[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
منذ البداية يستطيع المراقب قراءة العقلية الأميركية في تعاطيها مع مشروع احتلال العراق، فقد وضعت الجانب العسكري في حدود مرحلة انهاء حقبة الحكم القائمة في العراق ومن ثم الشروع بالحقبة المدنية، فقد تم تعيين الجنرال المتقاعد جي جارنر ليدير الحقبة الحربية، وقد وصل إلى الكويت مع عدد من المستشارين وشخصيات عراقية تم تدريبها في براغ من قبل وكالة المخابرات المركزية لادارة السلطات في مرحلة ما بعد العمليات العسكرية، والدليل الثاني أن الرئيس جورج دبليو بوش قد أعلن النصر الكبير في الاول من مايو عام 2003 ، أي بعد سيطرة القوات الأميركية على بغداد بثلاثة اسابيع فقط ، وابتهج الأميركيون والبريطانيون ورجال أميركا في العراق بذلك الإعلان الذي صفق له الجنود والضباط في الفرقاطة الأميركية لينكولين التي ألقى من على متنها الرئيس بوش خطاب الانتصار، كما استبشرت عوائل جنود المارينز خيرا بقرب عودة أبنائهم وبناتهم من العراق قبل حلول فصل الصيف الحار جدا، وبالمناسبة فقد كان مقررا عودة قوات المارينز في نهاية مايو بعد حسم المعركة لصالح القوات الأميركية، لكن تفاجأ الأميركيون بقرار خطير اتخذته قيادة البنتاجون اواخر مايو عندما تم الإعلان عن عدم عودة جنود المارينز بسبب تطورات أمنية تحصل في الميدان، وكان ذلك القرار أول اشارة واضحة على ارتكاب القائمين على قرار الحرب الخطأ الاستراتيجي الأكبر بعدم وضع الجانب الأمني في حساباتهم على الاطلاق، ايضا كان قرار البيت الابيض أن يدير السلطات في العراق رجل مدني بعد العمليات العسكرية، لهذا وصل بول بريمر بغداد في الثالث عشر من مايو وبدأ يتجول في بعض أحياء بغداد القريبة من القصر الجمهوري الذي تم تغيير اسمه إلى المنطقة الخضراء في إشارة إلى الاسترخاء المقبل في العراق.
لكن مجريات الأحداث سرعان ما أعطت مؤشرات اخرى تختلف تماما عن القناعات الراسخة الي جاء بها الأميركيون وبالاخص ما يتعلق بالجانب الأمني، وهنا نقصد أمن القوات الأميركية والبريطانية التي انتشرت في العراق، وكانت تتواجد في اماكن كثيرة بدون أي نوع من الحذر أو الخوف من استهدافها نتيجة للقناعة الخاطئة التي جاؤا بها، ويتذكر العراقيون كيف كان يتبختر الجنود الأميركيون في الاحياء والشوارع والاسواق دون خوف ويسيرون على شكل مجاميع راجلة ورتل من الهمرات والدبابات وليس ثمة علامات خوف على وجوههم.
لكن التقارير الاولية التي وصلت الرئيس بوش وطاقمه والبنتاجون ووكالة المخابرات المركزية كانت مقلقة بعض الشيء، لكن ورغم سقوط 22 قتيلا من القوات الأميركية خلال أول عشرين يوم من الغزو، أي من العاشر من ابريل أول يوم للاحتلال حتى الثلاثين منه، اضافة إلى عشرات الجرحى نتيجة للهجمات الاولى التي شنها المقاومون العراقيون ضد القوات المحتلة، تلك التقارير بثت بعض القلق عند الأميركيين، لكن صرح أكثر من قائد عسكري بالقول إنها مجرد " جيوب" دون أن يدركوا أنها شرارة مقاومة ستمرغ أنوف الأميركيين بالأرض.