يعتبر الشريان الذي يغذي القطاعات الأخرى
ـ "لوجيستية جنوب الباطنة" تتأهب لدور محوري في تسهيل حركة شحن البضائع والتخزين ومناولة الحاويات
ـ فرص عمل منتظرة في إدارة العمليات ونظم المعلومات والتطوير العقاري والقطاع المالي والتسويقي والمجالات الإنشائية كالهندسة المدنية والكهرباء

مسقط ـ العمانية: شهدت السنوات الأخيرة مزيدا من الاهتمام بقطاع الخدمات اللوجيستية في السلطنة انطلاقا من أهمية القطاع في تعزيز الاقتصاد الوطني بالإضافة إلى استثمار الموقع الجغرافي للسلطنة والبنى الأساسية في قطاعات الموانئ والمطارات والطرق فضلاً عن المناخ السياسي الآمن والمستقر التي تعتبر من أفضل العناصر الأساسية لاحداث نقلة نوعيّة في صناعة الخدمات اللوجيستية في السلطنة كي تصبح مركزاً أساسياً للخدمات اللوجيستية على مستوى العالم.
وتجسيدا لهذا الاهتمام تم وضع خطة استراتيجية للقطاع اللوجيستي في ضوء توجهات خطة التنمية الخمسية التاسعة ( 2016 ـــ 2020) لتنويع مصادر الدخل وانسجاما مع التخطيط بعيد المدى للسلطنة حتى عام 2040م ويأتي وضع هذه الخطة بعد أن استكمل القطاع اللوجيستي في السلطنة متطلبات التواصل التجاري والسياحي وكافة الأنشطة الاقتصادية التي تربط السلطنة بمحيطها الخليجي والعربي والآسيوي والعالمي عبر وجود شبكة للنقل البري تمتد لأكثر من 32 ألفا و600 كيلومتر من الطرق المعبدة المفردة والمزدوجة و الممهدة ، التي تربط محافظات السلطنة وولاياتها وقراها ببعض.كما تربط السلطنة بدول الجوار في الخليج العربي. وتربط منشآت القطاع الصناعي الإنتاجية ومخازن الشركات التجارية بمنافذ التسويق في مراكز المدن والولايات . كما أن موانئ السلطنة التي تعتبر من أهم مقومات القطاع اللوجيستي ترتبط بطرق ذات مواصفات عالمية تسهل عمليات استيراد وتصدير البضائع من السلطنة وإليها.
وتعتبر المنطقة اللوجيستية بجنوب الباطنة إحدى المناطق التي سوف تساهم في تطوير هذا القطاع، وقال أحمد بن سعيد الازكوي مدير مشروع المنطقة اللوجيستية بجنوب الباطنة ان القطاع اللوجيستي يعتبر الشريان الذي يغذي القطاعات الأخرى ومن هذا المنطلق تأتي أهمية القطاع في تنويع مصادر الدخل بصورة مباشرة وغير مباشرة. فالمباشرة تتمثل في الجهود المبذولة من قبل الجهات المختصة في تعزيز إمكانيات منظومة النقل المختلفة كالموانئ والمطارات والطرق البرية والقطارات التي تشكل شبكة أساسية في ربط الأسواق الداخلية بالسلطنة مع الأسواق الإقليمية والدولية وتوفر خدمات داعمة للأنشطة التجارية والصناعية بالمناطق الاقتصادية والمناطق الصناعية والمناطق الحرة. حيث تدعم هذه الجهود وبطريقة مباشرة القطاع اللوجيستي والانخراط فيه بالإضافة إلى إيجاد فرص استثمارية واعدة ووظائف تخصصية في هذا المجال.
