ظهر يوم الأحد الماضي وبينما درجات الحرارة في مسقط تلامس 45 درجة مئوية موقف لفتاة في ريعان شبابها أثلج الصدر وجعلني أقف احتراما لها ولموقفها عندما تبضعت بعض عبوات العصائر الباردة والمياه المعدنية من إحدى محلات التسوق السريع لتعطيها عاملا يقف بجانب الطريق في لفتة إنسانية تخضع لها الهامات احتراما وتقديرا ، وتبهج النفوس وتجعل الحياة بسيطة وجميلة وتجدد الآمال وتؤكد بأن المجتمع العماني بخير.
خرجت تلك الفتاة وبيدها كيس مليء بالعصائر والمياه المعدنية الباردة كأي زبون يخرج من محل ، لكنها عندما توقفت بالقرب من المحل وفتحت نافذة سيارتها بالقرب من ذلك العامل لتعطية الكيس وما فيه وتمضي في طريقها فرحة بعمل إنساني وكأنها زرعت وردة ومضت أو شجرة ظليلة يستظل بها العاملون في حرارة الصيف.
كم هو موقف مؤثر وسيؤثر بذلك العامل وزملائه ويدخل في نفوسهم البهجة والسرور عندما يتعامل معهم أفراد المجتمع بهذه الطريقة الإنسانية التي هم بحاجة إليها أكثر مما نتصور، فيهم يبنون ويعملون وينظفون ويشتغلون بأي موقع كان ببلدنا وأتوا من بلادهم للبحث عن لقمة العيش تاركين وطنهم وبلدانهم وأهلهم وعائلاتهم، صحيح أنهم يتقاضون أجرا عن عملهم ، لكن المال ليس كل شيء ، ومثل هذه المواقف تدخل في نفسهم البهجة ويشعرون بالسعادة بشكل كبير ودخل في نفوسهم الطمأنينة وتجعلهم يعيشون ويعملون بالسلطنة وكأنهم بين أهلهم لا يشعرون بالغربة.
بالفعل كان الموقف ورغم سرعته وبساطته لكنه كبير في أعين الناس فهو مفردة من مفردات الإنسانية وحب الإنسان للإنسان والإحساس به وبظروفه ، موقف يعكس حقيقة التعامل الإنساني بين بعضه البعض ، ويؤكد مدى الحس النبيل الذي تنعم به هذه الفتاة وبالتأكيد هناك فتيات عمانيات كثر يتمتعن بمثل هذه الصفات الإنسانية الحميدة.
يشاهد الفرد ومن يعيش على هذه الأرض الطيبة كل يوم موقفا من مواقف التراحم والتعايش الإنساني بين أفراد المجتمع ليس بين المواطنين بعضهم البعض بل كل من يعيش على هذا الوطن الذي حباه الله بنعمة الأمن والأمان والتعايش والرحمة والتآلف والمحبة ، حتى أينعت القلوب بوجود شخصيات تفعل الخير وتمضي في سبيلها لا يبحثون عن شهرة ولا منصب ولا مديح فهم يعملون لسبيل الله وسبيل ضمائرهم الحية التي تدفعهم لفعل الخير وينتهزون الفرص السانحة لفعل الخير ولا يترددون ، فبعض الأعمال البسيطة والسريعة والتي لا تأتي بتخطيط مسبق ربما يكون أثرها مباشرا وكبيرا وتأثيرها أكبر من أعمال أخرى.
نحن في وقت الصيف ودرجات الحرارة في ارتفاع ، وكثير من الحالات تتطلب منا أن نفعل أعمالا إنسانية وضع ثلاجات مياه خارج المنازل أو المساهمة في أعمال خيرية أو التوقف ومساعدة أشخاص تعطلت مركباتهم في قارعة الطريق وغيرها من أعمال الخير الإنسانية التي بلا شك تزيد من تلاحم المجتمع ومحبته لبعضه البعض وتدخل في النفوس البهجة مع عدم استصغار أي عمل فقط اعمل الخير وستجد الخير.
كذلك نحن مقبلون على شهر رمضان وأبواب الرحمة مفتوحة وأبواب الخير كثيرة فلنطرقها ، ولنتذكر أن موقفا إنسانيا نبيلا سيزرع في قلوب الناس الخير وعندما نزرع الخير في القلوب لن نجد للشر مكانا في قلوبنا ونهنئ بسلام .. وتحية لكل فتاة وتحية لكل عمل نبيل .

سهيل بن ناصر النهدي
[email protected]