[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/fayzrasheed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. فايز رشيد[/author]
”ما كان لكل هذه المظاهر من التضامن الشعبي الدولي مع القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية ان تكون بهذا الحجم، لولا الارتفاع المتزايد والمتدرج في حجم المتضامنين مع قضايانا في دول العالم. بجهود الهيئات المعنية الفلسطينية العربية والدولية الصديقة ..كما يمكن لأعداد هؤلاء أن تتضاعف مرارا بمزيد من الجهدً..... كما تتزايد حملات مقاطعة الكيان,”
ـــــــــــــــــــــــــــــ
طيار إيطالي أعلن للركاب على طائرته لحظة وصوله مطار تل أبيب: "أهلا بكم في فلسطين"! كان ذلك في 6 مايو/أيار الماضي! نفس اليوم الذي احتفل فيه الكيان بما يسمى بـ" ذكرى استقلاله". من قبل فعلها طيار فرنسي عام 2000. أيضا وبعد أن وضعت العراقيل أمام سفرهم في البحر إلى غزة من خلال أسطول الحرية 3، هاجمت الدولة الصهيونية إحدى السفن "ميريان" وقادتها إلى ميناء أسدود, ثم صادرت محتوياتها من الأغذية والأدوات الصحية اللازمة لتشغيل مستشفيات القطاع، التي تعاني نقصا حادا في التجهيزات بفعل الحصار، وقامت باعتقال كل من فيها ولا تزال تخضعهم للتحقيق على أيدي عصاباتها الأمنية، ومن ضمنهم الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي. الدولة الصهيونية جُنّ جنونها فقد أعلنت قواتها البحرية حالة تأهب تحسبا لدخول سفن الأسطول، إلى شعبنا المُحاصر في القطاع للعام الثامن على التوالي.
سبق وأن قامت إسرائيل بمهاجمة أسطول الحرية 2 واقترفت إنزالا لجنودها على السفينة "مرمرة"، وقتلت عشرة أتراك. وسبق أنها استبقت مجيء متضامنين مع القضية الفلسطينيين بواسطة الجو، ومن أجل ذلك أعدّت قوائم بأسماء 347 مسافراً متوقعاً وصولهم ووزعتها على شركات الطيران، وطلبت عدم الموافقة على سفرهم إلى تل أبيب. المستغرب كان تواطؤ عدة شركات مع التوجهات الإسرائيلية والامتثال لأوامرها، إذ منعت تلك المطارات، العشرات من اؤلئك المتضامنين من السفر على متن طائراتها في مختلف المطارات الأوروبية، رغم شرعية وثائقهم وعدم وجود مبرر قانوني لمنعهم من السفر، الأمر الذي دعا العديدين منهم إلى التظاهر في تلك المطارات احتجاجاً على المنع.
بالمقابل اعتقلت قوات الأمن الإسرائيلية ما ينوف عن المئتي ناشطاً وناشطة من المتضامنين كانوا قد وصلوا إلى مطار تل أبيب من عواصم مختلفة، وقامت بنقلتهم بواسطة عناصر سلطة السجون الإسرائيلية إلى معتقل المطار، وطردتهم إلى بلدانهم. لعل الحادثة الأبرز كانت اغتيال المتضامنة الأميركية ريتشيل كوري، فقد قام سائق جرار صهيوني بدهسها عمدا، عندما وقفت أمام الجرافة، في محاولة منها لمنع هدم بيت بسيط لعائلة فلسطينية. الغريب أن ما يسمى بـ "القضاء الصهيوني" برأ سائق الجرافة من تهمة قتل الناشطة تحت مبرر "الدفاع عن النفس"!؟، تصوروا عذرا أقبح من ذنب!.
رغم كل الإجراءات القمعية الصهيونية آنذاك، استطاع مئة من المتضامنين الأجانب القادمين من بلجيكا وفرنسا الدخول من المطارات الإسرائيلية، والتوجه إلى الضفة الغربية والمشاركة في مظاهرة بلعين الأسبوعية في الدفاع عن أراضي القرية. إسرائيل أصيبت بارتباك ظهر واضحاً في عناوين ومقالات الكتّاب في الصحف الإسرائيلية آنذاك، ومنهم الصحافي ناحوم بادنيا الذي كتب في صحيفة يديعوت أحرونوت قائلاً"لجأت الحكومة الإسرائيلية إلى لعبة التخويف لأناس لا يخافون، فالمتظاهرون سيجتاحون إسرائيل بأعداد غفيرة ويتسللون إلى المطار ويتوجهون إلى القدس وبيت لحم ... ماذا نفعل؟ ماذا نفعل؟.
