[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
كل ما يمكن أن يخفف عن النازحين العراقيين معاناتهم الهائلة، لا يتجاوز صادرات نفط بلدهم ليومين في الشهر أو اقل من ذلك،كيف؟.
يثير إعلان منظمات دولية لجمع تبرعات للنازحين العراقيين علامات استفهام عديدة ومثيرة، ويطرح اسئلة بحاجة إلى اجابات واضحة وصريحة.
يقول الإعلان أن النازحين العراقيين ويقدر عددهم بالملايين يعيشون اوضاعا مأساوية، بسبب عدم توفر ابسط الاحتياجات من مأكل بسيط وملبس ومسكن وادوية ومستلزمات طبية، وأن الدعوة موجهة للمنظمات الدولية لجمع تبرعات لهؤلاء المساكين بمبلغ قدره خمسمائة مليون دولار تقريبا للتخفيف عن معاناتهم، في ذات النشرات الإخبارية يعلن وزير النفط في حكومة بغداد عادل عبد المهدي أن صادرات النفط العراقي قد حققت ارتفاعا غير مسبوق منذ ثمانينات القرن الماضي ووصلت إلى ثلاثة ملايين ومائتي الف برميل يوميا، أي أن واردات العراق من النفط فقط في اليوم الواحد تزيد عن مائة وخمسين مليون دولار، علما بأن كلفة استخراج النفط من العراق هي الأقل، وتتراوح بين دولار وخمسة دولارات فقط.
بمعنى أن المبالغ التي تتحرك منظمات عالمية لجمعها للنازحين العراقيين تعادل صادرات النفط العراقي لأربعة ايام فقط أو اقل، وهو ما يفترض أن يساعد ملايين العراقيين الذين وجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها في حال من التشرد بعيدا عن بيوتهم ومصادر رزقهم ، ومنذ ما يقرب من عام تقريبا عندما بدأت تتصاعد اعداد النازحين والحكومة في بغداد تلتزم الصمت حيال هؤلاء النازحين في اشارة واضحة على اهمالها المتعمد لهم ، ولم يتم تخصيص إلا مبلغ خمسمائة مليون دولار، وإذا سألت مئات الآلاف من النازحين فإنهم يتحدثون عن اذلال في الدوائر المعنية بتوزيع هذا المبلغ الزهيد، ناهيك عن الاعداد الكبيرة منهم الذين لم يحصلوا على شيء من تلك النتف الضئيلة المخصصة لهم.
هؤلاء النازحون تم تهجيرهم من مناطقهم ورغم زوال سبب التهجير، فإن السلطات الحكومية تمنع مئات الآلاف منهم من العودة إلى مناطقهم بعد أن تم حرق المزارع والبساتين وتفجير البيوت وسرقة الممتلكات في سابقة خطيرة لم يشهدها تاريخ العراق، وبالاضافة إلى ما فقدته هذه العوائل من رجال وشيوخ وأطفال لقوا حتفهم في ظروف مختلفة فإنهم خسروا كل شيء.
ولأن هذه الأعداد بالملايين من العراقيين فبدون شك ينطبق عليهم وصف" المنكوبين " ووصف الذين حلت بهم " الكارثة" دون أن نسمع من يتحرك لإنقاذهم من هول الكارثة التي يعيشون ويعانون في كل لحظة الكثير.
لا اعرف ما هي حجة الحكومة والسياسيين من ابناء المناطق المنكوبة في تخصيص المبالغ المطلوبة لإنقاذ هؤلاء المساكين، الذين هرع الكثير منهم لانتخاب هذا البرلماني وذاك السياسي ولدعم العملية السياسية التي جاءت بكل هذا الخراب والدماء والدمار للعراق؟
وأليس من حق هذه العوائل الكريمة التي اضطرتها الظروف الحالية لترك الديار والبحث عن اماكن للعيش أن تسأل عن سبب اهمال الحكومة لهم بهذا الشكل المخزي، والذي يرتقي إلى درجة الاجرام بحق الملايين من النازحين؟
أليس من حق هؤلاء أن يتم تخصيص حصة اربعة ايام كل شهرين من صادرات النفط العراقي ليداووا الجراح ويعيشوا بالحد الأدنى من مستلزمات العيش بكرامة؟