وأشار احمد الازكوي في تصريح لوكالة الانباء العمانية إلى أن الصورة غير المباشرة تتمثل في تفعيل أنشطة تلك العناصر من خلال ربط ودعم عمليات الشحن والتخزين ومناولة البضائع على المستويين المحلي والدولي. مما يخلق أسواقا جديدة للمنتجات المحلية ويدعم ترويج السلطنة كوجهة استثمارية واعدة في القطاعات المختلفة من خلال تعزيز حركة تدفق وتبادل البضائع من أسواق السلطنة إلى أسواق المنطقة والأسواق الدولية والعكس ، والذي بدوره يؤدي إلى زيادة معدلات الإنتاج والعوائد من الاستثمارات إلى جانب الرسوم والإيرادات الضريبية.
وأكد أن أهمية القطاع لا تقتصر فقط على القطاع نفسه وإنما تمتد لتشمل الدور الذي يلعبه في دعم القطاعات الأخرى وعلى هذا الأساس تركز الحكومة على تطوير كفاءة منظومة النقل والخدمات اللوجيستية لما لها من أبعاد اقتصادية هامة.

وقال ان نهج الحكومة في الترويج للقطاع اللوجيستي يأتي منسجماً مع اتجاه الشركات العالمية والمستثمرين في البحث عن مراكز خدمات لوجيستية متقدمة وقريبة من أسواقها المستهدفة ، وحيث إن السلطنة تتمتع بموقع جغرافي حيوي يطل على المحيط الهندي وبحر العرب وخطوط الملاحة المرتبطة بالأسواق العالمية كالهند وشرق آسيا وأفريقيا. هذا إلى جانب توفر بنية أساسية للخدمات اللوجيستية وبكفاءة عالية كالموانىء والمطارات وشبكة الطرق البرية ومشروع خط القطارات.
وأضاف مدير مشروع المنطقة اللوجيستية بجنوب الباطنة إن الحكومة هدفت إلى أن تجعل رسالتها الترويجية لدى الأسواق الاستراتيجية المستهدفة موضحة لإمكانيات السلطنة اللوجيستية وجاهزيتها في هذا القطاع والعمل على جذب الاستثمارات وتفعيل الاتفاقيات التجارية والاقتصادية التي أبرمتها مع العديد من الدول لتسهيل عملية التبادل التجاري كإتفاقية التجارة الحرة ومنع الإزدواج الضريبي وتسهيل عبور الشحن واتفاقية التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات.
ونتيجة لترويج السلطنة كموقع وخدمات متميزة سيؤدي ذلك إلى الاستغلال الأمثل للخدمات والبنية الأساسية التي تم الاستثمار فيها وبالتالي سيكون له مردود مادي على الدولة.
وأشاد احمد الازكوي بمشروع المنطقة اللوجيستية بجنوب الباطنة الذي تطوره شركة عُمان اللوجيستية (قيد التأسيس) وقال إن هذا المشروع يأتي مكملاً لمشاريع الحكومة في تعزيز البنية الأساسية للقطاع اللوجيستي لمقابلة حركة التبادل التجاري وتزايد حجم طلب الاستثمار في المجالين التجاري والصناعي ، وسيكون للمنطقة الدور المحوري في تسهيل حركة شحن البضائع والتخزين ومناولة الحاويات من خلال الربط بينها وبين المنافذ البرية والموانىء والمناطق الاقتصادية وقنوات التوزيع التجاري في محافظات السلطنة.
وأشار إلى أن رؤية المنطقة تركز على أن تجمع بين بيئتي العمل والعيش معاً ومن خلال توفيرها لخدمات لوجيستية متكاملة إلى جانب توفير متطلبات الحياة العصرية كوحدات الإقامة ومراكز للتسوق والمؤسسات التعليمية والصحية وتهتم بالاستخدام الأمثل للطاقة وتدوير المخلفات وأفضل الممارسات الصحية.
وأوضح أن مساحة المنطقة تبلغ 95 كيلومترا مربعا وسوف تشتمل على أربعة أنشطة رئيسية مخصصة للخدمات اللوجيستية والأنشطة التجارية والصناعات الخفيفة والخدمات العامة كالمكاتب الإدارية والاقامة والتسوق ، وترتبط المنطقة بشكل حيوي مع شبكة الطرق السريعة الجاري تنفيذها بمحافظتي شمال وجنوب الباطنة كما سترتبط مستقبلا مع خط القطار .
