إعداد ـ هلال اللواتي:
من المهم تحديد المنهج قبل البدء في مسائل المعرفة، وقلنا إن كل المناهج تتلخص في اثنتين، وهما:
أولاً: الرؤية العرضية الأفقية.
ثانياً: الرؤية الطولية الهرمية.
ولكل من الرؤيتين نتائج مختلفة على المعتقد وعلى السلوك أيضاً، ومن الطبيعي أن تؤثر الرؤية للعالم والوجود على المنهج، فإن ما سوف يعتمد هناك سيؤثر هنا، وموضوع تأثير الرؤية الكونية وما تفرزه من نتائج علمية وعملية على الواقع الإنساني -الفردي والإجتماعي- أمر مبرهن عليه، وثابت في بحوثه من أبحاث نظرية المعرفة والرؤية الكونية، وليس هنا الأن محل بحثه وتناوله، ولتوضيح الرؤيتين المذكورتين بحسب مستوى هذا البحث، وبمستوى احتياجنا إليه هنا سوف ننتقل إليهما للتحدث عن كل واحدة منهما إن شاء الله تعالى في السطور الآتية..
أولاً: الرؤية العرضية الأفقية
وقبل التعرف على هذه الرؤية فإن منهج البحث يقودنا إلى موضع انصباب الرؤية، فنجد أن الموضع ينقسم إلى قسمين أساسيين، وهما:
القسم الأول: الرؤية العرضية الأفقية إلى "رسالة" الله تعالى.
القسم الثاني: الرؤية العرضية الأفقية إلى "رسول" الله تعالى.
مع العلم أن هذه الرؤية يمكن أن تشمل حتى التوحيد ومعارفه، إلا أننا لسنا بحاجة إليها هنا، والآن لنتحدث عن كل من القسمين وبشكل مستقل إن شاء الله تعالى.

القسم الأول: "الرؤية العرضية الأفقية" إلى "رسالة" الله تعالى.
فإن من أهم ما تقدمه رؤية هذا المنهج هو أن تتعامل مع "الرسالة" برؤية من واقع الحياة المعاشة في هذه النشأة فقط، فتحدد رسالتها وأهدافها في البعد "الديني" البحت، وتبعدها عن واقع الحياة وعن خضم معترك العمل الاجتماعي وعن سائر موارد تحقيق الحياة المدنية للإنسان، فتحكم عليها بأن الدين السماوي ليس إلا تعليمات تصب في صنع الإنسان روحياً، وربطه بالسماء واليوم الآخرة، ولكن هل الدين السماوي يعرف الإنخراط في الحياة الإجتماعية في بعدها الإقتصادي أو السياسي أو العلمي!، فهذا الأمر ليس بالضرورة أن يتحقق، وليس بالضرورة أن يكون مورداً لمسائل الدين السماوي، فالرسالة السماوية تحمل فقط المسائل الروحية والشعائرية لبناء هذا الإنسان.

ومما تقدمه هذه الرؤية هو أنها في أطوار البحث العلمي وأشكاله وأنواعه تضع الرأي الديني في عرض الآراء الأخرى، ما يشعر القارئ والمستمع بأنه أمام خيارات عرضية تقبل الترك بلا ضير ولا ضرر ولا مانع، وهي أشبه بمن يقدم الماء في أظرف متنوعة ويقول لك: من أيهما شئت أن تشرب الماء فالماء هو نفسه ماء، فهل الأمر كذلك؟!.
الجواب: كلا؛ فالحديث هنا ليس عن الظرف بل عن المظروف نفسه، فإن الأكلات والأشربة تختلف، وهناك ما يلائم الطبع البشري وهناك ما لا يتلائم، والعلوم كلها تنطلق من رؤى معرفية خاصة فقد تشترك وقد لا تشترك، فلذا لا يمكن وضعها في عرض واحد.

وللحديث تتمة إن شاء الله تعالى.