اعداد ـ هلال اللواتي:
المقارنة بين المنهجين "الأفقي" و "الطولي" في الرؤية إلى " الرسول ": فبناء على المعطيات التي تخرج تلقائياً من بطن الرؤيتين سيكون لها تاثيراً على مجمل ما تتعامل معه، فلننظر إلى كيفية إنعكاس رؤية كل من المنهجين على مفهوم "الرسول"، وما سيستتبع هذه الرؤية من التعامل والموقف، فلما أن ننظر إلى " الرسول " برؤية " عرضية أفقية "، فإن " الرسول الإلهي " في هذه الحالة سيكون حاله حال " الرسول العرفي "، ترى ماذا يعني هذا؟!.
الجواب: إن الحاكم الذي يريد أن يوصل مراده إلى شعبه وأمته فإنه من جملة ما يستعمله لهذه المهمة هو أن يسلم بيانه ورسالته بيد وزير من وزرائه، أو إلى الإعلام الرسمي، ولو أردنا أن نحلل مجمل ما بين الملك وشعبه وما يتوسطه من وجود رسالة وناقل لها فسيكون على أربعة أركان:
الركن الأول: الحاكم.
الركن الثاني: مراد الحاكم المتضمن في رسالته.
الركن الثالث: المختار لقراءة بيانه ورسالته، وهذه تعد وسيلة من الوسائل المتاحة لهذه المهمة.
الركن الرابع: المستمع للخطاب، وهو من توجه الخطاب إليه.
فلو نظرنا إلى الركنين الأولين فسنجد بينهما انسجاماً وتوافقاً ، فما يصدر من الحاكم يكون حاكياً عنه، معبر عن خلجات نفسه، وعن إرادته الجدية، إلا أننا لما أن ننظر إلى الركن الثالث ثم إلى الركن الثاني بالخصوص فسنجد أحياناً عدم وجود إنسجام بينهما، بل ولربما إنسلاخاً كبيراً؛ فإن الركن الثالث أشبه بساعي البريد، الذي لا يعرف عن الرسالة وعن صاحبها شيئا، وتتحدد مهمته هنا بقراءة كلمات الحاكم المتمثلة في رسالته فقط.
ولما أن يستمع الشعب إلى رسالة الملك أو الحاكم، ويستمع إلى من يقرأها فإن تعامله مع القارئ والناقل يكون تعاملاً بنحو الطريقية وليس بنحو الموضوعية الذاتية، فما معنى هذا؟!.
الجواب: إن الشعب والأمة لما أن ينظر إلى القارئ الذي يقرأ خطاب الملك أو الحاكم فإنه ينظر إليه مجرداً، أي ينظر إليه كآلة تتوسط في نقل المعلومة أو الرسالة الملكية، فالقارئ بالنسبة إلى الملك وبالنسبة إلى الشعب غير منظور إليه لذاته، بل ولا يرتقي في وجوده إلى مستوى "المعنى الحرفي"، فالمهم لدى الشعب هو خطاب الملك، وليس المهم لديه من يقرأ هذا الخطاب، فهذا هو حال "الرسول العرفي"، فهو معدوم النظر إليه، لكون المستهدف لدى الشعب كلام الملك.
ومثال آخر هو مثال "ساعي البريد" الذي يحمل الرسائل وينقلها من وإلى، فيتعامل معه المرسل والمرسول إليه تعاملاً غير رابط بين ما جاء في الرسالة، فهو يكون مجرد ناقل لها ليس إلا.
- فهل "الرسول الإلهي" بنفس مستوى إعتبار "الرسول العرفي"؟
فالجواب: أن ذلك يعتمد على المنهج والرؤية المختارة، فإن كانت أفقية كان الجواب وفقها، وإن كانت هرمية كان الجواب وفقها، فإن المنهج المعتمد في "الرؤية الهرمية الطولية" ستقودنا إلى رؤيةٍ مختلفةٍ عن "الرؤية العرضية الأفقية" تماماً، فإن "الرؤية الهرمية الطولية" ستقودنا إلى ضرورة إسباغ معالم "المرسِل" على "الرسالة والرسول"، ولما أن تنطلق الرؤية من رأس قمة الهرم الوجودي فإن النزول إلى كل ما هو متعلق به سوف يأخذ الكثير من أحكامه، لأن أحكام القانون الوجودي تكون لازمةً، على خلاف القانون الاعتباري والمتحقق هنا في الرؤية الأفقية العرضية.