[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
قد يتصور البعض أن خروج آخر جنود الاحتلال الأميركي آواخر العام 2011 من العراق باتجاه الأراضي الكويتية أنهى مشروع احتلال العراق، الذي بدأ التخطيط له منذ تسعينيات القرن الماضي ودخل حيز التطبيق في ربيع عام 2003، والمشكلة في مثل هكذا تصور أو قناعة أنها تربط بين الدبابة ومشروع الاحتلال، دون تمحيص عميق بالمراحل التي يسير عليها القائمون على مشروح الاحتلالِ، وفي كل مراجعة لمثل هذا المشروع لابد من التوقف عند قضية في غاية الأهمية، فقد تم بناء المرحلة التأسيسية للمشروع الأميركي في العراق على ثلاثة أركان، وتم اهمال الركن الرابع وهو الأهم، فقد كانت أركانه الثلاثة هي ، القوة الأميركية العسكرية الفتاكة التي تم أعدادها للغزو والسيطرة على العراق كاملا وبفترة قياسية، وتم اعتماد " الصدمة والترويع" لتحقيق الهدف العسكري الاول بأقل الخسائرفي صفوف القوات الأميركية والبريطانية المهاجمة ، وردع أي محاولة عراقية للوقوف بوجه القوات الغازية، وتحقق هذا الهدف بسهولة ودخلت القوات الأميركية بغداد وانتشرت فيها خلال ثلاثة اسابيع من بداية الغزو، وذلك في التاسع من ابريل عام 2003 ، بعد أن شرعت في الغزو في العشرين من مارس، والركن الثاني تمثل في اعداد قوى وشخصيات عراقية من المعارضين للحكم العراقي في الخارج، ولم يكن اعداد اشخاص فقط ، بل تم وضع جميع ترتيبات ما بعد الغزو، وتشكلت لجان عديدة باشراف وكالة المخابرات المركزية والبنتاجون والدوائر الاخرى المعنية بالأمر، كما تم عقد مؤتمرات لهذا الهدف اخرها كان مؤتمر لندن الذي عقد اواخر عام 2002، أي قبيل بداية الغزو، وفي هذا المؤتمر تم وضع اللمسات الأخيرة على حقبة ما بعد الغزو التي توصلوا فيها إلى قناعة تامة بأن الهدف العسكري سيتحقق بسهولة، وهنا يأتي الركن الثالث، وهو حالة الانهاك الواسعة التي تعرض لها العراق شعبا وحكومة وقوات مسلحة تحت وطأة الحصار القاسي والواسع المفروض على العراق منذ اغسطس عام 1990، والذي تواصل لثلاثة عشر عاما قبل الشروع بالغزو، ولم يكن من السهل الوقوف بوجه هكذا غزو واسع والبلد منهك وقواته المسلحة لم تحدث اسلحتها، وفقدان أي سلاح يدافع عن الهجمات القادمة من بعيد سواء كانت بالصواريخ بعيدة المدى أو الطائرات المقاتلة ومن بينها القاصفات، فكان العراق بدون قوة جوية على الاطلاق، وليس لديه دفاعات جوية ولا رادارات، فاستفردت القوة الهائلة بجيش منهك في ظروف معروفة للجميع، وما أن بدأ القصف الجوي في اليوم الاول للغزو حتى تأكد الكثير من العراقيين بأن النتيجة محسومة لصالح القوات الأميركية والبريطانية، التي باشرت اندفاعها البري تحت غطاء جوي هائل وبقدرات وتقنيات كبيرة جدا.
وفي المقال المقبل سنتحدث عن الركن الرابع الذي لم تضعه الادارة الأميركية في الحسبان.