أنس فرج محمد فرج
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر ) رواه الإمام الترمذي
في هذا الحديث الشريف يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالمبادرة بالأعمال أي: الإسراع بالأعمال الصالحة والتعجيل بها قبل أن تأتي هذه الفتن التي تعيق الإنسان عن العمل الصالح وبادر بالعمل الصالح قبل أن يأتيك فقرا ينسيك عبادة ربك وذكره وتنشغل بلقمة عيشك أو ربما يأتيك الغنى فيطغيك ويلهيك عن العبادة وعمل الخيرات أو ربما تصاب بمرض يجعلك قعيدا لا تقوى على العبادة أو يطول بك الأجل وتصبح شيخا كبيرا يمنعك من الصلوات أو الصيام أو الحج أو الموت فالموت يأتي فجأة لا يفرق بين صغير وكبير ثم يكون الندم يوم لا ينفع الندم أو الدجال فشر غائب ينتظر، وهو رجل كافر من بني آدم ممسوح العين اليمنى وعينه اليسرى عليها لحمة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤها كل مسلم كاتب أو غير كاتب وهو عقيم لا يولد له يخرج في آخر الزمان فيدعي الربوبية ويفتن الناس وتقع له خوارق أو تقوم القيامة حينئذ لا ينفع العمل
فالإنسان بين زمن مضى لا يستطيع رده وبين زمن مستقبل لا يدري هل يدركه أم لا وإذا أدركه هل يستطيع فيه العمل الصالح أم سيعجز عنه وبين زمن حاضر إما أن يستفيد منه ويكثر فيه من العمل الصالح وإما أن يذهب فتندم حين لا ينفع الندم
واعلم أيها القارئ الكريم أن الفرص تفوت وأن الأجل موقوت وإقامة الإنسان في هذه الدنيا محدودة وأيامه فيها معدودة وأن الآخرة هي دار القرار والمصير فيها إلى الجنة أو إلى النار وإن سعادتك أو شقاؤك أيها الإنسان تتركز على هذه الأيام التي تقيمها في الدنيا وعلى نوعية العمل الذي تقدمه لنفسك في هذه الأيام فإما أن تكون من الذين يقال لهم غدا (( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم فى الأيام الخالية )) سورة الحاقة 24 وإما أن تقول ((يا حسرتى على ما فرطت فى جنب الله وإن كنت لمن الساخرين)) الزمر 56
واعلم أن ربنا جل وعلا يحثنا على المبادرة بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان ويعرض علينا أغلى وأعلى السلع بأيسر الأسعار فيقول سبحانه وتعالى في سورة الحديد في الآية الكريمة 21 (( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) وفي سورة آل عمران في الآية الكريمة 133 (( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين )) هذه هي الإعلانات الربانية في الآيات القرآنية عن المساهمة في التجارات الرابحة في الدار الباقية والجنة العالية إنه إعلان من أصدق القائلين ممن لا يضيع عنده عمل عامل، إعلان عن مساهمة تربح فيها أضعافا مضاعفة تكون الحسنة فيها بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة قال تعالى في سورة البقرة آية 261 (( ... والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم))
أرأيت أيها القارئ الكريم فوالله لو أُعلن عن مساهمة دنيوية ف شركة يحتمل أن تربح أو أن تخسر لوجدت الناس يتزاحمون على بابها لتقديم ما لديهم من أموال رجاء ربحها مع أنه ربح ظني وشره غير مأمون في حين أن المتقدم للمساهمة التي يعلن عنها رب العالمين قليل من الناس وما ذلك إلا لضعف اليقين وإيثار الدنيا على الدين إن الناس يسارعون إلى الدنيا لأنهم يعلمون أنها لا تحصل إلا ببذل الأسباب وارتكاب الصعاب فما بالهم لا يطلبون الجنة ببذل الأسباب الموصلة إليها يقول صلى الله عليه وسلم (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا وإن سلعة الله غالية إلا وإن سلعة الله الجنة) سنن الترمذي
إن لكل عامل جزاء ولكل خامل ندامة ولكل شيء في هذه الدنيا نهاية ولكل أجل كتاب وقد أعطيت يا ابن آدم إمكانيات تستطيع أن تعمل بها لنفسك في دنياك ما ينفعك في آخرتك وإن هذه الإمكانيات يوشك أن تسلب منك عما قريب فلا تستطيع حينئذ العمل فاحذر من التسويف والجري وراء الأماني الكاذبة والآمال الخادعة وانتهز ساعتك التي أنت فيها للعمل للآخرة لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث (بادروا بالأعمال سبعا: هل تنتظرون إلا فقرا منسيا أو غنى مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موتا مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة فالساعة أدهى وأمر) رواه الإمام الترمذي إنها كلمات جامعة ووصايا نافعة كل كلمة منها تحمل تحذيرا من خطر محقق إن لم يتداركه الإنسان وقع فيه إنه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف يأمرنا بالمبادرة إلى العمل الصالح قبل أن تحول بيننا وبينه القواطع المانعة وهي كثيرة إن سلم الإنسان من واحدة منها لم يسلم من بقيتها.
.. هذا والله تعالى أعلى وأعلم.