تتراكم العوامل التي تؤهل السلطنة بقوة لتكون رقمًا واعدًا في صناعة السياحة المحلية والعالمية وفي معادلة العلم والتقنية وسط محيطها، وفي هذا السياق يبدو من المهم الإشارة إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها السلطنة نحو صناعة أماكن الجذب السياحي والاستثماري، وإلى الأشواط الواسعة التي قطعتها أيضًا في السير في دروب التقنية المتقدمة تأهيلًا وتدريبًا وعملًا وترويجًا، من خلال حزمة متكاملة من الجهود بدءًا من الحكومة الإلكترونية كبوابة مهمة تدخل بدولاب العمل الحكومي آفاق العصر، وصولًا إلى استضافة المعارض الترويجية لأحدث ما وصلت إليه يد العصر من تقنية متقدمة، سواء لسياحة المؤتمرات أو فعاليات الأعمال أو للحاسبات أو الهواتف أو الاتصالات أو الإنترنت أو تقنية المعلومات وأمنها بشكل عام.
وفي هذا السياق، يأتي كشف مركز عُمان للمُؤتمرات والمعارض النقاب عن أحدث تصاميمه ثلاثية الأبعاد والصور الجوية للمشروع المرتقب افتتاحه في 2016 وذلك في المُؤتمر الصحفي الذي عقده المركز خلال معرض سياحة الحوافز والمُؤتمرات (IMEX 2015) في ألمانيا، حيث يعد أحد أبرز المعارض العالمية الرائدة في مجال تعزيز وتطوير صناعة سياحة الحوافز والمؤتمرات والفعاليات.
وما من شك أن مركز عُمان للمُؤتمرات والمعارض من خلال ما يضمه من قاعات المعرض وأجنحة الضيافة سيعطي نقلة نوعية في قطاع صناعة سياحة المؤتمرات والمعارض وفعاليات الاستثمار والأعمال، كما سيعطي قوة دفع للجهود القائمة والمبذولة نحو تغيير ملامح هذه الصناعة في المنطقة بأسرها، وسيجعل من السلطنة قبلة ومحط أنظار العالم أجمع كمركز جديد ومليء بالفرص الفريدة والواعدة في قطاع سياحة المؤتمرات وفعاليات الأعمال. وما يحفز على المضي قدمًا نحو ذلك الكثير من العوامل والمزايا التي تتميز بها السلطنة من بينها المقومات السياحية والإرث الحضاري والإنساني لعُمان والاستقرار السياسي والتنوع الاقتصادي. وحسب تريفور مكارتني مُدير عام مركز عُمان للمُؤتمرات والمعارض فقد صُنفت السلطنة مُؤخرًا وللمرة الأولى ضمن أول ثمانين دولة على مستوى العالم في هذه الصناعة حسب تصنيف الجمعية الدولية للمُؤتمرات والاجتماعات (ICCA) التي تعد إحدى المُؤسسات العالمية الرائدة والمتخصصة في تنظيم المؤتمرات والفعاليات الدولية. كما أكد تقرير صادر عن المجلس العالمي للسفر والسياحة على مدى جاذبية السلطنة كوجهة مرموقة لسياحة الأعمال، حيث احتلت السلطنة المرتبة التاسعة من أصل 141 دولة حول العالم من حيث معايير الأمن والأمان.
وتأتي أهمية هذا المركز المزمع افتتاحه العام القادم من حيث إنه سيكون إحدى المنصات المتقدمة في صناعة السياحة، ولما سيوفره من فرص ومزايا ليس فقط لترويج السلطنة كوجهة سياحية واستثمارية واعدة وتحفيز ودعم ازدهار هذه الصناعة، وإنما لما سيوفره من فرص عمل تصل إلى ثمانية في المئة من أصل اثنين وسبعين ألف فرصة وظيفية في قطاع السفر والسياحة بحلول 2025م كما يقول القائمون على مركز عُمان للمؤتمرات والمعارض، في حين أنه من المتوقع أن يسهم المركز والمنطقة والمصاحبة له بما يزيد عن أربعمئة مليون دولار أميركي من الناتج الإجمالي المحلي بحلول العام ذاته. كما سيشكل المركز حافزًا قويًّا لانطلاق العديد من الفرص الاستثمارية والتجارية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في مجالات توريد الطعام والشراب، وتأجير المعدات والمواصلات والدعم التقني والتصميم والطباعة وإنتاج الفعاليات على اختلاف أنواعها، إلى جانب أنه سيشكل محورًا لبرنامج عُمان في تطوير وتنمية الأعمال التي من شأنها أن تضع السلطنة في موقع ريادي وتجعلها مركزًا رئيسيًّا لاستضافة الفعاليات الإقليمية والدولية، الأمر الذي سينعكس إيجابًا على مرافق وخدمات سياحة الأعمال في السلطنة، ويعزز من مساهمة هذا القطاع الحيوي على نطاق أوسع.
لن نتجاوز الحقيقة بالقول إن معارض سياحة الحوافز والمُؤتمرات والفعاليات وغيرها التي تدور في فلك السياحة والترويج والاستثمار تمثل بحرًا مترامي الأطراف للفرص الاقتصادية والاستثمارية والتقنية، بما يعود بالخير على مسيرة التنمية المستدامة في السلطنة، ويثبت دعائم الاقتصاد الوطني ويرفده بروافد غير تقليدية للنهوض والازدهار، وهي مسألة تستحق الكثير من التأمل في الخطوات الرشيدة التي تخطوها الحكومة في هذا المجال وغيره من المجالات.