باريس ـ عواصم ـ وكالات: اعرب صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) أمس عن شعوره "بالصدمة لوحشية منفذي عمليات قتل وتشويه الاطفال" في افريقيا الوسطى، واستنكر "الافلات من العقاب الذي يتمتعون به".
وقالت اليونيسف في بيان أمس "تميزت هذه الاسابيع الاخيرة بمستويات غير مسبوقة من العنف ضد الاطفال اثناء الهجمات الطائفية والردود الانتقامية التي تشنها ميليشيات انتي بالاكا على المسلمين".
وقال المدير الاقليمي لليونيسف لغرب ووسط افريقيا مانويل فونتين بحسب ما جاء في البيان ان "الاطفال اكثر استهدافا بسبب ديانتهم او بسبب الطائفة التي ينتمون اليها".
واضاف ان "دولة يمكن لراشدين فيها، في غياب اي عقاب، ان يستهدفوا اطفالا ابرياء بكل وحشية لا مستقبل لها". وقال ايضا "من الضروري جدا وضع حد لحالة الافلات من العقاب".
واضاف فونتين "قتل ما لا يقل عن 133 طفلا وقطعت اعضاؤهم، وبعضهم بطريقة وحشية جدا بينما لا يتوقف تكثيف اعمال العنف الاتنية الدينية منذ شهرين".
وقال البيان ان "اليونيسف تحققت من حالات اطفال قطعت رؤوسهم وقطعت اعضاؤهم عمدا، وتعرف ان اطفالا اصيبوا بجروح اثناء عمليات تبادل اطلاق نار اضطروا لبتر اعضاء بانفسهم لان الوضع الامني منعهم من التوجه الى المستشفى في الوقت المناسب لتلقي العلاج".
وتابعت اليونيسف ان "كل المجموعات ارتكبت اعمال عنف لكن الاستهداف الاخير للسكان المسلمين ادى الى اجلاء مجموعات بكاملها والى زيادة كبيرة في عدد الاطفال الذين لا يرافقهم احد وانفصلوا عن عائلاتهم في خضم الماسأة. هؤلاء الاطفال هم الاكثر ضعفا".
وفي السياق ذاته اعلنت الرئاسة الفرنسية ان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند سيستقبل في باريس نظيره التشادي ادريس ديبي للبحث في الازمة في افريقيا الوسطى.
وسيعقد اللقاء بعد اجتماع لمجلس الدفاع برئاسة هولاند سيحضره مسؤولون عسكريون والوزراء المعنيون (الخارجية والدفاع)، سيخصص للبحث في الوضع في افريقيا الوسطى، كما قال الاليزيه.
وكانت فرنسا والامم المتحدة تبادلتا خلال الاسبوع الجاري الدعوات الى ارسال تعزيزات الى افريقيا الوسطى حيث ما زال الوضع متوترا جدا وتجري اعمال عنف يومية.
فقد طلب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون من فرنسا الثلاثاء ارسال قوات اضافية. ورد هولاند الخميس بمطالبته بتسريع نشر قوة لحفظ السلام ما زال تدرس.
وتنشر فرنسا 1600 عسكري على الارض في افريقيا الوسطى يساندون حوالي خمسة آلاف رجل تابعين للاتحاد الافريقي، وترفض حتى الآن زيادة عديد قواتها.
اما تشاد فلديها قوة كبيرة في افريقيا الوسطى لكنها ترفض ان يتحول الوجود العسكري الافريقي الى عملية لحفظ السلام تابعة للامم المتحدة.
وتشهد الازمة تضارب في المواقف الدولية حيث تدعو الامم المتحدة غلى ضخ تعزيزات فرنسية وفيما تطالب باريس بقوات دولية والدول الاوروبية الكبرى لا تريد وضع قدم هناك، وبالتالي فان افريقيا الوسطى تبدو بمثابة فخ امام المجتمع الدولي العاجز على مساعدة هذا البلد التائه.
ونزح حوالى مليون شخص من اصل 4,6 مليون نسمة، من ديارهم الى الطرقات والمخيمات بحثا عن اللجوء.
وقال المفوض الاعلى للاجئين انطونيو جوتيريس انها كارثة انسانية "لا توصف" وهي متواصلة رغم انتشار سبعة الاف جندي اجنبي (1600 فرنسي و5400 عسكري من قوات الاتحاد الافريقي لجمهورية افريقيا الوسطى) الذين اقرت لهم الامم المتحدة في بداية ديسمبر التدخل لاستعادة النظام والامن، ورغم ملايين اليورو التي وعدت بها الدول المانحة لاخراج هذا البلد من الهاوية.