إسرائيل حاولت الظهور بمظهر قوي، لكن في حقيقة ما اتخذته من إجراءات قمعية تجاه وفود كل المتضامنين السلميين مع قضيتنا وشعبنا، تعبر عن ضعف في الحجج، وعن فاشية جديدة مجرمة، وعن جرائم نازية وإرهاب دولة تمارسه مجموعة عصابات تتربع على سدة الحكم، في دولة مصيرها إلى الزوال كحتمية تاريخية..المتضامنون قديما وحديثا الآتون إلى فلسطين.. لا يحملون سلاحاً سوى إيمانهم بعدالة القضية الفلسطينية، وسوى احتجاجهم وشجبهم للاحتلال ولكل مظاهر القمع والمذابح الصهيونية بحق الفلسطينيين، هذه الإجراءات البعيدة بعد السماء عن الأرض عن الديموقراطية التي تدّعيها إسرائيل،لا تعكس سوى المأزق السياسي الذي وصلت إليه الدولة الصهيونية، ومدى تحديها للمجتمع الدولي وإصرارها على مواصلة الاحتلال، فمن النشاط الدبلوماسي والآخر التآمري، الإرهابي، التخريبي، نجحت إسرائيل وضغوطاتها بواسطة حليفتها الاستراتيجية في منع أسطول الحرية من الإبحار إلى غزة في مرته الأولى، ومنعت بالقوة بعض المتضامنين الدوليين من الوصول إلى المناطق الفلسطينية لإظهار التضامن مع شعب محتل، لكنها من جانب آخر خسرت كل المعارك الإعلامية ضد المتضامنين، فبوسائلها القمعية بدت إسرائيل على حقيقتها وأدى ذلك إلى المزيد من انكشافها أمام العالم كدولة مارقة لا تراعي حقوقاً إنسانية ولا قوانين دولية. ومن جانب ثان: يزداد في كل مرة يمنع فيها الكيان متضامنا من الوصول إلى المناطق المحتلة، حجم التعاطف الدولي وخاصة على صعيد الشعوب الأوروبية وبالتحديد بين الشباب، الذين يتطوعون بالمئات والآلاف للسفر إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
العديدون من المصورين والصحفيين الأجانب والمراسلين قُتلوا أو جُرحوا أو أُبعدوا وهم يغطون الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين. إسرائيل تمنع الكثيرين من المتضامنين من دخول إسرائيل لأنها تضعهم على القوائم السوداء للممنوعين من الدخول. إسرائيل تعتقل الكثيرين والكثيرات من هؤلاء احتجاجاً على مساعدتهم للفلسطينيين، مثلاً في جني محصول الزيتون في كل عام. هذه هي إسرائيل التي يخشى الكثيرون من قادتها زيارة الكثير من العواصم الأوروبية، بسبب الدعاوى المرفوعة عليهم في تلك، بموجب التهم الموجهة إليهم بارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.
ما كان لكل هذه المظاهر من التضامن الشعبي الدولي مع القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية ان تكون بهذا الحجم، لولا الارتفاع المتزايد والمتدرج في حجم المتضامنين مع قضايانا في دول العالم. بجهود الهيئات المعنية الفلسطينية العربية والدولية الصديقة ..كما يمكن لأعداد هؤلاء أن تتضاعف مرارا بمزيد من الجهدً..... كما تتزايد حملات مقاطعة الكيان، ومستجدها مقاطعة " كنية المسيح المتحدة " الأميركية للكيان ورد الفعل الصهيوني العنيف على هذه الخطوة. للعلم الكنيسة هي اتحاد كنائسي للطوائف الإنجيلية والبروتستانتية تضم في عضويتها 1.7مليونا من البشر.
كل التحية للمتضامنين مع شعبنا ولمقاطعي دولة الكيان ..وقفة إجلال لهم.