لم يكن متوقعا من المؤتمر الذي عقد في مقرالأمم المتحدة بنيويورك على مدى شهر تقريبا ( بين أبريل ومايو الحالي) من أجل منع انتشار الأسلحة النووية إلا أن يخفق تماما، طالما أن إسرائيل أحد أطرافه، والداعم لها الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا. هذه التجربة توضح معنى أن ترفض إسرائيل التوقيع على معاهدة حظر الأسلحة النووية، وإصرارها من جهة أخرى على ما تقوله بأنها لن تنضم الى المعاهدة المذكورة الا بعد التوصل لسلام مع جيرانها العرب وكذلك إيران. ولهذا فنحن أمام عقبات كبرى عنوانها اخفاق المؤتمرات اللاحقة طالما أن المواقف الإسرائيلية وتلك الداعمة لها لن تتغير.
في المؤتمر الأخير الفاشل إذن، كان الخلاف الاساسي حول اقتراح جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية. ففي الوقت الذي اقترح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عقد مؤتمر خاص لمنطقة الشرق الأوسط يكون أقصى موعد له شهر مارس 2016 ، رفضته على الفور الولايات المتحدة وكذلك كندا وبريطانيا. في الوقت الذي كان فيه المطلب المصري قد فشل ايضا حول امكانية عقد مؤتمر اقليمي لهذا الغرض تم تفسيره بأنه يصيب اسرائيل مباشرة بدفعها للتصريح بما تملك من أسلحة دمار شامل. والمعروف أن اسرائيل لم توقع على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي، في حين وقعتها أكثر من 150 دولة. وهكذا سقط الاقتراح المصري مما دفع مساعد وزير الخارجية المصري رئيس الوفد هاشم بدر القاء اللوم على الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا في عدم التوصل لاجماع قائلا " إنه يوم حزين لمعاهدة حظر الانتشار النووي " .. في حين كانت وكيلة وزارة الخارجية الأميركية رئيس الوفد في المؤتمر المذكور قد اتهمت مصر بطريقة غير مباشرة بالتلاعب بشكل سلبي بالمؤتمر. فيما كان دبلوماسيون قد أشاروا صراحة أن مقترحات مصر استهدفت تركيز الانتباه على إسرائيل، فيما راح التركيز الأميركي والبريطاني والإسرائيلي على البرنامج النووي الإيراني، مما دفع الإيرانيين للإصرار على أن برنامجهم النووي سلمي وهم يتمسكون به تماما.
في كل الأحوال، كان متوقعا أن يخرج المؤتمر المذكور بهذه النتائج الهشة نتيجة مراعاة إسرائيل بل مساعدتها على اخفاء الحقائق التي تعني سلاحها النووي، والذي تشير شتى الدراسات والمعلومات إلى ما تملكه اسرائيل من رؤوس نووية تتجاوز 240 رأسا. وأنها بالفعل كما تؤكد رئيسة الوزراء الأسبق جولدا مائير كادت ان تستعملها خلال حرب اكتوبر 1973، بل ان الخبراء في هذا الصدد يشيرون الى تعبير اسرائيلي قيل بعضه وهو خيار شمشمون، ويعني أن إسرائيل قد تضطر في ظروفها الصعبة إلى اللجوء إلى الخيار النووي لتدمير العرب ونفسها.
إذن، وفي ظل الاحتضان والرعاية والحماية التي توفرها الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية وخاصة بريطانيا، فمن الطبيعي والمعقول أن ترفض اسرائيل التوقيع على معاهدة حظر انتشار السلاح النووي وتعلن موقفها هذا جهارا نهارا. ولهذا كان موقف الوفد المصري صارما في المؤتمر الأخير من أجل كشف نوايا إسرائيل، وبأن ما تملكه يشكل خطرا على المنطقة، على العرب أولا، ومن ثم على البشرية جمعاء ويجب العمل بلا هوادة من أجل تأليب القوى المحبة للسلام والمناهضة للتسلح النووي ضد إسرائيل وداعميها وإجبار تل أبيب على كشف أسرارها النووية وأن لا تبقى خارج المساءلة في هذا الخصوص.