ناصر الطائي: الزيارة تعد حلقة عمل فنية في إثراء الفكر والانفتاح على ثقافات العالم

فتحي البلوشي : نهدف إلى الاحتكاك مع ثقافات مختلفة وتوصيل فكرة جيدة عن العازف والفنان العماني وفتح آفاق جديدة في الموسيقى
أحمد سرمست : ما نقدمه من موسيقى محاولة لننقل الصورة الايجابية عن أفغانستان بعيدا عما يشاهد على الفضائيات

مسقط ـ ( الوطن ) :
استضافت دار الأوبرا السلطانية مسقط مساء أمس الأول أوركسترا الشباب الأفغانية التي أسسها محمد مراد سارخوش مدير المعهد الوطني للموسيقى ومعلم آلة الجيتشاك ، ويديرها رامين ساقي زادة معلم الرُباب في المعهد ، حيث جمعت الفرقة بين آلات أفغانية تقليدية متنوعة من أجزاء مختلفة من أفغانستان لتقديم موسيقى فلكلورية من جميع أنحاء البلاد، وذلك في صورة ترمز إلى وحدة البلاد. أما فرقة الرُباب فركزت بشكل رئيسي على آلة الرُباب الأفغانية ، في حين تخصصت فرقة السيتار – السارود في الموسيقى الكلاسيكية للتقاليد الهندية الأفغانية، وتنتفع من خبرات مدربها محمد إحسان عرفان ، حيث عزفت أوركسترا الشباب الأفغانية، مجموعة واسعة ومتنوعة من الموسيقى التي يقوم بتوزيعها قائد الأوركسترا: ويليام هارفي، وبدأت الأوركسترا فقرتها بتقديم نسخة أفغانية من "الرقصة البولوفيتسية" لبورودين، وهو عمل مشهور (لواحد من أقوى خمسة مؤلفين روسيين) متأثرا بالتقاليد الموسيقية الشرقية حتى في صورته الأصلية.
وتعد أوركسترا الشباب الأفغانية اول اوركسترا يتم تأسيسها في افغانستان منذ اكثر من ثلاثين عاما، وهي تحت رعاية المعهد الوطني للموسيقى في افغانستان الذي انشأه الدكتور أحمد ناصر سرمست عام 2009، ويعد هذا المعهد أول وأفضل مؤسسة معنية بتعليم الموسيقى للموسيقيين الموهوبين من الشباب الأفغاني.
وكانت قد استضافت جمعية هواة العود التابعة لمركز السلطان قابوس العالي للثقافة والعلوم مؤخرا الفرقة الموسيقية الأفغانية من أوركسترا الشباب الأفغانية بمبادرة من دائرة التعليم والتواصل المجتمعي بدار الأوبرا السلطانية مسقط لتبادل الخبرات والثقافات وللتعرف على التجربة الموسيقية العمانية والأفغانية وأيضا التعرف على أنواع الآلات الموسيقية ومستويات ومهارات العازفين ، إضافة الى مد جسور التواصل بين هاتين المؤسستين فيما يخدم الجانب الموسيقي والفني والذي يعود بالنفع والفائدة على العازفين.
حيث تجانس الحس الموسيقي مع أنامل أبدعت في تقديم مهاراتها في العزف حيث قدمت اوركسترا الشباب الأفغانية عددا من المقطوعات الموسيقية على آلاتها الموسيقية التقليدية ومن جانبها قدم عازفو جمعية هواة العود مجموعة من المقطوعات المتنوعة العربية والشرقية والأكاديمية ومن التراث العماني الأصيل على آلات العود والإيقاع وغيرها من الآلات الوترية ، اضافة الى عزف مقطوعات موسيقية مشتركة بين الطرفين ، وقد تم خلال اللقاء تبادل الاحاديث الجانبية التي كان لها الاثر الطيب في تبادل الافكار والثقافات في جانب الفنون والموسيقى بشكل خاص مما خلق جوا من التآلف والحميمية بين المشاركين.
اثراء الفكر والانفتاح
وفي حديثه حول هذه المناسبة قال الدكتور ناصر بن حمد الطائي مستشار مجلس الإدارة للتعليم والتواصل المجتمعي بدار الاوبرا السلطانية ان اهمية هذه الزيارة تعد كحلقة عمل فنية تفيد في اثراء الفكر والانفتاح على ثقافات العالم ونحن سعيدون بالنجاح الذي حققته هذه الزيارة بين اوركسترا الشباب الافغانية وجمعية هواة العود والتي تأتي تعزيزا للتواصل الفني والثقافي بين الحضارات وتوطيدا لمبادئ المحبة والاخاء والتسامح بين الشعوب.
واضاف "الطائي": نحن في دائرة التعليم والتواصل المجتمعي نؤمن بأن الموسيقى لغة انسانية سامية تكسر الحواجز العرقية وتوحد العواطف، وقد لفت نظري التشابه الكبير في الآلات الموسيقية والقوالب والمقامات المستخدمة مثل الآلات الايقاعية والاعواد والربابة، والتركيز على عامل الإرتجال وأهميته في ثقافة البلدين مما يبرز التشابه بين الموسيقى العمانية والعربية والافغانية."
