[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
تتحمل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والدول الأخرى المشاركة في دعم الاستبداد والتغاضي عن الانتهاكات الخطيرة، التي ترتكبها الحكومات وأجهزتها الأمنية المسؤولية الكاملة عن مصائب وكوارث الغالبية العظمى من الستين مليون نازح ولاجيء الذين أعلنت الامم المتحدة عنهم، وقالت في بيان صادم أن هذا العدد من النازحين واللاجئين هو الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية، وأشارت المفوضية إلى «تزايد مذهل» في عدد الأشخاص الذين أرغموا على الفرار مع بلوغه 59,5 مليون نازح ولاجئ في نهاية 2014 بالمقارنة مع 51,2 مليون في العام السابق وذكرت المفوضية أن عددهم قبل عشر سنوات كان 37,5 مليون أضافت أن الزيادة في أعدادهم منذ 2013 هي الأعلى التي تحصل في سنة واحدة وفي 2014، أصبح 42500 شخص يومياً لاجئين أو نازحين أو طالبي لجوء.
تعمدت نقل المعلومات أو بعض من ما ورد في تقرير الأمم المتحدة لما يحمله من معلومات خطيرة، وهنا لا بد من التوقف عند بعض النقاط الاساسية، فعندما يقارن التقرير احوال واعداد النازحين واللاجئين بالحرب العالمية الثانية، ويؤكد أن الاعداد قد فاقت ما حصل في اربعينيات القرن الماضي، فأن المقارنة تحتاج لتوضيح هام، لأن الاضطرابات التي حصلت في تلك الحرب شملت النسبة الاكبر في شعوب وامم المعمورة، فكانت اوروبا بأسرها تحت الحرب وبريطانيا واسيا وشمال افريقيا ودول عديدة اخرى، في حين تتركز الاوضاع المضطربة والسيئة في دول محدودة حاليا ولا توجد نسبة للمقارنة مع المساحة الشاسعة التي خضعت للعمليات العسكرية في الحرب الثانية.
حتى هذه اللحظة تتركز المأساة بحجمها الحقيقي في دولتين رئيسيتين هما العراق وسوريا، وبالتأكيد هناك تراكمات من النازحين والمهجرين واللاجئين وباعداد متفاوتة، لكن عندما يتحدث تقرير الأمم المتحدة عن ارتفاع كبير في هذه الاعداد فأن الانظار تتجه صوب العراق الذي شهد حركة نزوح هائلة خلال العام المنصرم، وتصر الحكومة العراقية المدعومة أميركيا واقليميا وعربيا ودوليا على عدم السماع لمئات الالاف من النازحين للعودة إلى ديارهم وبيوتهم بذرائع مختلفة وغير مقنعة على الاطلاق، ومثل هذا الحال ما يعيشه الملايين من السوريين الذين يعيشون في مخيمات وفي شتات لا يعرف الامه إلا الذين يكتوون بناره.
تسارع الولايات المتحدة ومعها عشرات الدول الكبرى والصغرى لتقديم الدعم للمنظمات الارهابية لأنها تخدم استراتيجية هذه الدول ومصالحها وتقدم الحماية لاصدقاءها في المنطقة، ولا تلتفت لملايين العوائل المنكوبة التي لا تجد ما تقتات عليه في ظروف صعبة، وبينما تقدم واشنطن يوميا تسعة ملايين دولار لترمي حمم صواريخ طائراتها على الناس لتحرق وتقتل في العراق، فأنها لا تقدم خطوة واحدة في الضغط على الحكومات لتوفير الحماية للناس البسطاء، في حين يحاول المجتمع الدولي جمع ما يقرب من خمسمائة مليون دولار لإعانة نازحي العراق دون أن تبادر دول الحروب لتقديم معونة للأبرياء العزل من نساء وشيوخ وأطفال مشردين.