[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
كان متوقعا أن مصر على موعد مع موجة جديدة من الإرهاب خاصة، وأن الشعب المصري يحتفل هذه الأيام بذكريين غاليتين هما ذكرى انتصار العاشر من رمضان وذكرى ثورة الـ30 من يونيو الخالدة .. فهناك من يتربص بمصر ويريد إفساد فرحة المصريين بانتصاراتهم العسكرية والشعبية .. نعم كان متوقعا أن الإرهاب سيطل برأسه من جديد وينفذ عملية خسيسة يمكنها أن تحدث أثرا كبيرا في الداخل والخارج حتى استيقظت مصر صباح الاثنين الماضي على نبأ استشهاد النائب العام المصري "محامي الشعب" هشام بركات في انفجار سيارة مفخخة بالقرب من منزله بضاحية مصر الجديدة.
لن أتحدث عن ضعف الإجراءات الأمنية الخاصة بتأمين مواكب كبار المسؤولين المستهدفين من عناصر جماعة الإخوان .. تلك المسألة ليست مجالها الآن حيث سبق وأن حذر الإعلام المصري من وقوع عمليات إرهابية في هذا الوقت الذي يحتفل فيه المصريون بذكرى انتصاراتهم، وطالب الجهات الأمنية بضرورة توخي الحيطة والحذر واتخاذ أقصى درجات اليقظة حتى لا يفاجأ الشعب المصري بعمل إرهابي خسيس يفسد احتفالات المصريين ولكن رغم ذلك حدث ما حدث!
السؤال: ما الذنب الذي اقترفه النائب العام المصري المستشار هشام بركات حتى تغتاله يد الإرهاب بكل خسة ونذالة وهو صائم في نهار رمضان في طريقه إلى عمله؟! أي دين يبيح ذلك؟ هل ذنبه أنه أحال الرئيس المعزول محمد مرسي وإخوانه من أعضاء جماعة الإخوان المتهمين في العديد من القضايا إلى المحاكم الطبيعية العادية لتنظر في أمرهم طبقا للقانون خاصة وأن أوراق تلك القضايا تثبت بالدليل القاطع تورطهم فيها؟! وما ذنبه والمحاكم نفسها التي نظرت تلك القضايا أصدرت حكمها بالإعدام والمؤبد للرئيس المعزول ومن معه من قيادات جماعة الإخوان في قضيتي اقتحام السجون والتخابر مع جهات أجنبية؟!
هل كانت جماعة الإخوان تمنى نفسها بالبراءة وتريد الإفلات من العدالة رغم كل ما اقترفته من جرم في حق الدولة المصرية؟ لقد اغتالت هذه الجماعة النائب العام المصري بعد مرور 24 ساعة فقط على إيداع محكمة جنايات القاهرة حيثيات حكمها في قضية التخابر مع منظمات وجهات أجنبية المتهم فيها الرئيس المعزول "مرسي" وعدد من قيادات الجماعة على رأسهم المرشد محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر والتي أثبتت المكالمات المسجلة في تلك القضية تخابر قيادات الإخوان مع جهات أجنبية لتقسيم مصر وتسليم جهات أجنبية بعينها تقارير سرية تتعلق بالأمن القومي المصري، وأن التنظيم الدولي للإخوان كما جاء في الحيثيات قاد الفوضى لإسقاط الدولة المصرية والاستيلاء على السلطة .. فماذا كان يريد الإخوان بعد كل هذه الدلائل التي تدينهم طبقا للقانون إدانة كاملة؟!
الغريب هو صمت وسائل الإعلام الغربية على جرائم الإخوان ومحاولة تبرير تلك الجرائم باعتبارها تمردا وعلى نقيض الاعتداءات التي استهدفت الكويت وتونس وفرنسا الجمعة الماضية التي وصفتها بالإرهابية اكتفت وسائل الإعلام الغربية بوصف حادث اغتيال النائب العام في مصر بـ"الهجوم" دون الإشارة إلى الطبيعة الإرهابية لهذا الاعتداء .. وأصرت وسائل الإعلام الغربية وعلى رأسها هئية الإذاعة البريطانية "BBC" ووكالة الآسيوشيتد برس وصحيفة وول ستريت جورنال وشبكة "CNN" الأميركية على الإشارة إلى أن النائب العام المصري كان قد أحال آلافا من جماعة الإخوان إلى المحاكمة بعد الإطاحة برئيسهم محمد مرسي وصدور أحكام بالإعدام على المئات منهم وقالت "BBC" أن المئات من الإخوان ممن تمت إحالتهم للمحاكمة تلقوا أحكاما بالإعدام أو السجن مدى الحياة كجزء من حملة القمع التي استهدفت أنصار جماعة الإخوان، وأضافت أنه في المقابل صعدت الجماعات المسلحة هجماتها ضد قوات الأمن المصرية .. وأشارت إلى أن النائب العام المصري تلقى تهديدات سابقة بالقتل. كما أصدرت جماعة أنصار بيت المقدس بيانا الأحد الماضي حثت فيه على شن هجمات تستهدف القضاة بعد إعدام 6 متهمين في القضية المعروفة باسم "عرب شركس"، ويذكر أن ثلاثة قضاة قتلوا بالرصاص في شمال سيناء منتصف مايو الماضي وهو اليوم الذي تم فيه إصدار الحكم بإعدام الرئيس المعزول محمد مرسي في قضية اقتحام السجون!
الإعلام الغربي يرى في اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات تصعيدا من جانب من أسماهم بالمتشددين الإسلاميين ضد القضاة واعتبر هؤلاء المتشددين مجرد معارضين للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورأت وكالة "رويترز" أن دعوة جماعة أنصار بيت المقدس في سيناء لقتل القضاة وحمل السلاح ضد الدولة بأنها فتح جبهة جديدة في التمرد الإسلامي معتبرة ما تواجهه مصر في سيناء من إرهاب وتطرف بأنه تمرد أودى بحياة المئات من الجنود وقوات الأمن منذ الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي.
عموما تخطئ الجماعات الإرهابية إذا ادعت أنها حققت انتصارا باغتيال المستشار هشام بركات؛ لأن اغتياله لن يوقف سير العدالة بل قد يكون الوقود والنار التي ستحرقهم، وهذا ما ألمح به الرئيس المصري خلال تشييع جثمان الفقيد حيث طالب بالعدالة الناجزة وسرعة تنفيذ الأحكام، وهو نفس مطلب الشعب المصري الذي ضاق ذرعا من إطالة محاكمة المتهمين من جماعة الإخوان، حيث يرى العديد من المصريين أن تنفيذ أحكام الإعدام في قادتهم سيخرس أنصارهم الذين هم خارج أسوار السجون.