[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
بعض العرب من اعتقد أنه بمنأى عن الخطر، وأنه قادر على منعه داخل حدوده .. وبعضهم ذهبت به الظنون إلى أن قدرته على التلاعب بآخر، يبقيه قويا معافى سليما من الأخطار. حين أصيبت الولايات المتحدة بأحداث سبتمبر المشؤومة، قرر استراتيجيوها الكبار أن خير دفع الخطر عنها الذهاب إلى حيث مصدره، وحين جاءت القوات الأميركية إلى أفغانستان والعراق، لم يقتل الأميركي ذلك الخطر، بقدر ما قتلته المقاومة.
الآن استولدت أميركا أدواتها الجديدة في المنطقة، لا لتفصل بين دولها، بل لتعجن الكل في فوضى عارمة لن تترك أحدا من شرورها، على أن تمول ذلك الأمر دول من المنطقة ذاتها، تحت رعاية دول إقليمية معروفة اليوم بقدرتها على استباحة الواقع العربي في أكثر من مكان.
اليوم تجاوز العرب كل عصور الزهو، وخصوصا بعض من جاءته أحلام سعيدة بأنه لاعب ولن يلعب به، وأن ماله يشتري الشر للآخر ويمنعه عنه، فتبين أن المسألة خارج إمكانياته أيضا، وأن ماله لا يصنع له أمنا ولا يحميه، وعليه أن لا يتعب لأن المخطط جاري التنفيذ على الجميع، لن يسلم منه سالم، كما لن يهرب منه هارب .. الكل سواسية، لكنها الفوضى التي تصيب بالتدريج وأما التوقيت في جيب الأميركي والإسرائيلي والتركي.
عندما نقول فوضى عارمة، فمعناه أن التنظيمات التي لها قدرة على إشاعتها، هي ذاتها تلك التي تم رميها في مناطق أولية لخلق فرص حياة لها، وأعطيت فيتامينات من النوع الذي يحدث تضخما من أجل استعجال النتائج. وحين أصابت مناطق، كانت عيون المحرك تجهز المسارح الأخرى. فالأميركي بحاجة ماسة اليوم لإعادة تشغيل مصانع سلاحه وليس غير العرب من يشتري ويدفع نقدا ويسمسر .. والأوروبي أيضا وخصوصا الفرنسي يعيش شوق التحرر من أعباء البطالة؛ لأن العرب سيشترون منه عشرات الطائرات الحربية إضافة إلى أنواع من السلاح الذي يدفع بآلاف من العمال لإعادة إدارة ماكيناتهم. أضف إلى ذلك، أن هذا السلاح موصى به سلفا أن لا يستعمل ضد إسرائيل، فلمن سيستعمل إذن غير العرب وفي ظروف التوتر المنهجي الذي تعيشه المنطقة والقابلة للتفجير المنهجي، سواء صمتت أو تحركت. مثلما المجتمعات العربية استهلاكية فقط، فهي أيضا مستهلكة للسلاح، من أصغر الرصاص إلى الأكثر تأثيرا وتنوعا وقوة، إلى ما لا يمكن هضمه بسهولة عندها يتدخل الأميركي والغربي وربما الإسرائيلي لنشغيله نيابة عن ...
نحن الآن وسط الفوضى العارمة المتنقلة، لكن على ثبات في أماكن وتحريك في أماكن أخرى إيذانا بأن يتوفر المناخ الذي يجعلها ثابتة أيضا. ولا يبدو أن الخلاص من تلك الحال متيسر طالما أن العرب مشدودون إلى تحالفات ضد بعضهم البعض، وأن بعضهم يصنع تاريخا لا يسر الأجيال اللاحقة.
تلك الفوضى سهلة الاشتعال طالما أن مناخاتها متوفرة وأدواتها أيضا. لقد صار للإرهاب أيد طويلة قادرة على الوصول إلى أي مكان، وهنالك مجانينها الذي يحلمون بالجنات ومن ينتظرهن هناك إضافة إلى الموائد الخيرة. تلك المصيبة التي نزلت على رؤوسنا من يوقفها طالما أن شتى المخابرات الغربية وخصوصا الأميركية والإسرائيلية تخرج سنويا عشرات وربما مئات من رجال الدين الذين يشغلون عقول الناشئة بهذه الطرق الانتحارية كما يشغلون المجتمعات بالمذهبية والطائفية واللاأخلاقية.