اعداد ـ علي بن سالم الرواحي:
لقد جعل الله القرآن معجزته الخالدة، فما سبقه من معجزات كانت حسية مؤقتة بصاحبها من الأنبياء فتزول بعد موته وينتهي أثرها على أتباعه، لكن معجزة القرآن لا تنتهي بزوال الأمم وعلومه لا تتوقف بمرور الزمن وأثره باقٍ على رغم من جحد وظلم, فالقرآن كله عجائب في عجائب وإعجاز في إعجاز, وهداية في هداية .. وهيا بنا نبحر معاً في اقتباس ولو أقل القليل من بعض لآلئ عجائب القرآن العلمية لتكون منارة لحياتنا والله ولي التوفيق.
يقول الله سبحانه وتعالى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ) (التوبة:109), (شفا) أي حافة، (جرف) هو حافة جَرَف الماء ما تحتها، (هار) متصدع آيل إلى سقوط عاجلاً ليس مثلاً جرفاً صخريًّا قويًّا، هناك مقابلة بين مسجد قباء الذي أساسه تقوى من الله فهو مسجد خير عامر بذكر الله ثابت على قواعد الإيمان فمصيره الدوام وبين مسجد الضرار الذي بناه المنافقون على أساس النفاق والخبث والفتنة بين المؤمنين فهو ضار غير ناتج للخير أرضيته غير ثابتة على قواعد الإيمان الحقة بل ثابتة على الباطل الزهوق ومصيره السقوط عاجلاً، والآية الكريمة تلفت نظرنا على بعض النقاط الهندسية المدنية كما يلي:
- الأساس ونوعه ومادته: وهو الذي يحمل البناء وينقل أثقاله إلى الأرض الواقعة تحته، وكلما كان الأساس ثابتاً قويًّا مدعما بالحديد كان أقوى كان البناء ثابتاً وراسخاً.
- عمق التأسيس: فقوله تعالى: (على شفا..) حرف جر (على) يفيد الاستعلاء فعمق التأسيس يساوي صفراً وفي ذلك إشارة على سطحية الأساس وضعفه وتأكيد سقوطه.
- عامل بُعْدَ التأسيس عن الحافة: فمسجد ضرار أُسس على حافة مجروفة متصدعة ساقطة قريباً فعامل بُعدَ التأسيس عن الحافة يساوي صفراً.
- تأثر التربة والأساس بالمياه: فالحافة التي عليها الأساس قد أكلتها المياه وأصابته بالجرف والنحت والحفر وبالتالي قد يتأثر الأساس من جراء ذلك.
- شكل جوانب الجرف: قد يكون شكل الجرف مخروط أو مكعب أو كرة وما شابه ذلك.
- زاوية ميل الجرف فقد تكون 30 درجة أو 45 درجة أو نحو ذلك حتى 90 درجة فكلما كانت الدرجة كبيرة كام الإنهيار أسرع.
- توع التربة: فالتربة متشققة أي (هار) لا تصلح لحمل الأساس.
- أنواع الأثقال التي على التربة الحاملة: وهي ثقل البناء المنقولة إلى التربة عبر الأساس وما فيه من أناس وأغراض.
وقوله سبحانه: (فانهار به) المنهار هنا الجرف أو الحافة وليس البنيان وهذا صحيح هندسياً إذ قد يكون البنيان سليم جداً لمه على شفا جرف هار فأرضيته تنهار فتسقط به كذلك.
هكذا جاء القرآن بالمفاهيم الهندسية الدقيقة وقد وافقها العلم الحديث بل قد انهال المهندسون عليه ليستحرجوا مكنوناته الهندسية والعلمية.
يقول الحق تبارك وتعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)(يونس)
مضى القول إن الشمس تضيء بنفسها فهو ضوء وشعاع مصحوبا بحرارة لأنه ناتج عن الحرارة بينما القمر فيعكس ضوء الشمس على الأرض فهو شعاع غير ذاتي وغير مصحوب بحرارة صدر من جسم بارد أما منزلة القمر فهي التي يقطعها القمر يوميًّا وعددها في شهر قمري تسمى منازله ويساوي 28 ويعبر عن هذه المسافة بما يتحركها بما يقطعه من مجموعة النجوم طبعاً ليس ذلك على الحقيقة ولكن منظورنا الأرضي إذ يتبين لنا أنها كذلك لكبره وصغر النجوم لبعدها جداً عنا 1) الشرطين 2) البطين 3) الثريا 4) الدبران 5) الهقعة 6) الهنعة 7) الذراع 8) النثرة 9) الطرفة 10) الجبهة 11) الزبرة 12) الغرفة 13) العواء 14) السماك 15) الغفر 16) الزباني 17) الإكليل 18) القلب 19) الشولة 20) النعائم 21) البلدة22 ) سعد الذابح 23) سعد بلع 24) سعد السعود 25) سعد الأخيبة 26) مقدم الدلو 27) مؤخر الدلو 28) بطن الحوت
وقد مضى الكلام في اختلاف الليل والنهار فلكل منهما خواصه فذاك مظلم وهذا منير وذلك للسكون وهذا للبحث عن الرزق وكذلك يعني تعاقبهما فالليل يعقبه النهار والنهار يعقبه الليل هكذا منذ بدء الخليقة قبل فنائها يوم تقوم القيامة.
يقول الحق تبارك وتعالى:( قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)(يونس:31) فالرزق من الأرض واضح حدا من باطنها وسطحها وهوائها ويتضح أن الرزق من السماء هو الماء لكنه ليس وحده فهناك النيازك والشهب الساقطة على الأرض والتي تثري الأرض بالمواد والعناصر المعدنة التي يحتاجها أهل الأرض كما أن هناك ضوء الشمس الي يضيء الأرض وله فوائد لا تحصى كما أن هناك ضوء النجوم المضيئة للأرض ليلاً بالإضافة إلى إن العناصر الكيميائية الأرضية (حوالي 110عنصراً) تتخلق في النجوم بعمليات اندماج النووي حيث تندمج العناصر الخفيفة لتكون عناصر ثقيلة ثم ينزلها الله حسب مشيئته بقدر معلوم, وهناك طبقات الجو التي ترجع الأمواج الكهرومغناطيسية إلى الأرض كما إن أقدار الأرزاق لأهل الأرض يأتي من السماء فسبحان الله.
يقول الحق تبارك وتعالى:( وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كَانُوا لَا يَعْقِلُونَ (42)(يونس) هؤلاء الصم كانت حواسهم السمعية سليمة فليس المشكلة في استقبال الأصوات لكن المشكلة في الاستجابة لأن سمعهم للحق مقطوع عن العقل بالشهوات والمغريات وبالتكبر وبالحسد فلا يعقلونه ولا يفهمونه.