[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/mohamedaldaamy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]أ.د. محمد الدعمي[/author]
” لابد للمرء أن يلاحظ بأنه حتى السنوات الأخيرة لولاية طيب الذكر، عمرو موسى، أميناً عاماً للجامعة، كانت هناك ثمة علامات صحة أو إشارات قدرة على البقاء تطفو على سطح النظام الإقليمي المشترك، مذكرة الجمهور العربي أن الجامعة لم تزل على قيد الحياة، برغم نقلها إلى غرفة الانعاش والعناية المركزة”
ـــــــــــــــــ
إذا ما شاء المتابع أن يرسم خطاً بيانياً للنظام العربي المشترك في هبوطاته وصعداته، إبتداءً من نقطة إنطلاقه مع بروتوكول الإسكندرية ثم إعلان ولادة جامعة الدول العربية في القاهرة، باعتبار هذه نقطة متوسطة متفقا ضمنياً عليها لقياس زوايا الصعود أو الانحدار، فان للمرء أن يزعم بأن النظام أعلاه هبط الى أدنى مستوياته اليوم على نحو حرفي، خاصة بعد أن راحت حكومات الدول العربية تبحث عن بدائل إقليمية فاعلة أو قادرة على أن تكون فاعلة، على أقل تقدير.
ومع ما ورد في أعلاه من محيطات، لابد للمرء أن يلاحظ بأنه حتى السنوات الأخيرة لولاية طيب الذكر، عمرو موسى، أميناً عاماً للجامعة، كانت هناك ثمة علامات صحة أو إشارات قدرة على البقاء تطفو على سطح النظام الإقليمي المشترك، مذكرة الجمهور العربي أن الجامعة لم تزل على قيد الحياة، برغم نقلها الى غرفة الانعاش والعناية المركزة: كانت هناك اجتماعات واعدة حينذاك ودوام على أنشطة هيئات ولجان الجامعة المتخصصة، زيادة على الارتجاعات المتكررة الى مواثيقها والى قرارات أهم مؤسساتها مؤسسة القمة العربية، على سبيل المتابعة أو التفعيل.
بيد أن الجامعة ما لبثت وأن أخذت تتعرض للنكسات والهزات الأرضية على نحو متتال، لايمكن أن يمر دون أن يترك آثاره التخريبية على هيكلها وهيئاتها. لاريب في أن غزو النظام العراقي السابق للكويت قد وجه ضربة قاضية للجامعة، إلا أنها تمكنت أن تعيد الحياة لنفسها ولأذرعها بعد حين، بسبب ضخ الأموال وعزل النظام العراقي. ولكنها ما أن تمكنت من التقاط أنفاسها، راحت تتعرض لرجة تلو أخرى حتى اندلاع الحرب التي آلت الى غزو التحالف بقيادة الولايات المتحدة للعراق، ثم اندلاع الأزمة السورية كي تتمخض التفاعلات عن شرخ واسع ومتسع، يصعب تجسيره بين الأنظمة العربية، وهي الحال غير الواعدة القائمة اليوم للأسف، بعدما جرى ويجري في اليمن.
يتطلب الشرخ المؤلم أعلاه مسارعة جادة من قبل حكومات الدول العربية لزرق جسد جامعة الدول العربية بأكسير الحياة، عسى أن تتعافى كي تتجاوز الأزمة الوجودية اليوم، فتبقى متواصلة، بيتاً للعرب، يمكن الرجوع إليها لحل النزاعات والخصومات العربية/العربية، زيادة على أهداف دفع عجلة مسيرتها نحو تحقيق مشاريعها المفيدة وتفعيل مواثيقها المهمة، كاتفاقية الدفاع العربي المشترك، ومشروع السوق العربية المشتركة، والبرلمان العربي، إضافة على أهمية الأقدام على تشكيل محكمة عربية على غرار محكمة لاهاي، للنظر في الخلافات المتزايدة والمستفحلة وحلها في معزل عن التدخلات الخارجية والعبث الأجنبي. لذا توجب التنبيه لذلك وحث الخطى على هذه الطريق المجدية، عسى أن تعيد جامعة الدول العربية شيئاً من ثقتها بنفسها ومن ثقة الجمهور العربي، من المحيط الى الخليج، بدورها وبوظائفها.