من المفترض أن يكون يوما 8و9 يونيو القادم موعدا لاجتماع المعارضة السورية في القاهرة بحثا عن حل للأزمة السورية، هذا المؤتمر الذي يمكن اطلاق تسميته ب " القاهرة 2 " من المقرر ان يبحث في خارطة تحدد ملامح مستقبل سوريا. ومن المقرر ان يشارك فيه بين 180 و200 شخصية من داخل وخارج سوريا ومن مستقلين ايضا. ولأن المؤتمر سيعقد في العاصمة المصرية، فقد لخص رعاته المصريون تفاصيله بأنه من اجل وقف اراقة دماء الاشقاء السوريين وفي الوقت ذاته تحقيق تطلعات الشعب السوري المشروعة للتغيير مع الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومؤسسات الدولة فيها. وحسب هيثم مناع وهو أحد المعارضين البارزين أن المؤتمر ينوي الخروج بتشكيل سياسي جديد، لا صلة له بما يسمى الائتلاف السوري، وأن التشكيل الجديد سيكون سوريا مئة بالمئة وممولا لسوريا حتى ينأى بنفسه عن الضغوط والتدخلات الأجنبية.
وإذا ما تحقق ما صرح به مناع فلاشك ان المؤتمر سيكون خطوة مهمة في البحث عن حل تتفق عليه جميع الاطراف السورية بلا استثناء. والقاهرة التي ترعاه، التي تسعى لبلورة هذا الحل، وبقدر حرصها على ان يكون ناجعا، فهي تريده ايضا نقطة اجماع وطني، لأن اي حل لا يحظى بذلك سيكون مصيره الفشل. فمصر، التي تعيش هاجس المؤامرة على سوريا وتتطلع الى ما يجري فيها بعين غاضبة ودامعة، لن تبقى مكتوفة الأيدي، كما أنها لن تظل تراقب تدهور الأوضاع لدى شقيقتها سوريا التي تحفظ لها كل الود، وتشعر معها بكل المصاعب التي تعيشها آملة أن يتمكن هذا المؤتمر من ان يكون نقلة نوعية لامجرد صرخة إنسانية وكفى الله بعدها شر القتال.
وتعرف القاهرة بالمقابل، حجم التدخلات في الأزمة السورية، لابل تعرف اكثر وبالتفاصيل الدقيقة كيفية تركيب ما يسمى الائتلاف الذي يريد ان يبحث له عن تسمية جديدة تتوافق مع مرحلته المقبلة. ولهذا الغرض، فان مصر الراعية التي تريد ان تؤمن نجاح المؤتمر بكافة السبل، تعلم ان ثمة متدخلين في الازمة السورية قد لايوافقون على خطوتها، وقد يسارعون الى وضع العصي في الدواليب، ومنع نجاح المؤتمر لاسباب تخص دعمهم لقوى الارهاب، تحت تفكيرهم القائل بان ذلك سيؤدي الى اسقاط النظام السوري، وهو ما لم ولن يتحقق، ولو ان القاهرة نطقت بالحقائق لقالت لهؤلاء المتدخلين والداعمين للارهاب ما يجب ان يضع حدا لتدخلاتهم، لابل ان تسحب من اياديهم الامكانيات الجرمية بحق السوريين، وبحق الوطن السوري الذي استباحته تلك الدول الاقليمية وعملت وما زالت على نشر الدمار والقتل في كل الربوع السورية اضافة الى التدمير المنهجي للبنى التحتية وتشريد الشعب السوري في داخل وخارج بلاده.
لابد إذن من الترحيب بالخطوة المصرية بمعزل عن القوى الإقليمية الداعمة للقوى المخربة في سوريا. فمصر الشقيقة الأكبر تبث اليوم حرصها على سوريا في المساهمة بتحقيق غايات المؤتمر فلعلها تتمكن من تحقيق النقلة الأولى، فالخلاص يبدأ بخطوة، وحل الأزمات يحتاج لرعاية كبيرة لايمكن إلا أن تكون مصرية بالذات.
فهل نكون على مشارف مؤتمر يضع اللبنة الأولى في الحل المنتظر، مع اعتقادنا بأن قوى عديدة ترحب بالخطوة المصرية وترعاها من بعيد وتتمنى لها النجاح بل تساعد في غاياتها.