وامام الفوضى اجمعت كل الاطراف - المجتمع الدولي والحكومة الانتقالية في افريقيا الوسطى والمنظمات غير الحكومية -على نقطة هي انه لا بد من مزيد من العسكريين والشرطيين على الارض لاستعادة النظام والامن كاولوية الاوليات قبل اعادة بناء ما يشبه الدولة والادارة.
وقالت جينفييف جاريجوس رئيسة فرع فرنسا في منظمة العفو الدولي "هناك حاجة ملحة جدا الى القوات. قلناها من البداية وقالت الامم المتحدة انه لا بد من تسعة الى عشرة الاف رجل".
وانتقدت منظمتها في تقرير رد القوات الدولية على "التطهير العرقي" الذي يستهدف المسلمين المدفوعين الى الهجرة من مليشيات الانتي بالاكا، واعتبرته ردا "متهاونا جدا".
وكثفت هذه المليشيات التجاوزات منذ استقالة الرئيس ميشال جوتوديا الذي كان ينتمي الى حركة سيليكا التي نصبته رئيسا في مارس 2013، في العاشر من يناير الماضي.
وقال تيري فيركولون المتخصص في بلدان وسط افريقيا في مجموعة الازمات الدولية ان المشكلة هي ان "الجميع يريد التخلص من ازمة افريقيا الوسطى الساخنة ويمررها الى الاخر".
ولا تريد فرنسا وهي اصلا في الخط الاول في هذه الازمة التي تهز مستعمرتها السابقة الزيادة في عديد قواتها لا سيما انها تنشر ايضا قوات كثيرة في مالي.
وقال مسؤول دبلوماسي كبير "لا يمكن ان تحل فرنسا الازمة بمفردها، فهي ليست ملزمة بذلك وليست لديها حتى امكانيات لادارة هذه الازمة برمتها وعلى كل طرف ان يتحمل مسؤولياته"، في حين طلب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون بداية الاسبوع من باريس "التخطيط لنشر مزيد من القوات في افريقيا الوسطى".
لكن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وبدون ان يجيب على هذا الطلب مباشرة، حث بان كي مون على "الاسراع" في ارسال مزيد من القوات الدولية الى ذلك البلد كما ينص عليه القرار المصادق عليه في ديسمبر.
لكن عملية حفظ السلام التي ينبغي ان يتبناها مجلس الامن الدولي في قرار جديد، ما زالت معطلة بسبب تردد عدة دول لا سيما الولايات المتحدة - لاسباب مالية - وكذلك بلدان افريقية مثل تشاد وتوغو المقحمتان اصلا في افريقيا الوسطى باعداد كبيرة من الجنود في القوة الافريقية.
واعتبرت جاريجوس انه فضلا عن ذلك، لن يتم تنفيذ عملية كهذه قبل الصيف اي عندما "يكون فات الاوان".
وقد تبدأ القوات الاوروبية - 500 جندي لضمان امن مطار بانغي ودعم القوات الفرنسية والقوة الافريقية - في الوصول بداية مارس.
لكن من الان اعلنت الدول الاوروبية الكبرى، وفي مقدمتها بريطانيا والمانيا، انها لن ترسل جنودا، وبالتالي يتوقع ان تتشكل هذه الوحدة "القوة الاوروبية (يوفور) لجمهورية افريقيا الوسطى" في معظمها من عسكريين فرنسيين وبلدان مثل استونيا وجورجيا التي ليست عضوا في الاتحاد الاوروبي.
وقال تيري فيركولون ان "المشكلة هي اننا نزيد التعزيزات العسكرية بدون استراتيجية حقيقة لاستعادة الامن".
واضاف "من البداية اننا دائما متأخرين في الحدث. وصلنا الى بانجي لنزع اسلحة متمردي سيليكا وفوجئنا بتصاعد قوة الانتي بالاكا، وطرد عناصر سيليكا من بانغي لكننا غدا سنستغرب انهم شكلوا مجددا مملكة صغيرة في الشمال الشرقي".
واكد مؤخرا سفير فرنسا جيرار ارو امام مجلس الامن الدولي ان "المراهنة على العسكر" ليست ملائمة مع وضع متقلب كالذي يسود افريقيا الوسطى.
واضاف ان "وحدها قوة كبيرة متعددة الابعاد لحفظ السلام وخصوصا وحدات من الشرطة ووحدات مدنية قوية وتمويل مستمر، قادرة على ارساء الاستقرار وتحضير الانتخابات والدخول في مصالحة وطنية".