يوميات فاطمة
، وكعادتها القصد هنا المعلمة تجهزت للذهاب إلى المدرسة وصلت هناك واتجهت إلى مكتبها أخرجت هاتفها النقال وأخذت تسطر في رسالة موجهة إلى أب فاطمة كلمات معبرة مبكية ، فهي طلبت الإذن من أم فاطمة بالتدخل وبطريقتها في هذا الموضوع وأخذت رقم أبو فاطمة ، وبينما هو منهمك في عمله وأوراقة واجتماعاته ، سمع رنة من هاتفه فتحها واذا به يقرأ الرسالة ( أبي أين أنت ؟ انا ابنك أحمد فلذة كبدك ، أنا في شوق كبير إليك أحس بالضياع لغيابك الدائم عنا ، تيارات قوية تجرفني يمنة ويسرة وأنت في غفلة من هذا، أتذكر عندما كنت طفلا صغيرا وأنت تقرأ لي قصة قبل النوم ، كنت أتشوق كثيرا لرؤيتك تدخل إلى غرفتي حتى أستمتع بسماع القصه منك ، أتذكر عندما غلبك النعاس ونمت على الكرسي وجاءت أمي تبحث عنك .
أصبح كل هذا من الذكريات ، لست وحدي من يشتاق للجلوس معك والتحدث إليك فأخي عماد وفاطمة وعلياء كلهم ، زهور تحتاج من يرويها بالحب والعطف ، ضمني إلى حضنك يا أبي ،دفء حنانك أغلى عندنا من كنوز الدنيا كلها ، أبي أنا في إنتظارك .
تساقطت دموع غزيرة على خديه وهو يردد جملة هزت وجدانه ( نعم أنا في غفلة من هذا ) رددها مرارا وتكرارا ، الوالد لم ير رقم الجوال الذي وردت منه الرسالة ظن بأنه أحمد ، نظر إلى ساعة الحائط وهي تشير إلى الساعة الواحدة ظهرا ، لم يتبق سوى ساعة موعد انتهاء اليوم الدراسي، أنا آت يا بني، أخذ مفتاح السيارة وخرج من مكتبه وسكرتيره الخاص يناديه : سيدي إلى أين أنت ذاهب ؟ هل نسيت الاجتماع بعد نصف ساعة ؟ إنه هام جدا للشركة، ولم يلتفت الوالد له ولم ينطق ببنت شفه، انطلق مسرعا والزحام الخانق في الطرقات زاد من توتر الأب ، فربما لن يصل المدرسة في الوقت المناسب ، وأخيرا وصل وسمع جرس المدرسة يقرع ، وأخذ يراقب الأولاد وهم يخرجون أفواجا لمح ابنه هناك قرب باب المدرسة ، ينتظر الحافلة وإذا به يسمع صوتا ينادية : أحمد أحمد أنظر إلى السيارة السوداء التي تقف قرب المحل أنا والدك، ،صديق أحمد كان قريبا منه قال لأحمد : أحمد والدك يناديك إنه هناك في سيارته ، قال أحمد : نعم إنه أبي يناديني وركض مسرعا لا يصدق ما يرى ركب السيارة ورأى والده الحزين الباكي.
ضمة والده إلى حضنه وبكى كثيرا وعلا صوته ، خاف أحمد كثيرا وسأل والده :أبي أخبرني ماذا حدث ؟ الأب : لا تقلق يا بني لم يحدث شيئا الجميع بخير والحمد لله ،لكنها دموع الفرح يا بني ، ما رأيك أن نذهب إلى مدرسة فاطمة ستكون مفاجأة رائعة لها .
وصلا هناك وأوقف الأب سيارته بالقرب من المدرسة خرجت فاطمة وسمعت أحدا يناديها :أختي فاطمة تعالي بسرعة أنا أحمد ، شاهدته وهو يلوح بيديه يكاد يطير فرحا ، بكت كثيرا وركضت نحوهما ، كان مشهدا مؤثرا جدا رأته معلمة فاطمة هذا المشهد تساقطت دموع الفرح على خديها لم تكن سوى كلمات بسيطة سطرتها ، إلا أنها أيقظت قلبه الحنون المحب لأبنائه ، وفي داخل السيارة قالت فاطمة لأبيها : أبي ألم تذهب للعمل اليوم؟ التفت أحمد نحو أبيه ينتظر ماذا سيجيب ؟ رأى دمعة خجولة تنزل على خديه ورد قائلا : يا حبيبتي أنتم أغلى عندي من العمل ومن كل كنوز الدنيا .وبعدها سردت فاطمة لأبيها عن يومها الدراسي وإنها حصلت على أعلى الدرجات في مادة الرياضيات ، وعن مدى حبها لمعلمتها الطيبة ، وعن صديقتها المقربة عندها والتي أنجبت والدتها مولودا جديدا .
والأب ينصت لإبنته الحبيبة ، وأخيرا ختمت كلامها بهذه الأمنية قائلة : أتعلم يا أبي أتمنى أن تنجب والدتي طفلة صغيرة جميلة ونسميها مريم ، سأدعو الله أن يحقق أمنيتي .
وفي المنزل طعام الغداء على الطاولة والأم في انتظار أبنائها لتناول الوجبة معا ، وإذا بالباب يفتح بقوة كبيرة وتدخل فاطمة أمي أمي ، أحب أبي كثيرا جاء ليقلني من المدرسة وكذلك أخي أحمد معنا ، قال لنا انتم أغلى عندي من كل كنوز الدنيا .
ولم يكن أحمد أقل فرحة وبهجة من فاطمة ، أسرعت الأم إلى المطبخ وهناك سكبت دموعا حبستها ، وفي مساء ذلك اليوم بينما كان الأب في مكتبه يراجع ويقلب في الأوراق الخاصة بالشركة دخلت أم فاطمة قال لها والد فاطمة : عزيزتي لقد اتخذت قرارا هاما جدا لنا جميعا لن يفوتني وجبة الغداء معكم كل يوم ، أبنائي أهم عندي من العمل والمنصب والمال ، أعدك بأن أكون معكم على طاولة الغداء كل يوم ، أما في المساء فلا تأخير بعد الساعة السابعة ، فنحن مسؤولان عن فلذات أكبادنا الرعايه والحب والحنان والإهتمام ما يحتاجه أبنائنا منا .

عزة بنت محمد الطوقية