إعداد ـ هلال اللواتي:
معرفة الله تبارك وتعالى بناء على المنهج الهرمي الترابطي : إن هذا المنهج يوضح لنا – وكما بينا سابقاً- وجود ترابط وثيق بين "المرسِل" و "الرسالة" و "الرسول"، وإن هذه العلقة معللة لما تفرضها أحكام الخلافة والاستخلاف - وبتعبيرنا العصري.. أحكام الممثلية العليا لله تعالى في أرضه وبين عباده -، فلكي نعرف ما سيكون حال "الرسالة الإلهية"؛ وما سيكون حال "الرسول الإلهي"؛ فإن ما يفرضه البحث في هذه المرحلة منه هو ضرورة "معرفة الله" تعالى، الذي هو "المرسِل"، وما لم نتعرف عليه فإننا لن نتمكن من التعرف على كل ما ينتمي إليه بالشكل السليم، فإلى معرفة "الله"تعالى إجمالاً.
تحديد دائرة البحث في المعارف الإلهية: ولكن وقبل الدخول إلى "معرفة الله" تعالى، نود أن نوضح امراً مهماً ذكرناه في ضمن الفقرات السابقة، ولكن الآن نود أن نذكره مستقلاً للتنبيه، وهو:
- ماذا نريد في المعرفة الإلهية لهذا البحث؟.
فإن المعارف الإلهية كثيرةٌ جداً، وقد صنفت في هذا الباب كتبٌ كثيرةٌ جداً، ومن الطبيعي أننا لا نريد إدراج كل تلكم البحوث هنا، فلذا سوف يكون كلامنا منصباً على مورد الحاجة لهذا البحث بالخصوص؛ والذي سينتزع في مرحلة لاحقة من بيان معرفةٍ إجماليةٍ شاملةٍ جامعةٍ إن شاء الله تعالى.
"الله" تبارك وتعالى الكمال المطلق: لقد إنتهت الأبحاث العقلية والنقلية فيما يتعلق بواجب الوجود إلى نتيجة واحدة وهي بأن "الله" تبارك وتعالى خالق الخلق ورازقهم ومدبر أمورهم وهاديهم ومعلمهم ...إلخ، وهو الواجد لجميع "الكمالات" على الإطلاق، ولا يمكن سلبها عنه لأن السلب سيخرجه عن كماله المطلق، ولازمه أن يدخله في الكمال النسبي، وهذا مرجعه إلى النقص، وهو سبحانه وتعالى منزه عنه.
ومن ينظر إلى أسمائه سبحانه وتعالى وإلى صفاته فإنه سيقف على تلكم الكمالات المطلقة، فكل إسم يحمل دلالة كمالية، وهو سبحانه وتعالى واجد لها بلا أي حد، فكمالاته سبحانه وتعالى لا متناهية، ولا نريد الحديث عن صفات الله تعالى وأسمائه نظراً إلى أن هذا البحث موكول إلى محله من أبحاث معارف التوحيد، وليس هنا الآن محله سوى أن نعلم أنه سبحانه وتعالى الكمال المطلق، ولا أحد في الوجود من هو كمال مطلق سواه، وأن هذه الصفات الكمالية لله سبحانه وتعالى تنقسم إلى صفات جمالية وإلى صفات جلالية، فـ"الجمالية" التي يتصف بها سبحانه، وأما "الجلالية" فالتي لا تليق به تعالى ذكره، والتي يُجَلّ عنها تقدست أسماؤه، وهي التي تعبر بـ"الصفات السلبية"، وهي تعود إلى النقص.