وقال الدكتور ناصر الطائي: " خلال الفترة الماضية كانت هناك هجمة ضد الفنون والآلات الموسيقية التي تم حرقها وتدميرها بالمتفجرات في افغانستان، وانه من الجميل ان نرى جيلا جديد يتمتع بأبسط مباديء الحرية والتعبير عن النفس من خلال العزف على آلة وطنية وأثرية تعود جذورها لمئات السنين. ولقد كان ممتعا ان نرى الفنانين العمانيين جنبا الى جنب مع اخوانهم من افغانستان، وهي البلد الممزق بالحروب والاحتلال، والذين جاءوا برسالة سلام ومحبة وإخاء يضيئون شمعة الامل والحب والتسامح."
اما فتحي البلوشي مدير جمعية هواة العود فيقول : إدارة الجمعية من خلال أقسامها تسعى بالتواصل مع معظم المؤسسات والأفراد والفرق الموسيقية داخل وخارج البلد ، وقد ظهر ذلك مؤخراً بشكل جيد مع مجموعة من الجامعات والمعاهد والأقسام الموسيقية ، بالإضافة الى الأفراد من الفنانين خلال مناشطنا وفعالياتنا السابقة.
ومن ضمن هذه المؤسسات التي تحظى باحترام وتقدير كبير من طرف الفنانين العمانيين بشكل عام وأعضاء جمعية هواة العود بشكل خاص دار الأوبرا السلطانية مسقط والتي تعتبر نافذتنا للعالم ونافذة العالم الينا ، وتواصلت المبادرات المشتركة بين ادارة الجمعية ودار الأوبرا السلطانية مسقط في عدة مناشط وفعاليات مشتركة سابقاً وكانت ثمرة التعاون واضحة وجيدة ، وقد جاءت استضافة فرقة أوركسترا الشباب الأفغانية احدى ثمار هذا التعاون مع دار الأوبرا والتي من خلال هذا النوع من الفعاليات تهدف فيها الجمعية الاحتكاك مع ثقافات مختلفة وتوصيل فكرة جيدة عن العازف والفنان العماني لدى الآخرين ، وأيضا التعرف على آفاق جديدة في الموسيقى وتطعيم أفكار أعضاء الجمعية بكل ما هو جديد.
ولا يخفى على الجميع أن مثل هذه الصداقات تفتح باب التواصل مع المؤسسات والفرق والأفراد في العالم مما يوجد فرصاً مهمة للموسيقيين العمانيين وتحقق أهداف التواصل الحضاري الأمثل بين الفنانين بعضهم البعض.
تأثير الموسيقى في الفكر
وفي لقاء آخر مع الدكتور أحمد ناصر سرمست مؤسس ومدير المعهد الوطني للموسيقى في أفغانستان والحاصل على جائزة العضوية الفخرية للجمعية الفيلهارمونية الملكية البريطانية قال: تأتي هذه الزيارة بدعوة من دار الأوبرا السلطانية مسقط والتي تعتبر الزيارة الاولى التي نقوم بها لبلد عربي ،ونحن على يقين وإيمان قوي بمدى تأثير الموسيقى في فكر الآخرين والتي من خلالها ننقل صورة حقيقية عن الفكر السائد عن الشعب الافغاني بالانتحاريين والمتطرفين فمن خلال ما نقدمه من موسيقى نحاول أن ننقل الصورة الايجابية عن افغانستان والبعيد عما يشاهد على المحطات الفضائيات والمتداول في جميع وسائل الاعلام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي ، مشيرا إلى أنه من خلال هذا اللقاء الذي جمع بين العازفين الأفغان والعمانيين استطاع الفريقان كسر الحواجز المختلفة فيما بينهم وتحدثوا بلغة واحدة مفهومة وهي لغة الموسيقى العالمية فقدموا عزفا مشتركا أبدعوا في عزفه مع انه لم يسبقه أي تحضيرات له مما يدل على نجاح هذا اللقاء وتحقيق الهدف المنشود منه ، حيث وجدنا عازفين جيدين ومتمرسين بآلة العود وآلات موسيقية آخرى ويمتلكون حسا موسيقيا ومنفتحين للحوار والتواصل مع الطرف الآخر ، مضيفا : ومن الجميل أن كلا الطرفين يعزفون على آلات مشابهة وهي الوترية والايقاعية ، كما أن العازفين الأفغان أبدوا رغبتهم في تعلم آلة العود هذه الآلة الموسيقية الشرقية العريقة ، وختم الدكتور أحمد حديثه بالشكر الجزيل لادارة الجمعية على كرم الضيافة والحفاوة والترحاب الذي لمسناه من طاقم العمل وأعضاء الجمعية.