يجزم بعض القادة من متخذي القرار بأن السلامة دوما في إصدار القوانين أرتالا تلو الأخرى دون تأن او استشارة، كما يعتقدون بأن العبرة في كثرة القرارات، ظانين بأن إصدارها يعد بمثابة هيبة ووقار للمؤسساتهم، وأنه عائدا من عوائد الخير والسمعة والسلامة لها، دون أن يلقو بالا لأطراف أخرى ربما يمسها غيث قراراتهم فيهطل عليهم وابلا من الصيّب يمسّ الآخرين دون ذنب ناهيك عما سيؤول إليه من اختلافات بين أطراف وأخرى.
إنّ ما نهدف إليه جلي للعيان، خطوات تمضي وأخرى تشق الطريق، قرارات نفذت فعليا فأتت أكلها على المستهلك وقرارات لاحقة لا زال للمستهلك حظا عاثرا منها، وقرارات أخرى بدأت تلتهم ما في الجيوب وما يدّخره المستهلك لغده، حقا ذلك وليس من باب الدعابة والتسلية. لأن من يعيش واقع الغادين والرائحين من المستهلكين يشم روائح تدعو إلى القلق والحيرة من غد لا يعي مفرداته ولا يدرك ماهيته إلا من يعيشه بعينه وحذافيره ويدرك مكنوناته وخسائره الفادحة ذلك ما رصدته في عديد المجالات ولنبدأ بقرار ولد منذ أمد بعيد بين أروقة مؤسسة مهمة وفي أسطر قانون مهم للغاية متعلق بالمرور بيد أنه لم ينفذ مسبقا، متعلق بالحمولات الزائدة في الشوارع نفذ بين عشية وضحاها دونما نقاش أو تدارس مع أطراف ذات علاقة وطيدة بالأمر، بمعنى أنه كان مشروعا مبيتا للتنفيذ دون مراعاة لمن يمسه الأمر في ذلك فكان ضحية القرار- فعليا وليس اعتباطا- هو المستهلك ومن أراد التثبت من القول فليستطلع الآراء وليتأكد من صحة القول. ولم يدرك متخذ القرار في ذلك بأن اجتماع السواعد واتحادها يبني الوطن ويبسط فيه التساند والتعاضد، كما انّ اجتماع القلوب وصفاؤها يخفف المحن؛ وها هي المحن اليوم قد بدت على محيّا بعض المستهلكين الذين استسلموا لواقع مؤلم متمثل في رفع أسعار بيع المواد المنقولة عبر الشاحنات كالإسمنت والرمل وغير ذلك من المواد.
ذلك نموذج يحق لنا ان نطلق عليه صفة عدم وجود تشاركية في اتخاذ بعض القرارات التي تمس المستهلك. ولنتطرق إلى نموذج أخر ولد منذ أسبوع ويمس الكبير والصغير من الذكور على وجه الخصوص قرارا لا نسلم بعدم صحته، بيد أنه خلف ضررا وضرارا على التاجر والمستهلك لعدم تدارسه من عديد الجهات ذات العلاقة، قرار يعنى باستخدام أدوات الحلاقة لمرة واحدة والذي لم يستند إلى مرجعية دراسية أو بحثية او حجة توضح فعليا وجود مصابين بأمراض خطيرة في أثناء ترددهم إلى محال الحلاقة والتجميل فانعكس ذلك القرار مباشرة على المستهلك الذي استسلم على مضض لهذا القرار فضاعف الدفع طلبا للحلاقة والتجميل وفي ذلك يصح المثل القائل:" بأن صاحب الحاجة أرعن" وبذلك نعتبر بأن مثل هذه الطرائق في اتخاذ القرارات في تأمين مصائرنا تعدّ إلغاء لرغباتنا وحاجاتنا وقدراتنا المالية وكأنهم يبترون أقدامنا كي لا نعُد قادرين على ارتداء أحذيتنا؛ حتى أصبحت بعض الجهات الحكومية فوهة المدفع لمثل هذه القرارات التي لم تتخذ بناء على تشاركية مع الاطراف ذات العلاقة سواء من وزارة الصحة أو من الهيئة العامة لحماية المستهلك أو الجهات المعنية بالتجارة وغير ذلك.
إننا في هذا النص نخرج بحكمة ذات أهمية بالغة تكمن في أنّ الجودة والسرعة قلما يجتمعان في أمر ما، وانه من أراد ركوب غمار العجلة، لا بد ان يأتي يوما ما ويدركه الزلل فالخطأ يعد دوما زادا مميزا للعجول الطالب في السمعة السريعة، فأفضل طريق للنجاح في اتخاذ قرار سليم أن لا تمس الناس بأذى فتكون على الطريق الصحيح بالتشاركية في اتخاذ القرار وفي ذلك قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم (وأمرهم شورى بينهم ) كما جاء في الأقوال الحسان بأنه ما خاب من استشار وتلك دلالة على أن التشاركية في اتخاذ القرار مصدر من مصادر النجاح. وفي ذلك فليدرك أول البصائر والألباب بأنه ليست قوة الشخصية في الإنفرادية بل في الاتحاد ونبذ الإنفرادية وفي ذلك ميراث عظيم للقوة والنجاح.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]