الإسلام يريد من المسلمين أن يكونوا شامة بين الناس ، متميزين في تصرفاتهم وأعمالهم وزيهم وهذا كله ليكونوا قدوة حسنة ، فالمسلم الحق لايهمل نفسه بل يعطيها ما تستحقها من عناية ونظافة وترتيب ، وعليه أن يحقق التوازن بين جسمه وعقله وروحه ، فيعطي لكل واحد حقه بحيث لا يطغى جانب على الآخر ، فنرى البعض في أجمل هيئه ومظهر تفوح منهم أجمل العطور وأزكاها ، همه لفت أنظارالناس إليه ، وسماع كلمات المدح منهم ، لكنه أعطى هذا الجانب أكثر مما يستحق وأهمل جوانب أخرى هامة كذلك كالجانب الروحي على سبيل المثال.
ولكن كيف يحقق المسلم هذا التوازن في حياته ؟
بداية في جسمه أن يكون معتدلاً في طعامه وشرابه وأن لا يقبل على الطعام إقبال الشره النهم الذي لا يشبع ، وإنما يأكل منه ما يقيم به صلبه ، ويحفظ عليه صحته وقوته ونشاطه .
يقول عزوجل " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين "، نرى الطاولة قد امتلأت بشتى أنواع الطعام من حلويات ومقبلات ومشروبات ومشويات ، أصناف متنوعة لكن من سيأكل كل هذا الطعام؟ نرى أربعة أشخاص قد اجتمعوا حول هذه الطاولة المستديرة التي تكاد تسقط بما عليها ، وهو في حقيقة الأمر يكفي لعشرة أشخاص أو أكثر ، وبعد الفراغ من تناول الطعام ينادى على الخادمة أن تتخلص من الباقي .
هم أناس لم يشعروا بألم الجوع في حياتهم ، ونرى أن ظاهرة الإسراف تزداد في شهر رمضان شهر العبادة والصيام والقيام ، وهذه من الأمور المحزنة ، وعلى المسلم كذلك أن يتجنب المخدرات التي تدمر جسم الإنسان وتجعله أسيرا لها لا يستطيع الاستغناء عنها .يدفعه الإدمان عليها إلى القيام بأمور شنيعة للحصول عليها كالسرقة وقد تصل إلى القتل والعياذ بالله .
فالمؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، ومن الأمور المهمة كذلك مزاولة الرياضة البدنية التي تعطي جسمه القوة والنشاط والمناعة من العلل والأمراض .
_ نظيف الجسم والثياب : حض الإسلام على النظافة بالاستحمام والتطيب بصورة مستمرة وبلغ أن بعض الأئمة ذهب إلى أن الاغتسال واجب يوم الجمعة استعدادا للصلاة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اغتسلوا يوم الجمعة ، وأغسلوا رؤوسكم ، وإن لم تكونوا جنبا ،
والاعتناء بنظافة الفم باستعمال السواك والفرشاة والمطهرات ، وزيارة الطبيب لتلقي العلاج ، تروي السيدة عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يرقد ليلا ولا نهارا ، فيستيقظ ليتسوك قبل أن يتوضأ " .
وبلغ من عناية رسولنا الكريم بنظافة الفم " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة " ، وإنه لما يؤسف له أن نرى بعض المسلمين يهملون هذه الجوانب فلا يعتنون بملابسهم وأبدانهم لا يشم منهم سوى الروائح الكريهة النتنة في نفر منهم الناس في مجامعهم .ولقد أنكر رسول الله أن يظهر الإنسان على الملأ بثياب وسخة ما دام قادرا على غسلها وتنظيفها فعنه أنه رأى رجلا عليه ثياب وسخة فقال" ما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه ؟ .
_ قدوتنا محمد عليه الصلاة والسلام الذي طالما تحدث عنه أصحابه بحسن هيئته ونظافته ورائحته الطيبة الدائمة فعنه أنه نام في دار أنس فعرق ، فجاءت أم أنس بقارورة تجمع فيها عرقه فسألها فقالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا ، وهو من أطيب الطيب .
_ وأن يكون المسلم حسن الهيئة وجميل المظهر من غير تبذير ولا إسراف في إعتدال إذ كان النبي محمدا صلى الله عليه وسلم ينكر على من يراه مهملا هيئته ،فهو يحب من المسلم أن يكون جميلا في معظم أحواله ترتاح العين لرؤيته ، وتطيب النفس منه والأنف فلا تشم منه سوى الطيب الزكي .
_ والبعض يهمل نفسه تراه لا دائما في ملابس رثه قديمه تهرب العين من النظر فيه وهذا كله بدعوى والتواضع أين هو من أشرف الخلق حبيبنا محمدا عليه السلام ؟
وهو سيد الزهاد والمتواضعين لا يرى إلا في أجمل ثوب وهيئه ، لأنه القدوة لنا جميعا ومن غيره لا يوجد وذلك إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ، وأصحاب النبي عليه السلام فهذا عبد الرحمن بن عوف كان يلبس الحلة تساوي خمسمئة ، وابن عباس أشترى ثوبا بألف درهم فلبسه ، البعض رزقهم الله من الخير الكثير إلا إنه يبخل على نفسه بالتمتع باللباس الجميل الحسن لا ترى نعمة الله فيه .

عزة بنت محمد الطوقية