مسقط ـ العمانية: تشير بيانات الحسابات القومية المتوفرة للأرباع الثلاثة الأولى من عام 2013 إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للسلطنة بالأسعار الجارية قد نما بمعدل بسيط بلغ 6ر2% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
ويعود النمو الاقتصادي البطيء بشكل رئيسي إلى انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية في عام 2013م مقارنة بعام 2012م. وفي واقع الحال، فإن قطاع النفط الذي ساهم بحوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية خلال الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2013م قد تراجع بنسبة طفيفة بلغت 1% بالرغم من زيادة الإنتاج، وبالمقابل فلقد نمت الأنشطة غير النفطية بنسبة 8ر7%.
وكان إنتاج النفط خلال عام 2013م قد ارتفع بنسبة 3ر2% ليبلغ 8ر343 مليون برميل مقارنة بـ2ر336 مليون خلال عام 2012م، وقد ارتفع متوسط الإنتاج اليومي إلى 9ر941 ألف برميل خلال عام 2013م مقابل 5ر918 ألف برميل خلال عام 2012م. أما متوسط أسعار خام النفط العُماني في الأسواق العالمية خلال عام 2013م فقد بلغ حوالي 5ر105 دولارات أميركية للبرميل مقارنة مع 6ر109 دولارات أميركية للبرميل خلال عام 2012م.
وعلى صعيد التضخم والأسعار، فقد بلغت نسبة الزيادة في المتوسط العام لمؤشر أسعار المستهلك في السلطنة 1ر1% خلال عام 2013م مقارنة بـ9ر2% خلال عام 2012م. وعلى الرغم من معدل التضخم المنخفض بشكل عام في سنة 2013م، إلا أن الضغوط التضخمية قد نتجت بشكل رئيسي عن ارتفاع أسعار مجموعتين من السلع هما مجموعة "المواد الغذائية والمشروبات والتبغ" ومجموعة "الخدمات التعليمية".
وتشير بيانات المالية العامة للسلطنة في عام 2013م إلى تحقيق فائض بمبلغ 401 مليون ريال عُماني مقارنة مع عجز مالي طفيف بلغ 6ر80 مليون ريال عُماني في عام 2012م.
وتهدف الموازنة العامة للدولة لعام 2014م إلى دعم ثبات النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنفاق الحكومي، ومواصلة تحسين ورفع كفاءة الخدمات الحكومية واستكمال وتحديث البنية الأساسية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وزيادة الادخار المحلي ورفع كفاءة استخدامه بالإضافة إلى المحافظة على المستويات الآمنة من الدين العام.
ووفقاً لأرقام الموازنة العامة للدولة لعام 2014م فإنه يُتوقع أن يصل إجمالي إيرادات الدولة خلال العام إلى 7ر11 مليار ريال عُماني أي بزيادة نسبتها 9ر4% عن إجمالي الإيرادات المقدرة لعام 2013م والبالغة 2ر11 مليار ريال عُماني.
وقُدر إجمالي الإنفاق الحكومي خلال عام 2014م بمبلغ 5ر13 مليار ريال عُماني بزيادة تبلغ نسبتها 5% عن أرقام موازنة 2013م. وبناء على إجمالي الإيرادات والإنفاق، يبلغ عجز الموازنة المُقدر لعام 2014م حوالي 8ر1 مليار ريال عُماني مقارنة مع 7ر1 مليار ريال عُماني في موازنة 2013م.
ويقوم البنك المركزي العُماني وبشكل متزامن بأداء دور السلطة النقدية للدولة ومنظم لكل قطاعات الخدمات المالية باستثناء الأوراق المالية والتأمين بالإضافة إلى الإشراف على البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية وبالرغم من أن أهداف سياسة البنك المركزي العُماني قد بقيت على حالها دون تغيير خلال السنوات الماضية إلا أن هناك بعض التغييرات من وقت لآخر بخصوص المواضيع التي يتم التركيز عليها. ويستخدم البنك المركزي العُماني الأدوات المباشرة وغير المباشرة لإدارة السيولة وبالتالي تحقيق مسعاه في الوصول إلى الاستقرار النقدي.
ونظراً لتوقع أن تواصل السياسات النقدية في الاقتصادات الصناعية المتقدمة دورها في دعم جهود الانتعاش الاقتصادي، فإن توجهات أسعار الفائدة في السلطنة يتوقع أن تستمر في تحفيز معدلات النمو الاقتصادي المحلي.
ولقد واصلت إدارة السياسة النقدية خلال عام 2013م مواجهة فائض كبير من السيولة لدى الجهاز المصرفي واحتلت مسألة التعامل مع هذه السيولة الصدارة. وقد سجل عرض النقد بمفهومه الواسع زيادة سنوية بلغت 5ر8% خلال عام 2013م مقارنة مع زيادة بلغت 7ر10% خلال عام 2012م، أما مجموع الائتمان فقد شهد توسعاً بلغت نسبته 6% خلال العام ليبلغ 2ر15 مليار ريال عُماني.
وقد سجل إجمالي الودائع لدى البنوك التجارية زيادة كبيرة بنسبة 10% ليبلغ 6ر15 مليار ريال عُماني في عام 2013م مقارنة مع 2ر14 مليار ريال عُماني في عام 2012م.
وفيما يخص أداة البنك المركزي العُماني لضخ السيولة في الجهاز المصرفي والمتمثلة في عمليات إعادة شراء الأوراق المالية فقد استقر متوسط أسعار الفائدة عليها عند 1% منذ مارس 2012م، متماشياً مع سعر فائدة الليبور وقد تم تخفيض سقف الفائدة على القروض الشخصية والسكنية بنقطة مئوية واحدة إلى 6% اعتباراً من 2 أكتوبر 2013م.
