[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لا يمكن ترويض الإرهابي التكفيري وكيف .. سؤال قاله أحد السياسيين اللبنانيين في معرض تعليقه على حالة القلق اللبنانية التي تتابع بدقة معلومات السيارات المفخخة، ما حصل منها وما كاد أن يحصل وما سوف يحصل.
هي معركة بكل معنى الكلمة، لكنها معركة بلا مواجهة، بل مع القدر .. أن تمر قرب سيارة مفخخة لحظة تفجيرها، أو يعبر انتحاري بسيارته المليئة بالمتفجرات ليسبقك إلى حيث قرر موته، فهي ليست مشيئتك.
حروب المواجهات لها أصولها، أما حرب المتفجرات والمفخخات فليس لها أصول. الأمر بالنسبة للبنانيين ليس جديدا، هو كذلك بالنسبة لبعضهم من جيل لم يعش حربا ضروس تفجرت في العام 1975 صارت فيها المفخخات أساسية، وقد لعب فيها الإسرائيلي ما شاء، خصوصا وأن صراعه مع الفلسطيني على الأرض اللبنانية كان في قمة وضوحه، وغاياته ليس فقط القتل، بل وضع الفلسطينيين أمام خيارات لم تصبح واقعا إلا عندما دخل جيش إسرائيلي بكامل عدته وعدده إلى لبنان وصولا إلى بيروت وأخرجهم عندها أنهى عهد مفخخات ضد فلسطينيين لتبدأ أخرى بين لبنانيين.
الضربات الموجعة التي نالها لبنان قبل مدة إن في الضاحية الجنوبية أو في الهرمل هي مشروع جديد بيد صاحب قديم له، هو الإسرائيلي .. لا نعتقد أن شن حرب ضد حزب الله وأنصاره ومؤيديه في مساحة واحدة غير إسرائيلي .. ليس من عدو لإسرائيل سوى هذا الحزب الذي هو جزء من مشروع أو واجهة له. كل قتال ضده إسرائيلي بالضرورة، كل تفخيخ لمواقعه، إسرائيلي بامتياز، تنشئ إسرائيل هذا النوع من الأفكار وترميها بيد بعض رجال الدين الذين خرجتهم السي آي إيه وقد صار عددهم بالآلاف ليس لخدمة الدين بالطبع، بل للتلاعب بعقول الشباب الذي يغرر به في مثل هذه الحالات.
إدخال لبنان تحت هذا الخطر المتحرك في الشوارع وبين البيوت وفي المنعطفات لا يمكن صرفه في السياسة كما أنه لن يؤثر على الفكرة الكبرى التي هي حزب الله. لعل آخر ما توصلت إليه معلومات الجيش اللبناني من خلال اعتقال الرأس المدبر للمفخخات أن النية كانت تتجه لتحويل ذكرى عماد مغنية بعد يومين إلى يوم أسود، بمعنى أن يتم تفجير قناة "المنار" ثم تفجير ضخم في الحشود التي ستخرج يومها، وعندما ستهرب الجموع سيتم ملاحقتها بانتحاريين يحملون أحزمة ناسفة يفجرون أنفسهم بالتجمعات الهاربة في وقت يتم فيه قصف تلك التجمعات أيضا بعدد من الصواريخ التي تم ضبطها لهذه الغاية.
من المؤسف القول، إننا لا نعتقد أن اعتقال إرهابي أو إرهابيين أو رؤوس مدبرة وخلايا سيحل المشكلة، الخلايا تلك تأخذ شكلا عنقوديا بحيث لا يعرف بعضهم بعضا، فإن سقط أحدهم، هنالك من يملأ مكانه، وإن تم تفكيك سيارة مفخخة هنالك بدائل مكانها وبالجملة. لا يمكن تبسيط حالة الخطر إلى اعتبار أن ما توصلت إليه مخابرات الجيش اللبناني من اعتقال مسؤول عن المفخخات سوى إنجاز مؤقت، طالما أن الهدف الاستراتيجي الحالي للموساد وللبعض الذي يروقه مثل هذه الأعمال، قتل أكبر كم من المتعاطفين مع حزب الله، بمعنى محاولة التأثير على شعبيته بغية تفكيكها.
إنه عصر إقامة الإرهاب والترويع الناتج عنه .. ظلم كثير سيلحق بالناس، قلق كبير سيظل مرافقا لهم .. هو عالم من التحديات التي تستحق الصبر والصمود والمزيد من الالتصاق بالحزب طالما أن المعركة إسرائيلية بالطبع تتخفى في ثوب التكفيري.