[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
الفرق بين الحكومات في دول العالم، أن الكثير منها تهدر الثروات تحت مُسمى التعليم، دون أن تدقق في افاق هذا القطاع في ضوء الوسائل التعليمية والأدوات المستخدمة في واحد من أهم مفاصل بناء المجتمعات والدول، في حين تتدارس دول اخرى هذه العملية بدقة متناهية، في سبيل الإرتقاء بهذا القطاع.
وعلى سبيل المثال تتقدم كوريا الجنوبية على دول العالم في قضية تخصيص الاموال لقطاع التعليم، إذ تخصص اعلى معدل من ناتجها القومي لجميع المراحل الدراسية، ليصل المبلغ إلى ما نسبت ثمانية في المائة من مجموع الناتج القومي سنويا، ومن المؤكد أن صرف هذه المبالغ لا ينحصر في البنايات الفخمة بديكورات وأثاث ومظاهر سطحية ليقول الوزير للرئيس، أننا في عهدك نبني اعلى المدارس ارتفاعا في دول العالم، ولا يتم تسخير التلاميذ للظهور طوال العام في احتفالات استعراضية تمجد الرئيس وتنشد القصائد للقيادات وتبارك الجهود الجبارة للزعامات، وإنما الخطط التنموية التي تعتمدها العقول الكورية العملاقة وضعت محددات لصرف هذه المبالغ الطائلة، وقبل الشروع باهدار مبالغ كبيرة تحتل مساحة كبيرة من ميزانية الدولة، تم وضع مخرجات لتلك الخطط ، وقد يستغرب الكثيرون عندما يعرفون، أن الكوريين يجنون من كل دولار يتم صرفه في قطاع التعليم ارباحا تقدر بين عشرة إلى أربعة عشر دولار سنويا.
قد يتساءل الكثيرون – نتيجة تجارب دولهم وحكوماتهم في قطاع التعليم – كيف يمكن تحقيق ارباح في قطاع ليس فيه لا معمل ولا مصنع ولا عمليات تجارية، وفي واقع الحال هنا يكمن الفرق الحقيقي بين الذين يعملون على نهج وبرامج تنموية بعيدة الأمد، وأولئك الذين لا يفكرون ابعد من ساعة الدرس التعليمي، وكيف ينتهي دون التمحيص بالمديات التي يمكن تحقيقها من ذلك الدرس في المستقبل، ويغلب على الكثير من الحكومات الاعتقاد بأن التعليم إلزامي، بمعنى أنه يجب اعتماد جميع السبل والوسائل لإرغام الطلبة على الانخراط في المدارس، وعندما يتحقق ذلك يعبر المسؤولون عن فرحتهم الغامرة، لأنهم سيعلنون في وسائل الإعلام وعبر تصريحات نارية عن تحقيق الهدف الأسمى المتمثل بتحقيق اعلى نسبة انخراط في التعليم، وبدون شك أن تحقيق ذلك لا يمكن وصفه إلا بمنجز، لكن القضية ليس أن ينضوي جميع الاطفال في التعليم، وإنما الخطوات اللاحقة تبين مديات تحقيق اهداف التعليم بمستوياتها البعيدة والمتوسطة والبعيدة، فبدون شك أن الهدف الاني لإنخراط التلاميذ في المدارس يعني دخول الجميع أو لنقل الغالبية العظمى في مضمار التعليم، وهو أمر جيد، لكن هل يفكر المسؤولون بالكيفية التي يتحقق فيه الهدف المتوسط، المتمثل في غرس المعرفة في عقول التلاميذ، وبما يحقق الاهداف البعيدة، التي تجعل من التلاميذ أدوات فاعلة ومؤثرة في برامج التنمية في البلد؟.