مطلوب من الداعية الإسلامي في الدول غير الإسلامية أن يكون على قدر من الوعي الصحيح بآداب الدين وتقنياته

القاهرة ـ من محمد فتحى:
أكد الدكتور غلام محمد قمر محمد نذير، باكستانى الأصل، وخبير اللغة الأردية بكلية الترجمة واللغات بجامعة الأزهر والحاصل على الدكتوراه من كلية الشريعة والقانون، أن التيارات الفكرية المتطرفة التي أبتليت بها الأمة الإسلامية صناعة غربية تدعمها ليل نهار لأن الإرهاب جسم غريب على المسلمين، مشدداً على أن المسلم عليه التسلح بالعلوم المعرفية والتقنية المتطورة لمواكبة التطور العصري، خاصة المسلم المقيم في بلاد غير إسلامية، لافتاً إلى أن الأمة تحتاج إلى المزيد من الكتب المترجمة لكل اللغات الحية، مرجعاً نمو التيارات التكفيرية من حين لآخر لتقلص دور المؤسسات الدينية .. الدكتور قمر تحدث لـ"الوطن" عن التغيرات الاجتماعية والمعرفية، ودور المناهج في تأهيل طلاب الجامعات الاسلامية، ونمو التيارات التكفيرية فى ظل غياب المؤسسات الدينية والعلمية.
وقال: كل من يسير علي الطريق الوسطي يجد له أعداء يريدون إبعاده عن هذا العمل الصحيح، وهذا سببا مباشرا لمحاربة المؤسسات الدينية فى الوطن العربى، لأنها تحارب كل فكر شاذ وتسعي وراء تجفيف منابع الإلحاد، وتتصدي للتطرف الفكري والجهل بأمور الدين الصحيح، كل هذا يجعلها مرمى للهجمات المتكررة عليه من حين لآخر.
موضحاً بأن الأزهر منذ نشأته يقف ضد كل القوى المعادية للإسلام بصفته جامعاً وجامعة تمثل المؤسسة الإسلامية الوحيدة في العالم التي ترعى الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل الصحيح، وبالتالى فهو فى مرمى نيران الهجمات الفكرية المتطرفة وغير المتطرفة، لكنه سيظل شابا فتيا يصارع الزمان، ولم تجد معه ريح عاتية ولم يهزه كيد كائد ولم يضره تدبير ماكر.
وقال: ان نمو التيارات التكفيرية من حين لآخر سببه غياب أو تقلص دور المؤسسات الدينية، فالعلاقة بين ظهور التيارات التكفيرية والمؤسسات الدينية علاقة عكسية، فإذا نشطت المؤسسات الدينية واثبتت وجودها على الساحة الدعوية قل وجود التيارات الفكرية والعكس صحيح، والمؤسسات الدينية مثل الأزهر تسعى لعقد مؤتمرات دولية ولقاءات فكرية مع كل المعنيين بمحاربة التطرف والغلو والإرهاب، لبحث سبل وضع الحلول الجذرية والخطط المستقبلية لمعالجة الأفكار الهدامة، ليأخذ بها أولو الأمر فى العالم الإسلامى وتطبيقها على أرض الواقع.
مبيناً ان هناك سياسة جديدة يعمل الأزهر بها منذ تولى الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وهى الوصول بالطالب الأزهري للعالمية في كافة مناحي العلوم، سواء الشرعي منها أو التقني، وتسليحه بالتطور التكنولوجي لمواكبة مستجدات العصر، وبالتالى يخرج دعاة على قدر كبير فى الالمان بكل مستجدات العصر، وإذا كان هناك بعض المناهج التى تسعى للتطوير، إلا أن قديمها وحديثها خرجت علماء ودعاة ملأوا بقاع الدنيا علما ونشروه بها.
موضحاً انه لا يخفى على أحد من وراء هذه الجماعات التكفيرية فالقاصي والداني يعرف أن الدعم لهذه الجماعات مستمر لا انقطاع له سواء مادي أو فكري، وزرعوا في نفوس هؤلاء أنهم وحدهم على الحق فإن لم تكن معهم فأنت ضدهم، وأنهم يكفرون كل من يخالفهم الرأي ولا يعمل بعملهم، المهم في الأمر مدى الحرص في التعامل معهم وكيفية مواجهتهم، ونجنب أنفسنا وبلادنا هذا الوباء المدمر لفكر وعقول أبناء الوطن والبلاد الإسلامية.
مؤكداً في هذا الجانب ان هناك دوافع لذلك وهي تفتيت وحدة المسلمين وزرع الشقاق والتنافر فيما بين العرب، والعمل على عدم استقرار الدول الاسلامية كلها، والحيلولة دون اتحاد المسلمين مع بعضهم البعض، ومحاربة ظهور أي تكتل إسلامي عربي قوى بالمنطقة، والعمل على جعل الدول العربية والإسلامية سوقا لبضائعهم.
وقال: ان حركة الترجمة والكتب تبين الجانب المضيء من الإسلام، وآدابه وأخلاقه، ومازلنا نحتاج المزيد من الكتب المترجمة لكل اللغات الحية في العالم، لكن المهم في الأمر كيف يرى الغرب المسلمين في معاملتهم واحتكاكهم بهم، لكن الداعية له دور أهم بكثير من الترجمة لأن الترجمة ستأتي في المرحلة الثانية بعد الداعي الواعي المستنير.
وحول دور الداعية قال: مطلوب من الداعية الإسلامي المسافر للدول غير الإسلامية أن يكون على قدر من الوعي الصحيح بآداب الدين وتقنياته، فالإسلام كله جميل، وهكذا الداعي يجب أن يكون جميلا بإسلامه السمح ؛ لأنه بذهابه لهذه الدول يكون محط أنظارهم ويرون الإسلام من خلاله، ويحكمون علي الإسلام بأفعاله، بجانب أن يكون الداعي ملم بعلم وثقافة وآداب وتاريخ هذه البلاد لكيفية التعامل معهم، مصداقاً لقوله تعالى:"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ".