إعداد ـ هلال اللواتي:
"الرحمة الإلهية" نبض النظام الأحسن وهي زينته: إنه بناء على ما تقدم من عرض مجمل وموجز لما عليه الذات المقدسة من الكمالات غير المتناهية، يرد هذا التساؤل المهم:
بعدما خلق الله تعالى العباد وسائر الكائنات؛ فإن هذا يقتضي نحواً من التعامل معهم جميعاًً ..
- فهل "الله" تبارك وتعالى يتعامل معهم من منطلق "الغضب" و "السخط"، وبتعبير آخر نقول: أهل الأصل الأولي لله تعالى في تعامله مع عباده هو "العقاب" و "النقمة" و "استعمال العنف" و "الإرهاب" وووو إلخ، أم أن الأصل الأولي لله تعالى في تعامله مع عباده هو أمر آخر، وما هو؟!!.
- ومن أين يمكننا معرفة هذا الأمر؟!!
الجواب: لا شك ولا ريب أن أفضل مصدر لمعرفة هذه المسألة هو "كتاب الله" تبارك وتعالى، الذي صدر منه سبحانه، فهو البينات والقرارات والأحكام والمعارف والقوانين التي اعتمدها الله تعالى لهذا الوجود، فهو بمثابة دستور الوجود، فالقرآن الكريم "كاشف" عن جميع ما يريده الله تعالى، وما يحكم به، وما يختاره، وما يأمر به وما ينهى عنه، وما يحدده من المصالح والمفاسد، وكل هذا ضمن قاعدة "النظام الأحسن"، وقد مر ذكر هذا المعنى.
إن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي يستطيع إخبارنا عن هذا الأصل الأولي الذي عليه يتعامل الله سبحانه وتعالى مع العباد، وذلك لأنه كتاب الله تبارك وتعالى، وهو الذي جاء من قبله تبارك وتعالى، فهو الكتاب الرسمي عن علم الله وعن قدرة الله وعن إرادة الله وعن صراط الله وعن هداية الله ... إلخ، فكل ما تود البحث عنه عن الله تبارك وتعالى فإن أول كتاب يقودك إلى ذلك هو القرآن الكريم، وهو يحدد لك المفاتيح التي من خلالها تستطيع أن تبحث عن مفاهيمه بعمق، والحديث في هذا المجال طويل جداً وسيخرجنا عن محور بحثنا، فللوقوف على جواب هذا السؤال ينبغي أن نستنطق القرآن الكريم، فإن القرآن الكريم قد تعرض لهذه المسألة وبكل وضوح، فإلى إستنطاق هذا الكتاب العزيز ..
الأصل الإلهي الأولي في تعامله سبحانه مع العباد: فعلى ما تقدم فإن ما تفرضه المنهجية المنطقية أن نبدأ من الحديث حول الباري سبحانه وتعالى –حسبما تقرر بما مر ذكره - ، بحيث لو وقفنا على ما كتبه سبحانه وتعالى على نفسه من طريقة التعامل مع العباد وجعله اصلا أولياً، سيتضح لنا بعد ذلك المنهج الذي سيكون عليه الأنبياء والرسل وما جاءت به الكتب السماوية من تشريعات وقوانين، فالى معرفة ما كتبه الله تبارك وتعالى على نفسه، ولنقرا القرآن الكريم كي نتعرف من خلاله على ماذا اعتمده الله تبارك وتعالى في إسلوب التعامل مع العباد!، إن القرآن الكريم لم يذكر في أية آية من سوره المباركة ما يبين بما كتبه الله على نفسه سوى في آيتين؛ وكلتاهما في سورة الأنعام، وسنكمل الحديث في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.