انتشر الإسلام في أفريقيا وسطع نوره في أرجائها المترامية الأطراف ، وكان للعمانيين دور كبير ومهم في إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، فقد انساب الإسلام في سهولة ويسر مع حركة السفن والتجار العرب والعمانيين في شرق أفريقيا ، وكان العمانيون أنشط العناصر العربية التي تركت أثرا هناك .
ومن المقومات التي أعطت للدور العماني تميزه واستمراريته على السواحل الشرقية لإفريقيا:
1 ـ المقومات الطبيعية وتتمثل في شكل الساحل وطبيعة إمتداده
تمتاز عمان بطول ساحلها ،الذي جعلها تمتلك سيادة على جزء كبير من سطح المحيط الهندي ، واستغلت هذه الميزة فبرع العمانيون في صيد السمك والبحث عن اللؤلؤ ، واشتهرت منذ العصر العباسي الدرة التيمية والتي اشتراها هارون الرشيد بسبعين ألف درهم ، وكانوا نواخذة بارعين في ركوب البحر وشقوا عباب المحيط . واستطاعوا أن يمدوا نفوذهم حتى ميناء عدن عبر سواحل حضرموت .وكان لهذ ا الامتداد نتائج في بداية العصر الإسلامي حينما ارتبط أهل عمان بالفكر الأباضي .
2 ـ الموقع الجغرافي :
فهي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية ، وهي البوابة الرئيسية للخليج العربي . وكما ذكرنا كان للبحر الدور الكبير في نشر الإسلام إذ أصبحت صحار ومرباط وصور من موانئ عمان مخزنا للسلع الإفريقية التي حملت إلى دول الخليج كافة . وموقعها المميز جعلها حلقة وصل بين محاصيل وموارد المناطق المدارية والإستوائية في الجنوب وبين موارد وسلع المناطق الساخنة والباردة في الشمال .
ومرت منطقة الخليج بظروف صعبة وهي ثورة الزنج التي أحدثت اضطراباً شديداً في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ، إلا ان موقع عمان كان بمثابة بوابة عبور آمنة للسلع الإفريقية التي لم تتأثر بما جرى ، فقد كان يتم تجميع هذه السلع في ميناء صحار وبعدها يتم حمله على متن السفن .وظهر منافس قوي لعمان وهي هرمز التي كان يحكمها أمير فرض سيادته على موانئ عمان .
المقومات التاريخية والسياسية
أعطى الموقع الجغرافي لعمان شخصية مستقلة فرغم احتلال الفرس إلا أنها لم تخضع والتبعية لأية قوة من القوى السياسية التي ظهرت من منطقة الشرق الأدنى في التاريخ القديم .
وبعد ظهور الإسلام كان للعمانيين دور كبير في الفتوحات الإسلامية ، إذ تربع المهلب بن أبي صفرة مكانة عظيمة في العصر الأموي ، وكذلك القبائل العمانية كانت السباقة في المساهمة في الفتوحات.
وشهد لهم بهذا مشاركتهم في القوة الأساسية في حملة عثمان بن أبي العاص على معاقل القراصنة في المحيط الهندي بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب .
وتعرضت عمان للعديد من الحملات الهادفة إلى ضمها إلى السيطرة الأموية ،وإضطر أمراء عمان إلى الهجرة إلى شرق أفريقيا ، وأولهم سعيد وسليمان أبناء عباد بن عبد بن الجلندى ، اللذان زرعا أول بذرة عمانية في تلك البقاع البعيدة ، وعلى أيديهما بدأ انتشار الإسلام في أفريقيا .
وبدأ عصر حضاري جديد لتلك المنطقة الغارقة في ظلام دامس ، ونظرا للسياسة العباسية التي فرضت على العمانيين زاد تدفقهم إلى شرق أفريقيا من داخل عمان وخاصة بعد سقوط الإمامة الأباضية الأولى في عمان سنة 134 .
ومن منا ينسى محمد بن نور الذي عاث خراباً ودماراُ في عمان ، ولقب بابن بور بسبب حملته الشعواء زمن الخليفة المعتضد .
وفي شرق أفريقيا ظهرت مناطق إسلامية ساهم فيها فقهاء عمانيون في تعليم الأفارقة أمور دينهم ، وأسسوا مؤسسات إسلامية لتعليم أبنائهم القرآن الكريم وأصول الدين الإسلامي القويم ،ولم يبخلوا في بذل كل طاقاتهم لنشر مبادئ الإسلام السمحة والتي كان لها أثربالغ في دخول الأفارقة أفواجا .
ـ وساهم تجار عمان في عملية تسهيل نشر الثقافة والعلم في شرق أفريقيا ووسطها ، حيث أنشئت مطبعة في زنجبار للطباعة والنشر وهي المطبعة السلطانية في زمن السيد برغش بن سعيد .
ـ وللنساء دور كذلك إذ انتشرت الأزياء العربية والعمانية بين أغلب مناطق شرق أفريقيا ، من العباءات العربية حيث ارتدت الأفريقيات العباءات العربية ، وجرى انصهار بين الأسر العمانية والأسر الأفريقية مكونين مجتمعا إسلاميا لا يعرف العصبية .

عزة بنت محمد الطوقية