أما أداة البنك المركزي العُماني لامتصاص السيولة الفائضة والتي تتمثل بشهادات الإيداع ـ بفترة استحقاق 28 يوماً ـ فقد زاد المتوسط المرجح لأسعار الفائدة عليها من 09ر0% في ديسمبر 2012م إلى 13ر0% في ديسمبر 2013م.
وفيما يتعلق بهيكل أسعار الفائدة للبنوك التجارية، فقد شهدت أسعار الفائدة انخفاضا سواء على الودائع أو على الإقراض، حيث انخفض المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الودائع بالريال العُماني من 316ر1% في ديسمبر 2012م إلى 171ر1% في ديسمبر 2013م، فيما انخفض المتوسط المرجح لأسعار الفائدة على الإقراض بالريال العُماني من 649ر5% إلى 409ر5% خلال نفس الفترة.
وواصل القطاع المصرفي العُماني اتجاهه الصعودي خلال عام 2013م، حيث ارتفع اجمالي الموجودات للبنوك التجارية بنسبة 2ر7% ليبلغ 4ر22 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2013م مقارنة بـ9ر20 مليار ريال عُماني في ديسمبر 2012م. وبلغ متوسط نسبة كفاية رأس المال مع نهاية ديسمبر 2013 حوالي 9ر15% من الأصول المرجحة بالمخاطر، وهي أعلى من الحد الأدنى المطلوب من قِبل البنك المركزي العماني والبالغ 12%.
أما فيما يتعلق بالصيرفة الإسلامية، فقد باشر بنك نزوى مزاولة اعماله في ديسمبر 2012م، وباشر بنك العز الإسلامي اعماله مع افتتاح جزئي في 15 سبتمبر 2013م وافتتاح رسمي في 30 سبتمبر 2013م. ومن أصل سبعة بنوك محلية فقد قام ستة منها بتأسيس نوافذ متخصصة لمزاولة الصيرفة الإسلامية.
وحافظت الأسواق المالية في السلطنة على استقرارها. وكان متوسط أسعار الفائدة في سوق الإقراض بين البنوك لليلة واحدة قد انخفض من17ر0% في ديسمبر 2012م إلى 12ر0% في ديسمبر 2013م. كما ارتفع مؤشر سوق مسقط للأوراق المالية مع نهاية ديسمبر 2013م بنسبة 6ر18% مقارنة بمستواه في نهاية ديسمبر 2012م.
أما القيمة السوقية للشركات المدرجة في السوق فقد ارتفعت بنسبة 4ر21% لتبلغ 2ر14 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2013م مقارنة مع 7ر11 مليار ريال عُماني في نهاية ديسمبر 2012م. واستمر سوق النقد الأجنبي في السلطنة بالعمل بسلاسة خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2013م. وقد شهد متوسط سعر الصرف الفعلي الاسمي للريال العماني مع نهاية ديسمبر 2013م ارتفاعاً مقارنة مع ديسمبر 2012م.
وقد ظل وضع ميزان المدفوعات في السلطنة مريحاً خلال النصف الأول من عام 2013م، حيث استمر النمو في الصادرات العُمانية سواء النفطية أو غير النفطية منها. وسجلت الصادرات السلعية ارتفاعاً بنسبة 2ر15% وشكّلت الصادرات النفطية حوالي 65% منها والتي ارتفعت بنسبة 5ر5%. ومن جهة اخرى، ارتفعت الواردات السلعية بنسبة 9ر25% في النصف الأول من عام 2013م.
وكنتيجة للتطورات سالفة الذكر فلقد ارتفع فائض الميزان التجاري السلعي بشكل طفيف ليبلغ 6ر4 مليار ريال عُماني في النصف الأول من عام 2013م مقارنة مع 5ر4 مليار ريال عُماني خلال نفس الفترة من عام 2012م.
ويشير الاتجاه الأخير للتجارة السلعية إلى أن فائض الحساب الجاري في النصف الأول من عام 2013 سيكون مقارباً جداً أو أعلى بقليل من مستواه في نفس الفترة من العام الماضي.
وتظل التوقعات المستقبلية للاقتصاد العُماني واعدة بشكل عام آخذين بعين الاعتبار وتيرة التنويع الاقتصادي وأسعار النفط المرتفعة وطلبا محليا قويا وسياسة نقدية ملائمة وإنفاقا ضخما تخطط له الحكومة بالإضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص في عملية التنمية.
وقد ارتفعت نسبة الادخار والاستثمار من الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير في السلطنة في السنوات القليلة الماضية. كما أولت الحكومة الكثير من الاهتمام لبرامج الاستثمار الحكومية الضخمة وخصوصاً في قطاع البنية الأساسية والتي تأتي في سياق الخطة الخمسية الثامنة للتنمية (2011 ـ 2015م).
ويوجد لدى البلاد بنية أساسية متطورة إلى حد ما وتشهد توسعاً وتحسيناً مطرداً حيث واصلت الحكومة العمل على تحفيز النمو من خلال تخصيص مبالغ ضخمة لاستكمال مشاريع البنية الأساسية مثل المطارات، الموانئ، الطرق، تطوير المناطق الصناعية بالإضافة إلى مشاريع المياه والصرف الصحي.
كما يُتوقع أن يساهم انطلاق الصيرفة الإسلامية في عملية تعزيز التنوع في الخدمات المصرفية وأن تزيد من الشمول المالي. ولقد أسهمت كل هذه الجهود المبذولة من قِبل الحكومة والبنك المركزي العُماني في تسريع وتقنين النمو الاقتصادي بالتزامن مع التنويع الاقتصادي وزيادة فرص التوظيف ويُتوقع أن تظل هذه العوامل مواتية خلال السنوات القادمة.