تواصل الجهات المعنية بالأعمال الخيرية مساعيها الرامية إلى احتواء الصائمين بتقديم وجبة الإفطار خلال أيام الشهر الفضيل من خلال عدد من النقاط التنظيمية والمساجد والحارات وبعض الاماكن على الطرقات الهادفة الى إفطار المسافرين، عندئذ نسلم بأهمية تقديم الافطار للصائمين من باب التكافل الاجتماعي وما يدخل في نطاقه من أجر وثواب وتسهيل على غير المقتدرين خلال هذه الايام المباركة الأمر الذي أدى إلى حدوث حالة (استنفار) قصوى لكثير من الأفراد من المسلمين وغيرهم ومن الصائمين وغيرهم فأصبحوا جميعا يتربصون غروب الشمس واقتراب موعد الافطار الذي ترافقه عزومات و(ولائم) تكريمية للصائمين إلا ان الحال مغاير تماما لما وضعت الأهداف لأجله، فتحققت أجزاء يسيرة من الأهداف بينما فتحت المجال للعشوائية وسوء التنظيم والاكتظاظ في المساجد وتنافس القطاعات الخيرية على الشراء وارتفاع نسب الانفاق وتناقص كميات كبيرة من المعروض من الالبان وغير ذلك في الأسواق كل ذلك يدعو إلى مزيد من الدراسة والحذر في قضايا الاعمال الخيرية وإعادة بنيانها على أساس من الدقة والصحة والمنطقية.
من المعلوم لدينا بأن القوة الشرائية في المناسبات والاعياد والاحتفالات للمستهلكين ترتفع ارتفاعا ملحوظا لدى العامة والخاصة، فتنشط الأسواق ويزداد المعروض في تلك المناسبات ويبدأ المستهلك في البحث عن حاجته من الغذاء والشراب، مما يؤدي إلى نقص حاد في السلع بسبب تزاحم المستهلكين على الاسواق وتزاحم الجمعيات الخيرية من جهة أخرى على الشراء الأمر الذي يثير الازدحام المروري في شوارعنا فيؤدي الى الاختناقات التي تعطل مسار الطرق في الوضع السليم كل ذلك يظهر بتبعات أخرى تبعث الضيق والتشاؤم في نفوس المستهلكين فتؤثر على نفسياتهم مما تترجمه في البعض الحالات سلوكياتهم التي تؤدي الى وقوع حوادث الطرق تارة أو الاضطرابات والتوتر والقلق تارة أخرى.
من هنا نطرح مثالا نموذجيا نناشد جميع الجهات المعنية بالأعمال الخيرية الاحتذاء به فهو مثال عقلاني وتنظيمي يعمل فعليا على تحقيق الهدف المنشود من برامج إفطار الصائمين ويعمل على توفير السلع والمنتجات وتهيئة الأوضاع لجميع المحتاجين كل حسب قدراته، إنه مشروع السلة الرمضانية التي تطرحه الهيئة العامة لحماية المستهلك بمبادرة مع قطاعات المراكز التجارية الخاصة والتي بلغت أحد عشر مركزا تجاريا أدى إلى نجاح منقطع النظير حين جسدت المفهوم السليم لقيمة العروض الترويجية الصادقة والبعيدة عن تضليل وخداع المستهلك، لاسيما تلك العروض المضللة لسلع ذات جودة رديئة أو على وشك انتهاء فترة صلاحيتها حيث اشتملت السلة الرمضانية لهذا العام على تسعة عشر صنفاً استهلاكياً والتي ازداد الإقبال عليها خلال الشهر المبارك. كما لعبت السلة الرمضانية دوراً في توعية المستهلك وتبصيره بالثقافة الاستهلاكية والتخطيط السليم عند الشراء دون إسراف أو تبذير.
على كل حال نهدف من طرح نموذج السلة الرمضانية إلى توحيد الجهود في إطار الأعمال الخيرية خصوصا فيما يتعلق ببرنامج إفطار صائم خلال الشهر الفضيل حتى نحقق الهدف تحقيقا نموذجيا عادلا متقنا يصب في وعاءه المطلوب، فقضية توحيد الجهود امرا ضروريا خصوصا عندما تبدو العشوائية مربكة فتؤدي إلى عامل نفسي ينتهي إلى المشاحنات والاحتقان أحيانا عندها وجب أن نطرح حلولا جوهرية تنهي المشكل القائم وتفتح صفحة تعاونية تتيح الاستفادة للصائمين حقا وتوقف مهزلة الذين لا يشعرون بعظمة الصوم وقيمته وتضع الموازين بالقسط للمحتاجين دون ضرر أو ضرار..!! فماذا يضير الجهات الحكومية والخاصة والأهلية المعنية بالأعمال الخيرية أن توحد جهودها خلال الشهر الفضيل بتطوير السلة الرمضانية التي بادرت بها الهيئة العامة لحماية المستهلك ؟!! خصوصا وأن المؤشرات تشير إلى نسبة رضا مرتفعة لدى المستهلك بالسلة الرمضانية كما أن نسبة كبيرة من المستهلكين يطالبون بتطوير هذه السلة الرمضانية وتعدد أصنافها وجودتها وتوافرها في جميع المراكز التجارية بأسعار مقبولة فماذا لو اقترحنا أن توحد الجهات الخيرية قواها المالية لتدعم هذه السلة دعما كاملا في هذا الشهر الفضيل عوض العشوائية في الإنفاق، ألن يصبح الوضع أفضل لتحقيق الهدف بما هو منطقي وعقلاني ومرغوب عوض التكدسات المسائية في المساجد والحارات من الوافدين على وجه الخصوص الصائمين وغيرهم فتصبح الفائدة موجهة توجيها حميدا لما هو متوقع منها تحت إشراف الهيئة العامة لحماية المستهلك. وهي فرصة سانحة أن تستوفي الهيئة كل المعلومات المتعلقة بالأسعار في السوق فتتعاون مع الجهات الخيرية، فيسهل عليها كشف التلاعب بالأسعار كإيهام الجمعيات الخيرية واستغلالها من قبل البائعين بارتفاع أسعار هذه العناصر والاصناف المرغوبة فهل سنجد أذانا صغواء لتوحيد الجهود في سلة رمضانية تزخر بالعطاء وتتسم بالرفق وتضع الأمور في موازينها وفي ذلك إدراك لقيمة السلة الرمضانية.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]