صدرت للقاص العماني مازن حبيب مجموعة قصصية جديدة بعنوان "البطاقة الشخصية للعُمانيِّين"، هي الثانية للكاتب بعد مجموعته الأولى "الذاكرة ممتلئة تقريبا" التي صدرت عن وزارة التراث والثقافة عام 2006 بمناسبة مسقط عاصمة الثقافة العربية.
صدرتْ المجموعة الجديدة التي ستكون متوافرة في معرض مسقط الدولي للكتاب عن دار الانتشار العربي ببيروت وتتألف من تسع قصص هي على التوالي: "النبأ الأخير"، "حياة قصيرة صغيرة"، "الحارس"، "البطاقة الشخصية للعمانيين"، "اليوم الذي انكسرت فيه الشماعة"، "النص الناقص لرسالة لم ترسل تحكي قصة غير مكتملة" ، "عصافير"، "الرجل الذي تجرد من ذاته"، "عفاف هي عفيفة"، مسبوقة بنص سردي أطلق عليه مازن عنوان "انتبه أمامك دُوَّار"، يفتتح به الكتاب .. وقد كتبت قصص المجموعة في فترة طويلة نسبياً ومتباعدة تمتد من عام 2006م إلى عام 2013م، وتنشر في هذا الكتاب لأول مرة، إذ لم يسبق نشر أي منها في الصحف.
وعن هذا الكتاب الجديد يقول مازن حبيب: "أردت أن أقدم صورة بانورامية عامة عن عوالم وأجواء يمكن أن نعدها عُمانية، ولكنها ليست حصراً دائماً إذا ما أردنا أن نخرجها من هذا السياق لمن تفلح القصص في أن تقنعه بذلك. ليس هَمّ المحلية البحتة تماماً هو المسيطر على هذه الأجواء، بل أحياناً ما يفرضه سياق الأحداث الذي يطل في ثنايا القصص. ولا أخفي أنني أحياناً أردت أن تكون هذه القصص هي بطاقة تعريفية خاطفة أو لمحة سريعة لحالات عُمانية لمن لم يقرأ عنها، أو يتعالق معها، دون إغراقٍ متعمد في هذه الحالات في الوقت ذاته".
وكان مازن حبيب قد ترك انطباعاً لدى بعض القراء في مجموعته القصصية الأولى "الذاكرة ممتلئة تقريبا" مفاده أن عدداً ليس قليلاً من هذه القصص كان لا ينتمي إلى هذا المكان، ويرد مازن على هذا الانطباع بالقول: "هذا وإن كان صحيحاً في ظاهره، إلا أنه كان مرتبطاً بالفترة الحياتية التي كنت فيها أعيش خارج البلد، وانعكاس المحيط الخارجي على المحيط الكتابي، وضرورات السياق الأدبي لها، وربما حدث في وعيي الباطن أنه علي أن أتعالق أكثر مع المكان الذي أعيش فيه الآن. لكن كل هذا لم يكن حاضراً بشكل مباشر وواع أثناء الكتابة نفسها وخلال استدعاء واستبعاد الأفكار لكتابة القصص ذاتها، فقد حدث بشكل طبيعي، إذا ما نظرنا إلى المدة الزمنية التي كتبت خلالها هذه القصص".
يشار إلى أن هذا هو الكتاب الرابع لمازن حبيب بعد مجموعته الأولى المشار إليها ، وكتاب "سعفة تحرك قرص الشمس" (إعداد بالاشتراك مع سليمان المعمري 2009)، والكتاب الالكتروني "خارج مناطق الألم.. مراعاة لفارق الجرح" (يوميات، ، 2010). كما أن له تجارب سينمائية قصيرة في فيلمي "العودة" (2006) وفيلم "إدراك" ( 2009 ).
من أجواء هذه المجموعة الجديدة نقتطع هذا المقتطف من قصة "البطاقة الشخصية للعُمانيين" والتي تحمل عنوان المجموعة: لم يُولد بطبيعةِ الحال في الأوَّل من يناير من عام 1948، كما لم يُولد مُعظم العُمانيين في الأوَّل من يناير من مختلفِ الأعوام، كما تُصرُّ تواريخ ميلادهم التقديرية المقيَّدة في بطاقاتهم الشَّخصيَّة. ولو لم يكن اسمه الشائع (وليس الرسمي) يُشير إلى اليومين اللذين يحددان وقت ميلاده لما ذكر أحد في أيِّ من أيام الأسبوع وُلدَ، بعد رحيل كبار رجال القرية، واحداً تلو الآخر، ممن يحفظون التاريخ ويصنعونه، كأشجار الليمون الذابلة في فنائها في مزارع منطقة الباطنة، والذين قدَّروا أن ولادته كانت بعد نهاية الحرب (والمقصود هنا الحربُ العالميَّة الثَّانية) بثلاثةِ أعوامٍ، وإن لم يكن لأيِّ منهم ارتباطٌ وثيق بأحداث الحرب، التي كانت تصل أخبار تحركات الحلفاء في العراق والشام وتلك القادمة من ليبيا ومصر مُتقطعةً. ولذا لا يُعرف على وجه الدِّقة متى ولد الرَّجل، ولا في أيِّ يومٍ أو شهر، غير أنه حسب رواية أخرى، غير مُقيدة في شهادة تقدير السِّن، تحتمل ميلاده في مساءٍ صيفي الأمرُ الذي يُضعف التَّقدير التَّلقائي لفكرةِ الأوَّل من يناير، وأثمار المانجو المتدلية التي شرعت الغُربان في نقرها قد حان قِطافُها.