[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
قبل أن ينتهي النصف الأول من العام الحالي كشفت منظمات حقوقية عراقية ارقاما مخيفة عن ما يتعرض له علماء العراق، فقد ذكرت المعلومات عن مقتل 53 عالما واختفاء 27 آخرين منذ بداية العام الحالي.
وأرغب هنا بتثبيت عدة نقاط بهذا الخصوص:
أولها: أن السلطات الحكومية المسؤولة عن أمن المواطن بصورة عامة لم تتطرق إلى هذه المعلومات، التي لو حصل اقل منها بكثير في أي بلد في العالم لخرج المسؤولون عن أمن البلد وتوزعوا بين موضح لمثل هذه الظاهرة أو من يقدم الاستقالة وما على الجهات الاعلى إلا الكشف عن الجهات التي تقف وراء هذه الظاهرة الخطيرة، وبدون شك لابد من التوصل إلى خيوط تكشف عن الجناة ومن يقف خلف هذه الجرائم.
ثانيا: لو حصل الامر في أي بلد في العالم لانشغلت وسائل الإعلام من صحف وفضائيات وإذاعات ومواقع الكترونية في تسليط الضوء على جرائم بهذا الحجم، لكن لو توجهت بسؤال للعراقيين هل سمع احد منكم بظاهرة مطاردة العلماء واغتيالهم أو اختفائهم، لجاء الجواب بكل بساطة، لم يسمع احد بذلك ، والسبب أن وسائل الإعلام المختلفة في العراق تتبع الاحزاب وترتبط بالجهات التي تقف وراء مطاردة العلماء وتصفيتهم ، وعندما تتكتم وسائل الإعلام وبالأحرى تتستر على حملات تصفية علماء البلد فإنها ترتكب جريمتين في آن معا، عدم ابلاغ الرأي العام بظاهرة خطيرة - على الاقل - ليأخذ البعض الحيطة والحذر من العلماء المستهدفين - والتنصل عن مسؤولية وسائل الإعلام الاخلاقية والتهرب من تأدية دورها في الكشف عن الاحداث التي تعصف بالبلد والمجتمع ، لأنها اداة بيد الجهات التي تخطط وتنفذ جرائم ابادة بحق علماء العراق.
ثالثا: إن الاتهام يوجه بصورة صريحة ومباشرة لجميع السلطات المسؤولة في العراق، فهل يعقل أن البرلمانيين لم يسمعوا باستهداف العلماء وبالحجم الذي يحصل الآن، ولم تسمع رئاسة البرلمان ولا رئاسة الجمهورية ومثلها رئاسة الحكومة، كما أن وزارة التعليم العالي والتربية تلتزم الصمت ايضا ، وكل تلك المؤشرات خطيرة جدا وتطرح اسئلة عن الجهات المستفيدة من افراغ البلد من علمائه.
إن علماء العراق اصبحوا هدفا رئيسيا بعد الغزو الأميركي للبلد عام 2003 ، فمنذ دخول قوات الشر الأميركية العراق وضعت قائمة ب 500 عالم لمطاردتهم واعتقالهم وتغييبهم ، وأطلقت يد العصابات المنظمة لتصفية مئات العلماء واساتذة الجامعات واصحاب الاختصاصات العلمية النادرة في اوسع هجمة على العلم والمعرفة في العصر الحديث.
لقد اضطر آلاف العلماء والكفاءات إلى الهروب من العراق بعد الغزو، ويتضح أن برنامج الأميركان وعمليتهم السياسية اخلاء العراق من الكفاءات لصالح الجهال والمزورين، ضمن خطوات تخريب العراق وتدمير بنيته العلمية والمعرفية.