونزرع القات (نبات ايضا مخدر) بل يعتبر المحصول الاستراتيجي في بعض دولنا نحن الان لانزرع قطنا ولا قمحا ولاشعيرا ولابقلا ولاعدسا، ولانذهب للمزرعة ولا نروي الارض، نحن نجلس طول الليل على المقاهي، نخزن القات وندخن النرجيلة ونكيف الدماغ ببعض من البانجو والحشيش، ليصحو علينا الصباح ونحن اجساد عليلة متهاوية كسولة خاملة فلا نذهب للعمل نحن الآن لانعمل ولاننتج ولا نكد ولانجتهد .... وينتصف اليوم لانتكسب ولا نحصد سوى الكذب والنصب والاحتيال .. لماذا نتعب نحن نستورد كل شى اننا نستورد الماء والهواء فلماذا نزرع القطن طالما استلم الحاكم الثمن، ولماذا نزرع القمح طالما شرب المسؤول (الشاى بالنعناع)...... نحن نزرع القات والبانجو فلماذا نزرع القطن.