ونوه إلى أنه تم في وقت سابق الانتهاء من كافة الدراسات المتعلقة بالمشروع ، وأنتقل إلى المرحلة التنفيذية والمتمثلة في تنفيذ المشروع على خمس مراحل بدأت مع المربع الأول من المرحلة الأولى بمساحة (3 كم2)، مشيرا إلى أنه في إطار تنفيذ المربع الأول تم التوقيع على اتفاقية مع شركة أف أند أم إنجيريا لوضع التصميم التفصيلي لهذا المربع، وقد بدأت شركة أليسكو سترونغ بلانت هاير للتجارة والمقاولات فعليا في أعمال التسوية والتمهيد لتنفيذ المربع الأول .
وقال مدير مشروع المنطقة اللوجيستية بجنوب الباطنة ان المربع الاول يشتمل على الميناء البري الذي يعد نواة للمشروع وسيؤدي دوراً مركزياً في تسهيل حركة البضائع بالأسواق المحلية وأنشطة الاستيراد والتصدير ، كما يضم هذا المربع منطقة المخازن وساحة التوزيع ومركزا لخدمة الشاحنات ومطاعم ومكاتب ومباني إدارية .
وحول إدارة الميناء البري قال : قمنا في بداية هذا العام بطرح الاعلان الخاص بتأهيل الشركات الراغبة في تشغيل الميناء ، وتم الانتهاء من إجراءات التقييم وتأهلت تسع شركات للدخول في المناقصة اشتملت على ائتلافات لشركات محلية ودولية .وفي الجانب الاستثماري فإن فريق العمل المكلف بصياغة المزايا والحوافز والتسهيلات مستمر في مهمته لاعداد التصور اللازم.
وأضاف أن المؤشرات الأولية لطلبات الاستثمار التي تم تلقيها من داخل وخارج السلطنة توضح أن المنطقة بدأت بالفعل في رسم مكانتها الاقتصادية المرجوة ، علاوة على ذلك قمنا خلال الفترة الماضية بعقد العديد من الإجتماعات مع مستثمرين من السلطنة ومن خارجها موضحين لهم أهمية المنطقة والخدمات اللوجيستية ذات القيمة المضافة التي سيتم تقديمها ، وسيتم خلال الفترة القادمة طرح تفاصيل الاستثمار من خلال الموقع الإلكتروني للشركة .
وحول طبيعة الوظائف وفرص العمل التي يستهدفها القطاع عند بدء العمل بالمنطقة قال أحمد بن سعيد الازكوي إن فرص العمل المتاحة عديدة وتشمل المجالات التخصصية كإدارة العمليات والخدمات اللوجيستية ونظم المعلومات ، كما تشمل أيضا المجالات الأخرى كالتطوير العقاري وإدارة الأعمال والقطاع المالي والتسويقي . وستوفر الشركات التي تجمعها تعاقدات مع الشركات العاملة بالمنطقة فرصا وظيفية جديدة خاصة في المجالات الإنشائية كالهندسة المدنية والكهرباء وغيرها مؤكدا انه يعول على مشاركة أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بفاعلية في إدارة بعض الأنشطة اللوجيستية أو الأعمال التجارية المساندة والمكملة التي تعتبر استثمارا مباشرا وستوفر أيضاً فرص عمل جيدة.
وأشار إلى أن المنطقة بصدد التنسيق مع الجهات المختصة لدراسة وتحديد طبيعة الوظائف التي يحتاج اليها المشروع بشكل خاص والقطاع اللوجيستي بشكل عام وقال اننا نسعى من وراء ذلك إلى مواكبة الدراسات والمؤهلات العلمية التخصصية المطلوبة مع المتوفر في قطاع التعليم العالي والمهني بالسلطنة وآليات تطوير تلك التخصصات أو المناهج العلمية.