نواصل حديثنا في أحكام قانون العمل العماني، ونخصص هذه المقالة لبيان القواعد التي تطلب القانون توافرها لصحة إنهاء علاقة العمل في العقود غير محددة المدة ... تنص المادة (37) من قانون العمل على أنه "إذا كان العقد غير محدد المدة جاز لكل من الطرفين إنهاؤه بعد إعلان الطرف الآخر كتابة قبل موعد الإنهاء بثلاثين يوما بالنسبة إلى العمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة لغيرهم وذلك مالم يتفق في العقد على مدة أطول. فإذا انتهى العقد بغير مراعاة هذه المهلة ألزم من أنهى العقد بأن يؤدي إلى الطرف الآخر تعويضا مساويا للراتب الشامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها." يتضح من نص هذه المادة أن المشرع قرر لكل من طرفي العقد سواء كان صاحب العمل أو العامل مكنة إنهاء عقد العمل غير محدد المدة بالإرادة المنفردة في أي وقت... وهذا الحق يتفق مع طبيعة عقد العمل من أنه يتسم بالطابع الواقعي من حيث تنوع أحكامه بحيث تكون قادرة على مواجهة الظروف الإقتصادية للمؤسسة من ناحية أن صاحب العمل له الحرية في إدارة مؤسسته وفي المقابل للعامل الحرية في البحث عن عمل آخر يتناسب وظروف معيشته... ولكن هذا الحق وتلك الحرية ليست مطلقة وإنما لإعمالها وصحتها يجب أن تتوافرلا لها قواعد شكلية وأخرى موضوعية... وهذا ما عبرت عنه المحكمة العليا في أحد مبادئها "لإنهاء عقد العمل غير محدد المدة من أحد العاقدين قواعد شكلية وأخرى موضوعية، فالقواعد الشكلية تتمثل في ضرورة أن يخطر الطرف الذي يرغب في إنهاء العقد الطرف الآخر، أما القواعد الموضوعية فتنحصر في وجوب عدم التعسف في الإنهاء."
(1)القواعد الشكلية (وجوب الانذار السابق): يشترط لممارسة الحق في إنهاء عقد العمل غير محدد المدة أن ينذر من يرغب في إنها العقد الطرف الآخر وأن تكون هذه الرغبة واضحة خالية من أي عيب من عيوب الإرادة... بإعتبار الإنذار (الإخطار) تصرف قانوني. ولذلك قيل أنه لا يعد من قبيل الإنذار توجيه صاحب العمل النصح لأحد عماله بالبحث عن عمل آخر... كما أن القانون إشترط أن يكون الإخطار كتابة وبالتالي لا يكفي أن يكون الإخطار شفاهة. ولكنه في نفس الوقت لم يشترط القانون شكلا معينا للإنذار فيصح أن يكون بورقة رسمية أو عرفية كما أنه يصح أن يوجه بالبريد العادي أو الإلكتروني وغيرها... وحتى ينتج الإنذار أثره يجب أن يتصل بعلم من وجه إليه قبل ثلاثين يوما من نهاية العقد بالنسة إلى العمال المعينين بأجر شهري وخمسة عشر يوما بالنسبة لغيرهم، ما لم يتفق على مدة أطول... وما يجب ملاحظته أنه إذا تزامن توجيه الإنذار من صاحب العمل للعامل مع وجود هذا الأخير في إجازة أو عطلة رسمية فإن هذا الإنذار لا يبدأ سريانه الا من اليوم التالي لإنتهاء الإجازة أو العطلة. إستنادا للمادة (38) من ذات القانون... وحيث أن الإنذار مقرر لتفادي ضرر المباغته سواء للعامل أو صاحب العمل لذلك فإن جزاء عدم مراعاة مدة الإنذار وشروطه توجب تعويض الطرف الآخر تعويضا مساويا للراتب الشامل عن مدة المهلة أو الجزء الباقي منها.
(2)القواعد الموضوعية (عدم التعسف في إنهاء العقد): أنه إذا كان الإنهاء في عقد العمل غير محدد المدة حق مقرر لكل من طرفي العقد، فإنه بطبيعة الحال يلزم لمشروعية إنهائه خلوه من التعسف... والا اعتبر هذا الإنهاء فصلا تعسفيا... والواقع العملي يزخر بالعديد من التطبيقات على الإنهاء التعسفي لعقد العمل منها إنهاء عقد العمل لعدم لياقة العامل صحيا أثناء مدة إجازته"... والجدير بالذكر أن واقعة التعسف هي واقعة مادية يمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات. وقد إستقر القضاء أن قيام المبرر لإنهاء عقد العمل مسألة موضوعية يستقل بتقديرها محكمة الموضوع متى أقامت قضائها على إستخلاص سائغ... هذه قراءة سريعة في أحكام إنهاء عقد العمل غير محدد المدة... لمزيد من الإيضاح يمكن للقارئ الرجوع إلى قانون العمل العماني، وتحديدا الباب الثالث منه.

الدكتور سالم الفليتي
محام ومستشار قانوني
كاتب وباحث في الحوكمة والقوانين التجارية والبحرية
[email protected]