[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تحدثنا عن الأركان الثلاثة التي اعتمدها القائمون على مشروع غزو العراق واحتلاله، وهي الجانب العسكري بما تمتلك الولايات المتحدة من قوة عسكرية متفوقة، والاعتماد على قوى وشخصيات لتنفذ المشروع بعد الصفحة العسكرية وما سبق ذلك من استعدادات واسعة فبل بدء الغزو، والركن الثالث الحصار القاسي الذي فت بقوة في عضد الدولة والمجتمع العراقي.
أما الركن الرابع الذي أهملته الادارة الأميركية والقائمون على هذا المشروع فقد كان المقتل الذي أصاب مرتكز المشروع برمته، فنتذكر أن الخطاب الذي سبق بداية الهجوم العسكري على العراق قد تحدث طويلا عن استقبال العراقيين للقوات الغازية سيكون بالورود والترحيب والهلاهل، وأثناء الغزو تحدث الكثيرون عن هذه المشاهد وكان البعض يواصل طروحاته من خلال فضائيات عربية في دول مجاورة للعراق، ويؤكد بثقة مطلقة من أن الجنود الأميركان سيستقبلون بالزهور في كل انحاء العراق، وهنا اقصد بالركن الرابع الذي اغفلته الادارة الأميركية والقائمون على مشروع احتلال العراق تمثل بالغاء حصول مقاومة تقف بوجه الغزاة، واعتمد الأميركيون على قراءات خاطئة جدا لطبيعة المجتمع العراقي، كما تلقوا طروحات وأفكارا بهذا الخصوص من شخصيات وأحزاب ليس لديها هدف سوى الوصول إلى السلطة وقبل ذلك التخلص من حكم الرئيس الراحل صدام حسين، كما أننا يجب أن لا نهمل حالة "الغرور" التي أصابت الأميركيين بعد انتهاء الحرب الباردة لصالحهم وانهيار الاتحاد السوفييتي مطلع تسعينيات القرن الماضي وتفردهم بالقطبية الواحدة في العالم، فكانت جميع العوامل تمنح الادارة الأميركية ثقة مطلقة بأن رصاصة واحدة لم تخرج ضد قواتهم وأن حصلت بعض الأحداث الفردية من " جيوب قتالية" هنا وهناك فإن علاجها وردعها سيكون بالاعتقال واستخدام الحديد والنار ضد هؤلاء ما يفضي إلى صمت مطلق يتحول بالتدريج إلى ولاء شبه تام للحكم الجديد في العراق.
طبعا الذي يلغي هذا الركن يعني أنه لا يفكر بأي شيء يقلق الأمن الذي يعد أهم عامل في المسارات السياسية والحياتية، وبدون استقرار أمني لا يمكن الشروع بتنفيذ مراحل المشروع الاخرى وأن حصل ذلك ستكون الخطوات متعثرة إن لم تكن فاشلة ولن تحقق كامل أهدافها، ولا شك أن اهمال جانب الأمن يدلل على قصور واضح في قناعات القائمين على مشروع احتلال العراق، وحتى الأحداث التي حصلت اثناء الغزو من تصدي العشائر للقوات الأمريكية الزاحفة نحو بغداد في مناطق الديوانية والنجف قبل وصولها العاصمة لم تؤخذ في اعتبار القادة الأميركيين والسياسيين العاملين على مرحلة ما بعد الغزو.